كثيراً ما دافعت هذه الزاوية عن قناة “الجزيرة”، على أرضية تعرّضها للاضطهاد والمنع والحجب في غير عاصمة عربية، وكان منطلقنا أن “الجزيرة” مهنية وتُقدّم الحقائق بجرأة، وتُناصر المظلومين، ولن نعتذر عن كلامنا بأثر رجعي، ولكننا سنعترف بأن ذلك الواقع لم يعد موجوداً.

“الجزيرة” صارت طرفاً في الصراعات وتداعياتها، والسياسات وتناقضاتها، ولا نقول الثورات بتنوّعاتها، ويستطيع المهنيّ أن يكتشف بسهولة حجم التلاعب بانسياب المعلومات، واللعب على الحقائق، وإخفاء ما لا ينفع توجهاتها، وتضخيم ما يُساهم بدعمها، وفي آخر الأمر فالقناة التي كانت ملاذاً للتواقين للمعرفة أصبحت موجّهة كأي فضائية عربية رسمية.

ليس هذا رأيي الشخصي فحسب، بل أستمع لمثله من الكثيرين، وبات عادياً أن تعرف من الناس أنّهم يُشاهدون “الجزيرة” فقط لمعرفة توجهات معينة، ولفترات محدودة من النهار، بعد أن كانت القناة المفضلة الأساسية التي لا يستغني عنها أحد، ولا يكون مشاهدة غيرها إلا للإستئناس فحسب.

نأسف، فعلاً، حين نقول إننا خسرنا وسيلة إعلامية رائدة، ولم نعد نستغرب هروب مهنييها منها، هؤلاء الذين أسسوها على العمل المهني الوطني الراقي، ويبقى أننا نأمل من إدارتها حكّ الرأس والتفكير، وإعادة الحسابات، لعلها تعود إلينا كما كانت ملاذاً آمناً لمعرفة الحقيقة.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  باسم سكجها   جريدة الدستور