ارتفع سهم اللحم البلدي باطراد في بورصة الغذاء في المجتمع الأردني ، وهو مرشح للمزيد من الزيادة مع موسم الاستهلاك الغذائي السنوي في شهر رمضان الفضيل. المواطن الأردني يبقى رهينة لهذه التقلبات في سوق اللحوم والتي تتحكم بها معادلة من شقين أولها احتكار الاستيراد وثانيهما تصحر المراعي والانتاجية المحلية.

تقف الحكومة بعيدة عن التأثير في المعادلة بفعل عدة عوامل متراكمة. لا يوجد في الأردن قانون لمنع الاحتكار وضبطه بالرغم من أن هذا القانون يعتبر لبنة اساسية حتى في بنية الاقتصاد المفتوح في الغرب وذلك لحماية حق المواطن من تغول قوى الاحتكار التي تتحكم في الاستيراد لترفع الأسعار خاصة في مواسم الطلب العالمي كما الحال في هذه الأوقات التي يجب أن تعكس قيم الفضيلة والتراحم وأصبح البعض يعتبرها فرصا للثراء والاحتكار والتي تصل الى مستوى تخزين المواشي في المستودعات بهدف رفع الأسعار الطرف الثاني في المعادلة هو الضعف المستمر في انتاجية الثروة الحيوانية في الأردن نتيجة التصحر المستمر للمراعي ، وهي مسيرة من سوء الادارة والتخطيط منذ عقود طويلة فاقمتها سياسات الدعم المتواصلة للأعلاف بدون ضبط لزيادة أعداد الثروة الحيوانية ، ومن ثمخ التراجع عن دعم الأعلاف وجعل تربية المواشي عملية خاسرة اقتصاديا وغير مجدية ، وبالتالي التقليل الكبير لأعدادها بشكل سريع وشكل صدمة للطلب في السوق المحلي.

مشكلة المراعي الأردنية أنها باتت مستنزفة نتيجة سنوات من الرعي الجائر وغير المنظم ، وهذا ما يتطلب فرض نمط جديد من ادارة المراعي يراعي القدرة التحملية للمراعي ويساهم في زراعة الأعلاف محليا باستخدام المياه العادمة المعالجة بطريقة كفؤة ومن خلال مشاريع الحصاد المائي في الأودية في المناطق الرعوية ، ولكن كل ذلك يجب أن يتناسب مع تخفيف مدروس تدريجي لأعداد الماشية بما يتناسب مع القدرة التحملية للمراعي ومع حاجة السوق الأردني.

ومن القضايا الجوهرية في ادارة المراعي مسألة ملكية الأرض حيث تؤكد الاستراتيجية الوطنية للتنمية الزراعية أن الاعتداءات على المراعي المملوكة للدولة ساهمت في تراجع هائل في انتاجيتها وخاصة في البادية كما تم تمليك المراعي في مناطق السهوب الى القطاع الخاص ولم يتم استخدامها كمراع منذ ذلك الوقت بل يتم استخدامها كسلع اقتصادية في السوق. يتطلب هذا امتلاك الحكومة لجرأة الاشتباك مع قضية في منتهى الأهمية وهي ملكية الأراضي ولكن بطريقة شفافة تقنع مربي الماشية بأن الهدف الوحيد من هذه العملية هو تخصيص مساحات أوسع للمراعي لتخفيف الاعتماد على الأعلاف المستوردة والمشاركة مع مربي الماشية في ادارة هذه المساحات ووجود ملكية ادارية مشتركة تشكل نوعا من الحوافز لمربي الماشية.

الطرف المظلوم الأول في هذه المعادلة هو المستهلك ، والطرف المظلوم الثاني هم اصحاب الأعداد القليلة من المواشي من المربين المحليين والذين يعانون من ارتفاع اسعار الشعير وهم ليسوا من المصدرين. أما أصحاب البزنس من الحيازات الكبيرة للماشية والمستفيدون من دعم الأعلاف والمصدرون للخارج وهم الطرف الظالم في هذه المسألة فمن الصعب تقبل فكرة أنهم يتعرضون لضغط حكومي لأنهم يملكون بين ايديهم وفي اللوبي القوي الذي يحركونه معظم مفاتيح الضغط والتأثير السياسي.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  باتر محمد علي وردم   جريدة الدستور