احسبوها جيدا..نواب ومسؤولون كبار سابقون وأثرياء، حصلوا على الدعم

في توجهها لتقليص النفقات، فكرت الحكومة في إعادة النظر بالدعم النقدي المقدم للأسر الأردنية، مقابل تحرير أسعار المحروقات.
الخطوة ليست أولوية؛ فثمة بنود في الموازنة العامة لم تلتفت إليها الحكومة، رغم أن الأثر المالي لترشيقها أكبر بكثير من ذلك المتحقق نتيجة وقف الدعم عن بعض الأسر.
إذ إن الوفر المتوقع من الخطوة الأخيرة، يبلغ 70 مليون دينار، بعد تراجع حجم الدعم النقدي من 270 مليون دينار إلى 210 ملايين دينار في موازنة العام الحالي.

 

الحكومة قدّمت مراجعة الدعم النقدي على ضبط الهدر في الموازنة، وعلى تقليص الإنفاق في المؤسسات المستقلة، واللذين كانا سيجعلان سياسة الإنفاق في الأردن عقلانية، تقترب أكثر من واقع البلد المالي والاقتصادي.

 

تبرر الحكومة التوجه الذي سيوقف بموجبه  الدعم عن أكثر من مليون أردني، بأن الوضع السياسي والأمني خلال الفترة التي اتخذ فيها قرار تحرير أسعار المحروقات، لم يكن يسمح بالمماطلة ودراسة الطلبات المقدمة من المواطنين بجدية، ما دفع الحكومة، تجنبا لاستفزاز الشارع بشكل أكبر، إلى تسريع العملية، وصرف المبالغ المالية لكل من تقدم بطلب الدعم.
اليوم، تعترف الحكومة أن كثيراً ممن نالوا الدعم لا يستحقونه. ولذلك، فهي تسعى إلى تصحيح الخطأ، من خلال التدقيق أكثر في الحالة الاقتصادية للأسر المستفيدة.

 

الخطوة صحيحة، لكنها ليست سهلة، وحساسة بشكل كبير؛ لأن لها أبعادا سياسية. فحرمان أكثر من مليون مواطن من الدعم، ربما يساعد على تأجيج النفوس الهادئة بفعل أحداث الإقليم، والرغبة في الحفاظ على الأمن والسلم المجتمعيين.

 

من هنا، يفترض بالحكومة دراسة الخطوة جيدا قبل تنفيذها، وتقدير نتائجها المتوقعة، حتى لا يتكرر خطأ تحرير أسعار المحروقات، عندما هب الناس احتجاجا على القرار، لاسيما أن من تقدم للحصول على مبالغ الدعم المالي الضئيلة، يرغب فيها؛ سواء كان محتاجا لها أم لا.
المخاطر والحساسية لا تعني أن الخطوة غير صحيحة، بل هي كذلك؛ إذ تؤكد المعلومات أن نوابا ومسؤولين كبارا سابقين وأثرياء، حصلوا على الدعم النقدي، رغم أن مداخيلهم الحقيقية أعلى بكثير من الحد المقرر.

 

تعديل المعايير أمر أخذته الحكومة بعين الاعتبار؛ فهي ترى أن الأسرة التي تمتلك سيارتين مثلا، لا تستحق الدعم. لكن الحكومة لم تأخذ هنا بعين الاعتبار فشلها في توفير نظام نقل لائق وآمن.
التطبيق سيتم من خلال دائرة ضريبة الدخل، حيث تم إنشاء وحدة السجل الوطني في الدائرة، لتوفير بيانات عن كل رب أسرة، وكل من يملك عقارا؛ سواء كان أراضي أو شققاً، وأسهما وسندات. واستناداً إلى هذه البيانات سيتم تقرير منح الدعم النقدي من عدمه.
تفعل الحكومة خيرا لو وسّعت الفكرة، بحيث تتجاوز قصة الدعم، حتى تساعد وحدة قاعدة البيانات تلك، والتي توفر معلومات عن كل أردني، في محاربة التهرب الضريبي، والوصول إلى الفقراء الحقيقيين. فعدم توفر هذه القاعدة، أسهم كثيرا في فشل السياسات الحكومية في الماضي، وفي كثير من المجالات.

 

لطالما وضعت الحكومة خططا وبرامج ونفذتها من دون قاعدة بيانات، ما جعل عملها عشوائيا غير محدد الهدف، وأدى إلى تشتت الجهود وضعف النتائج.
وضع قاعدة بيانات حقيقية عن أحوال الأردنيين، ضرورة. وتخليص قوائم الدعم النقدي من التشوهات والاختلالات مهم أيضاً. لكن ذلك مشروط بدراسة توقيت اتخاذ القرار، والفئات المستهدفة، بحيث لا يكون سعي الحكومة إلى توفير 70 مليون دينار، سببا في تحميل كلف المحروقات بالسعر المحرر لأسر بالكاد تقدر أن تعيش.

 

AMMAN X CHANGE


المراجع

ammanxchange.com

التصانيف

صحافة  جمانة غنيمات   AMMAN XCHANGE   العلوم الاجتماعية   الآداب