هيأت منهلك
هيأت أثمارك
طرزّت منزلك
باليلك الدامي
فكان منتهاك , كان أوّلك
تعال أيّها الملك
تعال من جرش
تعال من صبرا
تعال أيّها الملك
عيناي لك
وساعداي لك
والقلب يا معذّبي وما ملك
تعال كي أقبّلك
تعال أيّها الملك
خارج الكلام
خارج الجدل
خارج السروة المخيّمة
خارج الأحراش
خارج الشجر فيه
كانت تتكيء على رمح ذكرياتها
وترى إلى دم الأشياء
ترى إلى دم الأيام
ترى إلى النسيان
ترى إلى الخطى التي إمّحت
ترى إلى عينيّ كيف غامتا
في حضرة المكان
ترى وجودها
وحين زاد الصمت
واتّسعت هذي الرقعة
اتّسعت نظرتها
كانت أنوار البقعة
تصعد من خاصرة السفح إلينا
كان الجبل يعود إلى هيئته الأولى
والغابة تتزّين بالألوان
أخذت تركض
تركض في الريح
تركض كغزالة
تركض بين الأغصان
أو تتوقّف كي تنشد موّالا
أو أغنية
كانت تولد ثانية في عائلة أخرى
تدخل بيت الذكرى
تضحك في خفّة
كانت تنظر غربا , نحو الضفّة
آن توقّف سيل الضحك الرنّان
و توقّف في نظرتها الجبل ,
توقّف شلاّل الحركة
نهدت للصمت بلا توقيت
وبكت في عينيها الأشياء
أشربك الآن على جرعات
أشربك الآن
غصنا ملآن
وأرى كيف تجلّلك النيران
يا امرأتي
وأنا زوجك وابنك وأرى
كم تتوزّع فيك الأرض
بهجتها وأساها
تتوزّع فيك البلدان
تتألق فيك الطرقات
يتألق فيك الأطفال حنونين ,
وتبتهج الغابات
يتألق هذا الورد
وأراك بلا حد
كيف أقبّل هذي الوجنة , هذا الخد
كيف تراني منتشرا في الأنحاء ,
ولا يد
وبساتين حبيبي تمتدّ
أشربك الآن على جرعات
أشربك الآن
أشربك حنينا ,
أشربك حياة
أشرب هذا الألق الريّان
والفرح الرنّان
نشرب هذا الكوب على مهل ,
نحن الإثنان
كانا على الشرفات طيفين
قرأ كتاب ( الغور ) ألفين
والريح من بين إلى بين
عصفت بحلمها فيا عيني
ما عاد بالشبّاك أو عادت
ما عاد طيرهما يغنّينا
ما عاد هذا الأفق نسرينا
هل كان في الأيام أم فينا
موت الهديل فآه يا عيني
ما عاد بالشبّاك أو عادت
ذهبت إلى أقفالها أمّي
وألغيت فيّاض ولا يهمي
وتجمّلت بيارق الهمّ
جمل المحامل ضاق يا عيني
ما عاد بالشبّاك أو عادت
وأخيرا يا جرش
وأخيرا يا أحبائي , أخيرا يا دمي
وأخيرا يا بنات
وأخيرا أيّها السرو الذي غطّى الرفات
أيّها الديجور , والبلّلور ,
يا اسفلت , يا منعطفات
يا أخي النائم , يا إبرة أمي ,
يا ثيابي
يا رغيف الخبز في البيت ,
إذا ما القلب جاع
يا شعاع
أيّها الكاتب والقارىء والأميّ والجنديّ ,
والدفلى
ويا صمت الملاك
أيّها الحارس يا عاديّ ,
يا حلو ,
أخيرا سيّداتي سادتي
يا رماحا كسّرت , أو لم تكسّر
يا رياحا وصدورا عرّيت ,
يا طعنات
يا لصوص
أيّها العشّاق , يا فستان , يا قمصان إخوتي , يا ماء
أيّها العصفور , يا أفق , أخيرا , يا جرش
أيّها الصيّاد , يا أولاد , يا حبّ ,
أخيرا يا ولد
أيّها الراقص والقنّاص والمقلاع , يا نعناع ,
يا كرم , أخيرا يا أجاص
يا نهار الحب , يا شبّاك ,
يا صدر فتى ,
يا صبيّة
يا سفرجل
وأخيرا يا بلد
وأخيرا أيّها الأسبوع , يا مجموع ,
يا ناس الأحد
وأخيرا يا جرش
جئت لم تحمل يدي إلا يدي
لأغني
ومعي أنت أغنّي
وحبيبي وأغنّي
وأغنّي
عنوان القصيدة: الوقوف في جرش
بقلم محمد القيسي