تبدو الحركة الإسلامية اليوم وللمرة الأولى (ربما) بعد أكثر بعد 65 سنة من تأسيسها، تعكس حالة وتوجهات ورغبات واختراقات من خارج جسمها التنظيمي ومن خارج الأردن أيضا، وبالطبع فإنها حالة تدعو إلى القلق عندما يتحول تجمع سياسي واجتماعي كبير إلى حراك لا يعبر عن الجدل الداخلي الحقيقي أو التطلعات والاحتياجات التي ينتظرها المواطنون من وراء المشاركة السياسية والعامة لحزب جبهة العمل الإسلامي والحركة الإسلامية بعامة.
ستصبح مواقف الحركة الإسلامية وقراراتها ومشاركتها السياسية مشوبة بالظن والاحتمال أنها تعكس مؤثرات خارجية ورغبات إقليمية، وأنها تمضي بتعليمات ورسائل يوصلها حراس مقام سيدي الصراف (الذي دفناه معا) ولدينا من التجارب والإشارات ما يكفي للقلق والتخوف بأن نعود بالعمل العام والجدل الوطني إلى صراعات وتدخلات إقليمية.
يحتاج الطارئون على الحركة الإسلامية أن يفهموا بأن سر قدرة الحركة الإسلامية على مواصلة العمل العلني وكسبها الاحترام الشعبي والرسمي يعود إلى بقائها حركة وطنية بمعنى عدم التأثير الخارجي المباشر على تشكيلها وقراراتها وأفكارها أيضا، وأنها ظلت على مدى خمسين عاما في معارضتها وتأييدها، وتشددها واعتدالها، وخطئها وصوابها تمضي في تفاعلات داخلية وطنية أو تنظيمية، وأنها بتحولها إلى فصيل تابع لدول وفصائل في الخارج تمضي بنفسها وبمجتمعها وبلدها إلى المغامرة والمجهول، حتى لو سلكت مواقف سياسية معتدلة ومؤيدة تماما للحكومة، فسوف ينظر إليها باستمرار حتى لو كانت النظرة مستمدة من تقدير خاطئ بأنها تعكس إملاءات وتعليمات خارجية، ولم نعد بحاجة إلى أدلة وأمثلة تؤكد أننا مضينا خطوات في هذا الاتجاه، فالأزمة لم تبدأ بالأمس ولكن عمرها لا يقل عن 25 سنة، وبدأت تتسرب وتظهر في وسائل الإعلام منذ أكثر من عشر سنوات، والأزمة القائمة اليوم تعبر في الحقيقة عن وصولها إلى اليأس والصراع النهائي والمصيري بين فئتين في الحركة الإسلامية، إحداهما تريدها أردنية علنية، وأخرى تريدها تابعة لجهات خارجية، وأقحم المقدس في الصراع برغم أنه ليس موضعا للجدل والاختلاف.
كيف سننظر إلى مرشحي الحركة الإسلامية للانتخابات النيابية المقبلة؟ ومع من سيتفاوض مرشحو رئاسة مجلس النواب في محاولتهم لاجتذاب تأييد نواب الحركة الإسلامية؟ كيف ينظر قادة سياسيون ونواب إلى أنفسهم وهم يشغلون مواقعهم بقرارات وتعليمات سرية؟ كيف سيواصل أعضاء جماعة الإخوان المسلمين احترامهم لأنفسهم واعتزازهم بعملهم التطوعي والدعوي، وهم اليوم يتساءلون عن شرعية العضوية والقيادة في الجماعة ومدى تعبيرها عن الفكرة الأساسية للجماعة؟

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  ابراهيم غرايبة   جريدة الغد