الـحـمـد لله رب الـعـالـمـيـن والـصـلاة والـسـلام عـلـى رسـوله الأمـيـن
أمـا بـعـد

مـقـدمـة

إنَّ الـوصـولَ إلـى حـقـائـقِ الأمـورِ يُـعـدُ ظـفـراً كـبـيـراً ، ونـصـراً عـلـى الـضـبـابـيـةِ مـؤزراً ، ولـو كـانـت الـحـقـيـقـة مـراً وعـلـقـمـاً ، ولا يـشـكُ الـعـاقـل أن إجـلاء الـحـقـائـقِ ، وتـجـسـيـدَ صـورِهـا ومـعـالـجـتـهـا مـن الـمـهـمـات الـصـعـبـة جـداً ، مـن حـيـث الانـتـصـار عـلـى الـنـفـسِ ، والـسـيـر فـي طـلـب الـحـقـيـقـةِ بـتـجـردٍ مـن الـعـاطـفـةِ والـتـقـلـيـدِ ، وطُـلَّاب الـحـقـائـق هـم فـئـام مـن صـفـوةِ الـخـلـقِ ، كـالـقـلـبِ مـوضـع الـنـظـر ومـحـط الـقـرار .

تـتـجـلـى حـقـائـق

إنَّ حـالَ الأمـةِ الـيـوم لهـو حـري بـتـتـبـعٍ لا يـفـتـأ صـاحـبـه لـيـصـلَ إلـى حـقـيـقـةِ أمـرِ الهـوانِ والـذلِ دون أن يُـخـفـي عـن أمـتـه مـا يـهـوي بـهـا إلـى سـحـيـقِ الـمـسـتـقـر ، ومـوطـئِ الـقـدم ، ومـن سـبـيـلِ الـمـهـانـةِ ، وطـريـقِ الـذلـة ، تـخـرج هـذه الـصـرخـات بـالـحـقـيـقـة مـن واقـعـهـا الـمـر ، لِـتُـعـلِـمَ الأمـةَ بـأمـرٍ لا يـقـبـل الـنـقـاش لأنـه حـقـيـقـة ، وإن كَـثُـرَ حـوله الـجـدل ، فـهـو وثـيـقـة سـالـمـة مـن الـعِـلل .

