د. سعد بن تركي الخثلان
وننتقل بعد ذلك للصناديق الاستثمارية والتي حقيقة مرتبطة..، الكلام فيها مرتبط بهذه المسألة ويكثر السؤال عنه، قد وردنا في درس الأمس سؤال عن هذه الصناديق وأرجأنا الإجابة عنه إلى هذا الدرس.فنبدأ أولا بتعريف الصناديق الاستثمارية وإعطاء نبذة عنها، قبل أن نبين حكمها.فعرف الصندوق الاستثماري بأنه: وعاء مالي لتجميع مدخرات الأفراد واستثمارها، من خلال جهة ذات خبرة، وقيل في التعريف: إنه وعاء لاستثمار له ذمة مالية مستقلة يهدف إلى تجميع الأموال واستثمارها. وعرفه النظام السعودي عرف صناديق الاستثمار بأنه: برنامج استثمار مشترك ينشئه البنك المحلي بموافقة مسبقة من مؤسسة النقد العربي السعودي بهدف إتاحة الفرصة للمستثمرين للمشاركة جماعيا في نتائج أعمال البرنامج، وتتم إدارته من قبل البنك مقابل أتعاب محددة.
هو في الحقيقة بمثابة وعاء استثماري يتم من خلاله يعني يضع العميل ماله في هذا الوعاء ويقوم البنك بتشغيله ويأخذ مقابل أتعابه ويعطي الأرباح لهذا العميل.مثال ذلك تذهب مثلا للبنك تقول لهم: هذه عشرة آلاف ريال ضعوها في الصندوق الاستثماري الذي يعمل في كذا، وهم يأخذون مقابل أتعابهم في إدارة هذا الصندوق ويعطونك أرباحا إذا ربح.وقد انتشرت الصناديق الاستثمارية في جميع أنحاء العالم، وأول ما نشأت في إنجلترا في بريطانيا عام 1870 للميلاد ولا أدري كم، مفترض أن يكون تاريخ بالهجري لكن المراجع التي بين يدي يعني ما وجدت إلا بالتاريخ الميلادي فنشأت عام 1870 ميلاديا، ثم انتشرت في جميع دول العالم، وأما في المملكة فبدأت الصناديق الاستثمارية عام 1979 ميلاديا في البنك الأهلي بصندوق الدولار قصير الأجل وزاد اهتمام البنوك في الفترة الأخيرة بتأسيس تلك الصناديق، واتجه لها كثير من الناس الآن، ووجد في البنوك صناديق استثمارية قسموها إلى قسمين صندوق مش عارف صندوق شرعي وهذا صندوق يعني تقليدي أو غير شرعي.ويعنون بالشرعي أنه يتعامل من خلال إشراف هيئة شرعية والآخر لا يتعامل بإشراف هيئة شرعية، وهذه الصناديق في الحقيقة لها أنواع ليست خاصة يعني بالأسهم فهناك صناديق الاستثمار التي تتعامل بالأسهم،
وهناك صناديق الاستثمار التي تتعامل بالعمولات، وصناديق استثمار تتعامل في أنشطة أخرى، ليست خاصة بالأسهم ولكن المشهور الآن من هذه الصناديق والذي نعنيه بالحديث الآن هو الصناديق الاستثمارية الخاصة بالأسهم.فكرة الصناديق الاستثمارية في الحقيقة هي فكرة جيدة لو أنها سلمت من التعاملات الربوية فهي تهدف في الحقيقة إلى تجميع الأموال بهدف الاستثمار الجماعي في برنامج استثماري مشترك، يمتلك هذا المستثمر حصة مشاعة في أصول هذا الصندوق، وهي كما ذكرت لو أنها خلت من التعاملات المحرمة تساهم في تنمية الاقتصاد والسوق المحلية،
