الكهرباء: ماذا يقول الوزراء؟

أكثر ما يشغل الحكومة والشارع اليوم، القرار المرتقب بزيادة أسعار الكهرباء.
فالحكومة مضطرة للقرار، ويعلم فريقها أن لا مفر من الخطوة، في ظل ارتفاع عبء عجز الموازنة والمديونية وتراجع السيولة النقدية.

 

والقلق لا يقتصر على المجتمع والقطاعات الاقتصادية؛ فالحكومة متوجسة أيضاً، ومترددة في اتخاذ خطوة تعتبرها مصيرية وحسّاسة في ظل الحالة السياسية السائدة. 
لغة الوزراء وتبريراتهم للقرار متفاوتة؛ بعضها يعكس فهما للواقع وإدراكاً للتحديات، وبعضها الآخر سطحي ومستفز. فماذا يقول وزراء الفريق الاقتصادي عن رفع أسعار الكهرباء؟

 

أحدهم يبرر ضرورة القرار بعبارات سطحية، من باب أن سيارات المرسيدس في الأردن أكثر منها في ألمانيا. ويزيد في تبريره غير العلمي، بأن مساحات المنازل كبيرة، الأمر الذي يعطي شرعية للخطوة من وجهة نظره.

 

كلام الوزير غير مقنع؛ فيه نقد سطحي في غير محلّه، ويتضمن إنكاراً لواقع اقتصادي صعب لآلاف الأسر التي تعيش خارج محيط بيئة الوزير، والتي لا تتجاوز بعض مناطق عمان الغربية.
وزير آخر أكثر واقعية، يؤكد أن حال كثير من الأسر صعبة، وهو مدرك تماماً لضعف قدرتها على التعايش مع مثل هذا القرار، لتأثيراته البالغة والعميقة على عيش الفرد، كما على قدرة المنتجين على التكيف مع زيادة التكاليف.

 

الوزير يقدم فكرة  يلخص فيها الخيارات المتاحة أمام الحكومة ضمن المعطيات الواقعية، وهي قليلة بطبيعة الحال؛ وتتمثل في تقديم دعم نقدي للتخفيف عن الشرائح الأقل استهلاكا أو استثنائها من القرار، وهنا فإن موقف الوزراء متباين أيضاً، بين رافض لهذا الدعم ومؤيد!
الوزير ذاته يؤكد أن السنوات الصعبة ربما تنتهي بحلول العام 2016، بالتزامن مع انطلاق مشروعي خط النفط العراقي، والصخر الزيتي، وغيرهما من مشاريع الطاقة.

 

ويؤمن الوزير أن مزيداً من الشفافية والإفصاح، والشرح الوافي، والحديث الصريح مع المجتمع، سيساعد على التخفيف من حدة المزاج الشعبي حيال القرار. ثمة وزير ثالث متعنت، لا ينطق إلا بما جاء في الاتفاقية المبرمة مع صندوق النقد الدولي، والتي تقضي برفع أسعار الكهرباء على مدى السنوات الممتدة بين العامين 2013 و2016؛ فيصر على حتمية رفع الأسعار للتخلص من عبء دعم فاتورة الطاقة التي تقارب المليار دولار.

 

أكثر أعضاء الفريق الاقتصادي عقلانية وإدراكا للمزاج الشعبي الصعب، يعلم أن لا مفرّ من القرار. لكنه يميل إلى تأجيل الخطوة أشهراً معدودة، إلى حين انقضاء شهر رمضان والأعياد، ويوضح إمكانية اتخاذ القرار وتأجيل تطبيقه قليلا.
 
المحصلة هي أن الوزراء متخوفون من الخطوة، ويحسبون لها ألف حساب، لكنهم يعلمون، في المقابل، أن لا مفرّ من زيادة أسعار الكهرباء. ومشكلة الحكومة أنها لا تملك ترف الوقت؛ فالأرقام تحاصرها، تماما كما يفعل الرفض الشعبي والظروف السياسية، الإقليمية والمحلية، وبما يضعها بين خيارات كلها صعبة ومكلفة.دبلوماسي مخضرم مدرك جيدا لصعوبة الظروف السياسية قبل الاقتصادية، يقول إن حرص الدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي على أمن واستقرار الأردن، قد يدفعها إلى التصويت لدى الصندوق بإمكانية تأجيل القرار أشهرا قليلة، تكون الحكومة خلالها قد شرحت للرأي العام ضرورة الخطوة.

 

ويضيف أنه في الأثناء، تستكمل الحكومة إقرار بعض التشريعات الإصلاحية التي تطالب بها المعارضة؛ مثل قوانين "من أين لك هذا؟"، والاستثمار، والضمان الاجتماعي، وربما تتمكن من وضع قانون جديد ودائم للضريبة.

 

بعد حديث الوزراء، وفي ظل وجود مجلس نواب غاضب ولا يتحدث لغة سياسية، يرجح أن يحجب المجلس الثقة عن الحكومة ردا على القرار. وأغلب الظن أن يؤجل القرار حتى منتصف آب (أغسطس) المقبل، لتوفير بيئة مواتية لمرور الحكومة وتمرير قرارها بسلام.

 

بقلم جمانة غنيمات.

 

المراجع

ammanxchange.com

التصانيف

صحافة   الآداب   مقالات