الدعم النقدي: كفاف أم إنصاف؟

يختلف المسؤولون الحكوميون اليوم فيما بينهم حول الآلية الأنسب لتقديم الدعم النقدي المباشر للأسر الأردنية مقابل رفع الأسعار. ويتمثل الخلاف تحديدا بشأن المبلغ العادل للتعويض النقدي، بهدف التخلص من بند الدعم المباشر للسلع والخدمات.

 

ثمة فريقان أساسيان يتباحثان حول الموضوع، بينهما اختلاف في وجهات النظر.
الفريق الأول تمثله وزارة المالية، ويسعى إلى وضع آلية تعتمد الدخل كأساس لتقديم الدعم، مسقطة من حساباتها أن إنفاق الأردنيين عادة ما يفوق دخلهم، وأن فجوة الدخل والإنفاق تتنامى عاما بعد عام، نتيجة ارتفاع الأسعار من ناحية، وثبات المداخيل على الناحية الأخرى.

 

هذا الفريق يحاول تقليص الشرائح التي ستستفيد من الدعم مستقبلا، ويقترح أن يتوقف الدعم عند حدود العُشير الثامن من شرائح الأسر الأردنية وفقاً للدخل، والمقدر دخلها بحوالي 800 دينار شهريا (بحسب مسح دخل ونفقات الأسرة، تم تقسيم الأسر الأردنية إلى عشر عشيرات تبعا للدخل والإنفاق).
ويميل فريق "المالية" إلى تخفيض قيمة مخصصات بند الدعم المباشر قدر الإمكان، بحيث لا يزيد على 150–200 مليون دينار سنويا لكامل المستفيدين منه، ما يعني أن الفئات التي ستستفيد من الدعم تكون أقل، وكذلك قيمة الدعم الذي ستحصل عليه.

 

السعي إلى تقليص المبالغ المخصصة للدعم مفهوم من وجهة نظر مالية، لما في ذلك من انعكاس على عجز الموازنة والدين العام، ولكنه غير مبرر من وجهة نظر سياسية واجتماعية، كونه يسقط من الحساب الأبعاد الاجتماعية والأمنية لمثل هذا الطرح.

 

أما الفريق الثاني، فيمثله البنك المركزي الذي يبدو أكثر انفتاحا وتقديرا لتبعات القرار الأمنية والسياسية. إذ يؤمن أن تقديم الدعم النقدي يجب أن يحدّد تبعا لإنفاق الأسرة وليس دخلها، ويركز على أخذ الفجوة بين الدخل والنفقات بعين الاعتبار، وتقديرا لفكرة أن إنفاق الأردنيين لا يعتمد بالضرورة على دخلهم، بل يستند أحيانا إلى السُلف والقروض.

 

يبدو أن فريق "المركزي" أكثر فهما وتقديرا للمزاج الشعبي، إذ يتبنى هذا الفريق فكرة أن يكون الدعم مقدما للأسر حتى العشير العاشر، بدخل شهري للأسرة يصل 1544 دينارا في الشهر.
وتوسيع دائرة المستفيدين، بحسب ما يرى مسؤولو "المركزي"، تقوم على تطبيق فكرة منع الدعم عن غير الأردنيين والأثرياء، وهذه هي الغاية الأساسية لفكرة توجيه الدعم لمن يستحقه.
ويبدو هذا الفريق أكثر عقلانية، والأفكار التي يقدمها قابلة للتطبيق، من إيمانه بأن التوسع في شرائح المستفيدين من الدعم سينعكس أولا وأخيرا على النمو الاقتصادي، وعلى المزاج الشعبي والاستقرار. وتصل تقديرات هذا الفريق لفاتورة الدعم النقدي إلى حوالي 400 مليون دينار.

 

هذا الفريق يؤمن أن اتباع هذه الطريق سيوفر للخزينة جزءا من فاتورة دعم السلع والخدمات مباشرة، خصوصا تلك التي يستفيد منها غير الأردنيين والأثرياء.

 

تقديرات الفريقين لقيمة الدعم الذي سيقدم للفرد سنويا ما تزال تدور في فلك الخمسين دينارا، لكن هذه القيمة لا تبدو عادلة من وجهة نظر كثير من السياسيين والاقتصاديين، الأمر الذي يتطلب دراسة السيناريوهات جيدا قبل إعلانها للرأي العام الذي يبدو متوترا وغير متقبل للفكرة، بحيث تحقق الإنصاف، لا أن يكون الدعم لتحقيق عيش بحد الكفاف.

 

المدينة الاخبارية.


المراجع

almadenahnews.com

التصانيف

جمانة غنيمات  صحافة   العلوم الاجتماعية   الآداب