النشامى يستحقون أكثر

نشهد ونسمع يوميا قصصا عن تشوهات الإنفاق العام، وتصل الأخبار عن تجديد أسطول سيارات رسمية، وشراء سيارات فارهة، ولا تغيب الأخبار عن تذاكر الدرجة الأولى التي يشتريها المسؤولين، وبعد كل ذلك تقرر الحكومة تخصيص مبلغ 15 ألف دينار فقط لمنتخب كرة القدم.

 

المشكلة أن القرار أتى بعد النجاح الكبير الذي حققه المنتخب، بالفوز على فريق أوزبكستان، ليقترب كثيرا من التأهل لمونديال 2014، ليحقق بذلك منجزا لم يسبقه له أي فريق عربي.

 

معلوم أن الحكومة تقدم مبلغ مليون دينار لاتحاد كرة القدم سنويا منذ ثلاث سنوات، لكن الوضع كان مختلفا هذه المرة، فالنشامى حققوا هدفا يُسجّل، وكان يُتوقع من الحكومة أن تقدره أكثر، ولو من باب التحفيز ورفع المعنويات. 

 

ثمة بلدان عربية تنفق مئات الملايين على لاعبي كرة القدم، ورغم ذلك لم تحقق ما جاء به منتخبنا الوطني، والفرق التي تأهلت مخصص لها عشرات الملايين لتنهي مهمتها المتبقية بسلام.

 

كان يمكن أن ترسل الحكومة رسالة أكثر إيجابية، تعكس قليلا من الاهتمام والتقدير للاعبين الذين رفعوا اسم الأردن عاليا.

 

لكن القرار يعكس ماهية ترتيب الأولويات للحكومة، والتي يبدو أن الرياضة وتحديدا كرة القدم ليست من ضمنها، إذ كيف يقتنع عاقل أن الإمكانيات المتوفرة على قلتها، تحدّ من قدرة الحكومة على توفير مبلغ أعلى للمنتخب، ليتسنى له  التحضير جيدا للتحدي الأكبر في المرحلة المقبلة.

 

إغفال الحكومة لكرة القدم وأهميتها إنما يعكس سوء فهم لما يمكن أن تؤديه هذه اللعبة من رفع المعنويات الشعبية، وتحسين المزاج العام، في وقت يرتفع فيه منسوب الاحتقان نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة.

 

الحكومة تبخل على المنتخب، رغم أنه عوّض الناس فرحا، وجعل الأردن صاحب إنجاز سُلطت عليه الأضواء من كل بقاع الدنيا، بعد أن كان في صبيحة ذلك اليوم مثارَ نقد بعد حادثة إطلاق النار من سلاح أتوماتيكي في مجلس النواب، ومحاولة نائب قتل الآخر.

 

النشامى بذلوا جهدا قتاليا غير مسبوق، وتمكنوا من إحراز التقدم رغم تواضع الإمكانيات المتوفرة لهم، ولا أبالغ إن قلت إن النجاح الوحيد الذي تحقق للأردن في العام 2013 سجّله باحتراف المنتخب الوطني.

 

شعبيا يقدّر الناس، حتى غير المهتمين بالرياضة، عاليا النصر الذي تحقق، فيما تمتلئ جعبة الأردنيين بكثير من الانتقادات لكل ما تفعله الحكومات وتحديدا في الشق الاقتصادي.
النشامى أبدعوا، وتقدير الإبداع أبدا لا يكون كما فعلت الحكومة. يقول رياضيون إن المبلغ الذي قدمته الحكومة لا يكفي لتأمين ثمن الكرات للفريق، فكيف نأمل منهم أن يستمروا ليمضوا بنا إلى مونديال 2014.

 

يستحق النشامى أكثر مما قُدِّم، وكل الحجج عن الأزمة المالية غير مقنعة، ومن المفيد جدا أن تعيد الحكومة النظر بقرارها، لتحفّز النشامى على المضي إلى هدفهم، وتسجيل ضربة مفاجئة، ربما تنقلنا إلى منجز جديد.

 

مديونية الأردن تقترب من 17.5 مليار دينار، وقليل من المال للمنتخب بالتأكيد لن يزعج الأردنيين الذين يضيرهم أكثر كل أنباء الهدر المالي التي لا تتوقف، والإنفاق التفاخري الذي لا قيود عليه.

 

بقلم جمانة غنيمات.

 

المراجع

alghad.com

التصانيف

جريدة الغد   جمانة غنيمات  صحافة   الآداب   العلوم الاجتماعية