قبيل غروب الشمس بقليل تقف في الشارع فتاة تعمل في شركة تشترط عليها أن تكون "حسنة المنظر والهندام" بعد أن تنهي عملها في انتظار وسيلة مواصلات تنقلها الى بيتها بعد نهار مرهق. الفتاة مضطرة للعمل اذ أنها تساهم بشكل رئيسي في ميزانية المنزل في ظروف اقتصادية متردية ومتطلبات طويلة من قبل الأخوة الذكور والاناث الأصغر سنا وعدم كفاية راتب الأب. وفي تلك الدقائق التي تكون فيها في الشارع باحثة عن وسيلة مواصلات تحدث أمور عديدة:

  1. - بقال يقوم بغش المواطنين عن طريق التلاعب بلوائح انتهاء مدة صلاحية السلع يبدأ باطلاق موعظة أخلاقية طويلة لزبائنه عن تردي الأخلاق عند الناس ، فكيف تخرج الفتاة من منزلها بهذه الصورة؟.
  2. - مقاول مشروع بناء العمارة الجديدة على جانب الطريق يضع نسبا مخفضة من حديد التسليح في البناية ليأخذ لحسابه الخاص باقي الكمية المتفق عليها مع صاحب العمارة ، يهز رأسه عجبا هو الآخر من تردي الأخلاق ويؤكد لصاحب العمارة أن اولاد الحلال أصبحوا أقلية ، وهو منهم طبعا،.
  3. - مواطن أوقف سيارته بشكل مزدوج مغلقا الطريق أمام عدة سيارات أخرى يعود الى موقع سيارته بهدوء مخبرا السائقين الآخرين المحتجين بأن يأخذوا الأمور ببساطة ويركزوا على ما مهم في الحياة مثل تراجع الاخلاق المتمثل في وقوف الفتاة بهذا الشكل في الشارع،.
  4. - ثلاث سيارات في مقدمة فاردة تقوم باغلاق الطريق امام السيارات الأخرى القادمة خلفها من أجل زيادة العزوة أثناء الفاردة يتطلع جميع ركابها الى الفتاة في الشارع قائلين لا حول ولا قوة الا بالله ، هل فسدت الأخلاق الى هذا الحد؟.
  5. - سمسار أراضً يأتي بزبون ليريه قطعة أرض جميلة لكنها ليست نفس الأرض التي سيبيعه اياها ، يؤكد للزبون أن الأخلاق هي أهم ما في الحياة وفي التعامل مع الناس في البزنس ، ويقدم الفتاة كمثال على تردي الأخلاق،.
  6. - صحفي في صحيفة صفراء قام لتوه بكتابة عشرة أخبار مفبركة وهو يشرب القهوة ويدخن السجائر في مكتبه يشاهد الفتاة في الشارع وتلمع في ذهنة فكرة خبر عن انتشار الرذيلة في البلد وتراجع الأخلاق.
  7. - سائق الباص وبتحفيز من كونتروله كادا يتسببان بكارثة مرورية وهما يندفعان من يسار الشارع الى يمينه لايقاف الباص عند الفتاة والطلب منها الركوب ، وعندما ترفض يبدأ وابل من الشتائم حول تدهور الأخلاق في البلد من سائق الباص الذي يترك وراءه عشرات الذكور الباحثين عن مقعد في نفس الباص،.
  8. - أحد الذين وظفوا أنفسهم دعاة ومنظرين حول التدين لم يستطع أن يغض بصره عن الفتاة ، فهو يحاول تأمل تفاصيلها جيدا حتى تساعده في الصور التعبيرية التي يستخدمها في الموعظة حول مقاومة تردي الأخلاق ولعن اتفاقية سيداو ، وفي الوقت نفسه يفكر بكيفية "الستر عليها" هي بالذات بعد أن رفض قبل قليل الاقتران بقريبته الدميمة،.
  9. - الشاب المنفلت الذي نجح في الثانوية العامة بمعدل منخفض واشترى له والده سيارة حديثة قام بالتشحيط والتزمير الى جانب الفتاة محاولا استمالتها ، وعندما طلبت منه احترام نفسه ونظرا لارتفاع مستوى الشهامة والحساسية لديه ، انزعج من انخفاض مستوى الأخلاق في البلد،.
  10. - سائق التاكسي الذي يشغل عدادا خاطئا ليغش الركاب يقوم بالتزمير المتواصل للفتاة التي ترفض قبول الركوب معه بعد هذا العرض المتواصل من السماجة ، يضطر الى الوقوف لراكب آخر فيشرح له عن سوء الأخلاق في هذا البلد.
  11. - موظف علاقات عامة في احدى المؤسسات يتفق مع صاحب صالة على حجزها بمبلغ يقل كثيرا عن الفاتورة التي سيقدمها لشركته ، وعلى باب الصالة وأثناء الوداع يؤكد الشريكان على أن الأخلاق في البلد قد تدهورت عندما يتم السماح للفتيات بالسير في الشوارع بهذا الشكل.
  12. - شاب عائد من موعد مع فتاة قاصر بدون دراية أهلها يكتشف أن الفتاة التي في الشارع هي شقيقة صديقه الذي يكون ايضا متواجدا مع بنت ناس أخرى في موعد غرامي ، فيقرر اخبار صديقه بأن شقيقته تقف في الشارع مسببة الفتنة للشباب ومعرضة نفسها لحركاتهم وتحرشاتهم وعليه أن يعلمها الأخلاق.
  13. - ميكانيكي يقوم بتخريب السيارات التي جاءته طوال اليوم أكثر من تصليحها حتى يعود اليه الزبائن مرة أخرى ، يطلب من الفتاة أن تبتعد عن باب محله لأنه باب رزق وهو مهتم بسمعته لأنها رأسماله،.
  14. - سائق السيارة الذي تناول لتوه وجبة سريعة يقف الى جانب الطريق ويفتح الشباك راميا بقايا الوجبة وكافة الأكياس في الشارع ، ولا ينسى قبل اغلاق الشباك التحسر على عدم نظافة الأخلاق في البلد عندما تقف الفتيات في الشارع هكذا.
  15. - الى ألف ، لائحة تطول ويمكن لكل أحد منا أن يستكملها. هذه هي ببساطة ، رؤيتنا للأخلاق،،.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  باتر محمد علي وردم   جريدة الدستور