كهرباء وماء.. ووعود كاذبة

يقول مسؤول حكومي مهم، إن مواطنا تمكن من سرقة نحو مليون متر مكعب من المياه على مدى سنوات، وجعل من هذا المسلك بابا للكسب غير المشروع أمام أعين الحكومة والمسؤولين والأمن الذين عجزوا عن وقف مثل هذه الممارسات المخالفة للقانون.

 

السارق مستمر في فعلته حتى الآن، والحجة أن الأجهزة الأمنية عاجزة عن ضبطه ومحاسبته، رغم أن تأثير الجريمة التي يرتكبها لا يتوقف عند حدود تجاوز القانون، بل هو تطاول على حق الغير في الحصول على شربة ماء.

 

"الحرامي" ليس الوحيد، بل ثمة كثر مثله؛ أدت مسلكياتهم إلى زيادة مشكلة نقص المياه، وخلق حالات من الاستغلال للآخرين، خصوصا أن المعتدين على المياه يعتبرون هذا العمل شكلا من أشكال الاستثمار وحصد المال، من خلال بيعه للغير بأسعار مرتفعة.

 

المسؤول يقدر الدخل السنوي "للمعتدي" بعشرات آلاف الدنانير. وهذا سلب لا يجوز السكوت عنه أمام أنظار الجميع، ودليل على نقاط ضعف في تطبيق القانون لكل من يتجاوزه.

 

التقصير الوحيد ليس هنا؛ فمنذ سنوات، وحينما وقعت أزمة المياه في منشية المفرق، وحدثت حالات التسمم، خرجت دراسة رسمية تطالب بتغيير شبكات المياه المتهرئة، والتي يتسبب قدمها في تلوث المياه، وضياع نسبة كبيرة منها.

 

الدراسة، للأسف، بقيت حبيسة الأدراج، ولم يتم الالتزام بها، رغم التحذيرات الكبيرة التي أطلقتها من إمكانية تفاقم مشكلة المياه ونقصها مستقبلا؛ إذ أنفقت الحكومات مليارات الدنانير على قطاع المياه بدون أن تحدث أثرا ملموسا في خلق واقع مائي أفضل، ووضع سياسة تناسب وضع الأردن الذي يعد ثالث أفقر دولة في المياه على مستوى العالم.

 

المشكلة تتسع، ومدى خطورتها وتبعاتها يزيد، إلى درجة أن صارت مصدرا للعنف والمشاكل والاحتجاج. وهذا مثال على ما زرعته الحكومات السابقة، وما نجنيه اليوم.

 

القطاع الآخر الذي طالما حذر الخبراء من خطورة إهماله هو توليد الكهرباء. إذ دُقت أجراس إنذار كثيرة تحذر من تبعات إهمال هذا الملف الذي بدأت تجلياته تظهر في السنوات الأخيرة، حينما تراجع عدد مشاريع توليد الكهرباء وقدرتها التوليدية مقارنة بالحمل الكهربائي المطلوب، والذي تزايد بدرجة كبيرة منذ قدوم العراقيين إلى المملكة، وتزايد النمو السكاني؛ إذ نمت معدلات الاستهلاك إلى مستويات فاقت التوقعات الرسمية، وتجاوزت حجم العرض. منذ ذلك الحين والدعوات متوالية لإنشاء مشاريع توليد جديدة، تواكب النمو في الطلب، بحيث نحمي الأردن من أن يصبح لبنان جديدا فيما يتعلق بقطاع الكهرباء، لكن دون مجيب! إذ ظلت الاستجابة للمطالب متواضعة، حتى جاءت اللحظة الصعبة، وصار الأردنيون يعانون من انقطاعات الكهرباء نتيجة نقص الإنتاج وإهمال المسؤولين وافتقادهم إلى الرؤية التي تحرص على المصلحة العامة.

 

الكهرباء والماء ومستوى الخدمة الرديئة التي تقدم في هذا الجانب، دليل إدانة للحكومات الكثيرة التي مرت على الأردنيين، كونها تكشف التقصير الذي اعترى سياساتها، فلم تتمكن من اتخاذ إجراءات تقي البلد من تفاقم مثل هذه المشاكل التي تمس حياة الناس مباشرة، وتؤثر فيها، وتشكل عمادا أساسيا في الأمن المجتمعي والاقتصادي للأسر. 

 

مسؤولون كثر كانوا يحاججون بأن كل ما يقومون به يهدف إلى تحسين حياة الناس وتوزيع مكتسبات التنمية بعدالة، من خلال الارتقاء بمستوى الخدمات، فأين ذهبت كل هذه الوعود؟ وأين تبخرت كل المليارات، وآلاف العائلات الأردنية اليوم بلا ماء ولا كهرباء؟!

 

المدنية نيوز.


المراجع

almadenahnews.com

التصانيف

جمانة غنيمات  صحافة   المدينة نيوز   الآداب   العلوم الاجتماعية