وتعتبر أداة لتحريك الاستثمارات والأموال الجامدة، وتؤدي إلى استفادة المستثمرين خاصة صغار المستثمرين من أموالهم فيضع أمواله في هذه الصناديق وتدر عليه أرباحا من حين لآخر، وربما تكون هذه الأرباح كبيرة كما هو عليه الحال الآن في بعض الصناديق الاستثمارية.أما التكييف الفقهي لها فهي قيل فيها: إنها مضاربة. وقيل: وكالة بأجر. العلماء المعاصرون كيفوها على أنها إما مضاربة، فأنت منك المال والبنك منه العمل، فتكون شركة مضاربة، أو أنها وكالة بأجر وكلت البنك على أن يدير هذه الأموال بأجرة.وعلى كلا التقديرين فإن المضاربة والوكالة بأجر جائزان شرعا فيكون الأصل في هذه الصناديق الاستثمارية الجواز.ولكن إذا نظرنا إلى واقع هذه الصناديق الاستثمارية وأعني بها الخاصة بالأسهم نجد أن هذه الصناديق واقعها في الحقيقة واقع مؤسف فكما ذكرت هي تنقسم إلى قسمين:القسم الأول: صناديق لا تشرف عليها هيئات شرعية وهذه الصناديق محرمة؛
لكونها تتعامل بأسهم شركات محرمة، وأيضا ربما تتعامل بسندات وتتعامل بتعاملات محرمة، ليس الوقت يعني المجال مجال تفصيلها.أما الصناديق الأخرى التي تشرف عليها بعض الهيئات الشرعية مثل صندوق مثلا الرائد، الأمانة، وهذه الصناديق الحقيقة أنها تتعامل مع جميع الشركات المساهمة، أو ما يسمى بالمجموعة السعودية، فمعنى ذلك أنها تتعامل مع الشركات النقية والشركات غير النقية، والهيئات الشرعية التي تشرف على هذه الصناديق تتبنى القول الأول في حكم الشركات المختلطة التي أصل تعاملها مباح ولكنها تتعامل بالربا، والهيئات الشرعية التي تشرف على هذه الصناديق تجيز الدخول في الشركات التي تتعامل بالربا إلى ثلاثين في المائة من القيمة السوقية، ومعنى ذلك أن معظم الشركات المساهمة تدخل في هذا، وبناء على القول الذي ترجح رجحناه قبل قليل قلنا: أنه هو الذي عليه المجامع الفقهية واللجنة الدائمة للبحوث العلمية الإفتاء قلنا: إنه لا يجوز الدخول في الشركات التي تتعامل بالربا ولو بنسبة واحد بالمائة، بناء على ذلك نقول: إن الصناديق الاستثمارية محرمة بناء على هذا؛ لأنها تتعامل مع شركات تتعامل بالربا، تتعامل مع شركات مساهمة تتعامل بالربا،
فهي بناء على التأصيل السابق تكون محرمة لهذا السبب.ومن أجازها من العلماء فكما ذكرت تبنوا القول الأول، وهو جواز الدخول في الشركات المساهمة إذا كانت تعاملاتها الربوية لا تزيد على ثلاثين بالمائة، وسبق أن بينا أن هذا قول مرجوح، وأن القول الراجح الذي عليه أكثر أهل العلم وهو الذي يقتضيه الدليل والقواعد الشرعية أنه لا يجوز الدخول في الشركات التي تتعامل بالربا ولو بنسبة قليلة.وحينئذ أقول إن الصناديق الاستثمارية الموجودة الآن بواقعها الحالي لا يجوز الدخول فيها، وذلك لأنها تتعامل مع شركات تتعامل بالربا، تدخل في أسهم شركات تتعامل بالربا، لكن نرجو في المستقبل أن توجد صناديق استثمارية تختص بالشركات النقية، ولا تدخل في الشركات التي تتعامل بالربا نرجو أن يحصل ذلك في المستقبل، ولكن هذا الحكم هو بناء على واقع الصناديق الاستثمارية الآن.فنقول الصناديق الاستثمارية الآن الواقع الموجود نقول: إنه يحرم الدخول في هذه الصناديق بناء على القول الراجح، وهو أنه لا يجوز الدخول في الشركات المساهمة إذا كانت تتعامل بالربا ولو بنسبة قليلة،
