وأخيرا صدرت مجلة ناشيونال جيوغرافيك باللغة العربية بعد 122 عاما من صدورها، ومواصلتها لموقعها الرائد والمتقدم بين المجلات العالمية، ولعلها الأولى عالميا، والأكثر انتشارا وأهمية بين المجلات، إذا يقرؤها عشرات الملايين بعشرات اللغات.
وقد صدرت النسخة العربية عن شركة أبو ظبي للإعلام، ولعلها الشركة نفسها التي تبث أيضا قناة ناشيونال جيوغرافيك تلفزيونيا باللغة العربية، وسيكون بذلك بمقدور القراء العرب متابعة المجلة والاستمتاع بموضوعاتها الشيقة وصورها الجميلة الرائعة، وقد احتوى عدد تشرين الأول من المجلة على تحقيق مدهش عن صحراء فزان في ليبيا، بالإضافة إلى موضوعات اخرى مهمة وجميلة، مثل أسرار النوم، وقصة 50 عاما أمضتها العالمة البريطانية جين غودال في دراسة سلوك قرود الشمبانزي في محمية جومبي في تنزانيا، وكان الموضوع الرئيسي للعدد "خليج من نفط" عن كارثة التسرب النفطي في خليج المكسيك، ولعلها الكارثة الأكبر في التلوث النفطي في التاريخ.
تصدر مجلة ناشيونال جيوغرافيك عن الجمعية الجغرافية الوطنية في واشنطن، وهي منظمة علمية غير ربحية، هدفها نشر المعلومات الجغرافية والارتقاء بها، وهي تعمل منذ العام 1888، وقد دعمت في اثناء هذه الفترة أكثر من 9000 رحلة استكشافية ومشروع بحث، مساهمة منها في إثراء البحث والمعارف حول الطبيعة في البر والبحر والجو.
ولعلها بذلك تكون في قمة أدب الرحلات إن جاز التعبير، والذي بدأ على يد رحالة وعلماء ومستكشفين منذ بدء الحضارة والتدوين والاكتشاف، فاتحين المجال لمعارف واكتشافات طورت المعرفة والموارد والعلاقات والتواصل بين الثقافات والحضارات والمجتمعات، وتزيد وتحسن من جهود وأعمال المحافظة على العالم، وإذا كان نصيب العرب من ذلك قليلا في العصر الحاضر، فليس أقل من اطلاعهم ومتابعتهم للأعمال البحثية والاستكشافية الجارية اليوم في العالم.
هذا الإنجاز الرائع الذي تشكر عليه شركة أبو ظبي للإعلام، يذكّر بمشروع سابق توقف، وهو النسخة العربية من مجلة المختار "ريدرز دايجست"، وبذلك فقد حرم قراء العربية من متابعة المجلة الثانية في الأهمية والمعرفة، ولعل شركة أبو ظبي أو سواها من المؤسسات الرائدة تعيد أيضا إصدار النسخة العربية من هذه المجلة الرائدة، والواقع أن حركة الترجمة التي ترعاها أبو ظبي (مشروع كلمة) هي من أهم المشروعات العربية لمتابعة المعرفة الصادرة باللغات الأخرى، ولا شك أن الترجمة تمثل الخطوة الأولى والأساسية في التقدم العلمي والمعرفي، وتوفر جهودا وأوقاتا وأموالا طائلة يمكن أن تنفق في إنتاج المعرفة نفسها، وتتيح للباحثين والمثقفين والطلاب وجميع الناس التواصل المعرفي والتعليم المستمر.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  ابراهيم غرايبة   جريدة الغد