ونكتفي بهذا القدر في هذا الموضوع ونسأل الله عز وجل للجميع العلم النافع والفقه في الدين والتوفيق لما يحب ويرضى.س: أحسن الله إليكم وأثابكم، فضيلة الشيخ الأسئلة الحقيقة كثيرة جدا فلعل الشيخ جزاه الله الخير يعني سيأخذ كثيرا من هذه الأسئلة، ولعله يتكرم بالنظر في أهمها والإجابة عليها إجمالا؛ لأن عرضها جميعا أظنه من الأمر المحال، يعني ربما تنتهي الدورة ولا نستطيع عرض الأسئلة كلها.هذا سائل يقول: ما معنى الكمبيالات بالتحديد؟ج: الكمبيالات هي نوع من أنواع الأوراق التجارية، وسوف نشرح إن شاء الله في درس قادم، سوف نشرحه في درس قادم إن شاء الله تعالى ونبين إن شاء الله تعالى بالتفصيل، ويعني كانت رسالة الدكتوراه في الأوراق التجارية، ومنها الكمبيالات بحثتها بشكل مفصل وسوف آتي بخلاصة الكلام فيها حقيقتها والتكييف الفقهي لها، وحكمها الشرعي، سوف نأتي بها إن شاء الله تعالى في درس قادم.س: أسئلة كثيرة حول شركة المراعي وجواز المساهمة فيها؟ج: شركة المراعي عندها قروض ربوية بنسبة كبيرة تصل إلى عشرين في المائة أو تزيد،
ولذلك فإنه لا يجوز الدخول فيها؛ لأنها تتعامل بالربا، تتعامل بقروض ربوية والنسبة فيها كبيرة في الحقيقة.درس بعض الإخوة درسوا القوائم المالية ونشرة الإصدار الصادرة عنها وجدوا أنها عندها قروض ربوية تزيد على عشرين في المائة، ولذلك نقول إنه لا تجوز المساهمة فيها.س: أيضا أسئلة كثيرة حول بنك الراجحي، وهل هو إسلامي، وهل يجوز المساهمة فيه؟ج: نعم، بنك الراجحي هو يعتبر بنك إسلامي وعليه هيئة شرعية من نخبة من العلماء المتخصصين في الأمور الشرعية، وهو أفضل البنوك الموجودة الآن في الحقيقة.قد يكون هناك بعض الإشكالات موجودة في البنك ومنها مثلا أن الهيئة الشرعية ترى القول الأول وهو جواز الدخول في الشركات التي تتعامل بالربا إذا كانت النسبة لا تزيد على ثلاثين في المائة، و يعني هذا قول - على كل حال - قول بعض أهل العلم، وذكرنا أنه أيضا قال به من العلماء الكبار الشيخ محمد بن العثيمين رحمه الله، فعندهم يعني هذه الإشكالات، وقد يكون عندهم إشكالات في التعامل في الخارج لكن وضعوا حسابا يتخلصون فيه من الربا، لكن بكل حال يعتبر هو أفضل البنوك الموجودة الآن، وهناك أيضا بنك البلاد يعتبر أيضا بنكا إسلاميا وقد حضرت لقاءا تعريفيا بهذا البنك،
والقائمون عليه حريصون جدا على عدم الدخول في أي تعامل محرمة، ولكن كما ذكرت في درس سابق تبقى الإشكالية بالنسبة لأسهم بنك البلاد في أنه لا يجوز تداول أسهم بنك البلاد حتى تكون موجوداته أكثر من النقود، لا بد أن تكون موجودات البنك أكثر من النقود، أما إذا كانت النقود أكثر من الموجودات أكثر من أعيان البنك فتصبح المسألة مسألة بيع نقد بنقد مع التفاضل، وهذا هو الربا الصريح، ولذلك نقول: إنه لا بد من التأكد من أن موجودات البنك أكثر من النقود، وقد سرنا القرار الذي صدر عن البنك الأهلي، القاضي بتحويل البنك الأهلي إلى بنك إسلامي مع نهاية هذا العام، جميع فروع البنك تتحول إلى فروع إسلامية، ويتحول البنك بكامله إلى بنك إسلامي، والبنوك الأخرى في طريقها للتحول إن شاء الله تعالى. أحسن الله إليكم وأثابكم ونفعنا بكم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المراجع
taimiah.org
التصانيف
عقيدة إسلامية عقيدة معاملات إسلامية