بـيـن يـدي الـحـقـائـق

أُخـرج آدم مـن الـجـنـةِ بـذنـبٍ ، وأُغـرقَ قـوم بـبـعـض ذنـوب ، وخُـسِـفَ بـأمـةٍ ، ومُـسِـخَ قـوم بـسـبـب حـيـلـتِـهـم عـلـى شـرعـتـهـم إلـى قـردة خـاسـئـيـن ، انـهـارت دول ، ودمـرت أخـرى ، وقُـذِفَـت أمـم ومـاتـت أخـرى ، كـل ذلـك بـذنـوب قـال الله : ( أَفَـلَـمْ يَـسِـيـرُوا فِـي الْـأَرْضِ فَـيَـنْـظُـرُوا كَـيْـفَ كَـانَ عَـاقِـبَـةُ الَّذِيـنَ مِـنْ قَـبْـلِـهِـمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَـلَـيْـهِـمْ وَلِـلْـكَـافِـرِيـنَ أَمْـثَـالُـهَـا )
وقـال : ( فَـانْـظُـرْ كَـيْـفَ كَـانَ عَـاقِـبَـةُ مَـكْـرِهِـمْ أَنَّا دَمَّرْنَـاهُـمْ وَقَـوْمَـهُـمْ أَجْـمَـعِـيـنَ )
وقـال : ( وَكَـأَيِّنْ مِـنْ قَـرْيَـةٍ عَـتَـتْ عَـنْ أَمْـرِ رَبِّهَـا وَرُسُـلِـهِ فَـحَـاسَـبْـنَـاهَـا حِـسَـابـاً شَـدِيـداً وَعَـذَّبْـنَـاهَـا عَـذَابـاً نُـكْـراً )
الـحـقـيـقـة الأولـى
إن الـذي سَـلَـمَ رِقَـابَـنـا إلـى أيـدي الـكـفـار لـيـس الـغـرب أو الـشـرق ، ولـكـن للأسـف [ نـحـن ] حـكـامـاً ومـحـكـومـيـن فـسـلـط الله عـلـيـنـا ذلاً وعـد أن لا يـنـزعـه حـتـى نـرجـع إلـى مُـرَادِه قـال صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم " إذا تـبـايـعـتـم بـالـعـيـنـة ، وأخـذتـم أذنـاب الـبـقـر ، ورضـيـتـم بـالـزرع ، وتـركـتـم الـجـهـاد سـلـط الله عـلـيـكـم ذلا لا يـنـزعـه حـتـى تـرجـعـوا إلـى ديـنـكـم " فـتـبـايـعـنـا بـالـربـا ، وركـونـنـا للـدنـيـا ، وتـركـنـا للـجـهـاد ، هـذا سـبـب الـتـسـلـط ، والـحـقـيـقـة أن كـل ذلـك فـيـنـا واقـع وحـقـيـقـة .
الـحـقـيـقـة الـثـانـيـة
نـحـن نـحـارب الإسـلام حـربـاً ضـروسـاً لا هـوادة فـيـهـا ، فـقـد بـلـغ الـتـنـصـيـر مـبـالـغـاً مـهـولاً ، وانـتـشـرت الأفـكـار الهـدامـة انـتـشـاراً مـرعـبـاً ، وبـلـغ الـفـسـاد الأخـلاقـي مـبـلـغـاً مـحـرقـاً ، ولـو سـألـت مـاذا خـصـص الـوالـي والـتـجـار والـمـقـتـدر مـن مـاله لـحـربِ هـذا الـبـلاء عـلـى فـرض عـدم الـقـدرة عـلـى الـجـهـاد والـزمـن زمـن دعـوة ؟ لـوجـدت الـوالـي سَـهَـلَ بـل بـعـضـهـم دعـا ، والـتـاجـر اسـتـثـمـر ، والـمـقـتـدر تـقـهـقـر ، وعـلـى الـذوات والـشـهـوات الـصـرف بـغـيـر حـسـاب ، ومـن حـقـوق أهـل الـسـنـة والـكـتـاب ، فـلـذلـك يـذكـر ابـن حـزم رحـمـه الله تـعـالـى حـال هـؤلاء الـولاة وأنـهـم سـبـب كـبـيـر فـي سـقـوط الأنـدلـس فـيـقـول : ( والله لـو عـلـمـوا أن فـي عـبـادة الـصـلـبـان تـمـشـيـة أمـورهـم بـادروا إلـيـهـا ، فـنـحـن نـراهـم يـسـتـمـدون الـنـصـارى فـيـمـكـنـوهـم مـن حُـرَم الـمـسـلـمـيـن وأبـنـائـهـم ... وربـمـا أعـطـوهـم الـمـدن والـقـلاع طـوعـاً فـأخـلـوهـا مـن الإسـلام وعـمـروهـا بـالـنـواقـيـس ) انـظـر رسـائـل ابـن حـزم 3/176 أقـول فـسـبـحـان الله كـأنـه يـتـكـلـم عـن عـصـرنـا فـلله الأمـر مـن قـبـل ومـن بـعـد .
الـحـقـيـقـة الـثـالـثـة
لـسـنـا الـيـوم أولـيـاء لله ، ودلـيـل هـذا أنـه مـن كـلامـه عـلـيـه الـصـلاة والـسـلام قـوله : [ إنـه لا يـذل مـن والـيـت ] وقـد وقـع الـذل الـفـاضـح عـلـيـنـا إلا الـثـلـة الـمـجـاهـدة فـي سـبـيـله ، بـل نـحـن أولـيـاء الـمـلـذات ، وسـادات الـشـهـوات ، أبـطـال الألـومـبـيـات ، ورجـال الـسـفـريـات بـيـن ديـانـا بـريـطـانـيـا ، ورافـعـة لـواء الـعـفـاف ديـانـا كـرازون ، ولـك أخـي أن تـتـصـور سـفـالـة الـحـال فـي تـرشـيـح كـرازون حـيـث بـلـغ عـدد الـنـاهـقـيـن بـتـرشـيـحـهـا كـأفـضـل مـغـنـيـة أكـثـر مـن خـمـسـيـن مـلـيـون مـسـلـم ، والـذيـن عـارضـوا الـحـرب عـلـى أفـغـانـسـتـان والـعـراق أربـعـة مـلايـيـن فـقـط !! ، ويُـسـتـقـبـل ثـانـي بـطـل أكـاديـمـي بـثـلاثـيـن ألـف مـنـهـم الـحـاضـنـات ومِـنَ الـرجـالِ مَـنْ ألـحـقَ نـفـسـه بِـتـاءِ الـتـأنـيـث ، أو يـاءِ الـمـخـاطـبـةِ وبـهـتـافـاتٍ بـاكـيـةٍ وكـأنـه مـحـمـد بـن الـقـاسـم فـاتـح الـسـنـد والهـنـد فـلله الأمـر مـن قـبـل ومـن بـعـد
الـحـقـيـقـة الـرابـعـة
لابـد مـن الـمـلـحـمـة مـهـمـا تـأخـر وقـتـهـا ، فـقـد بـدت أشـراطـهـا ، وبـرق فـي الأُفـقِ حـسـامـهـا ، فـبـمـا أن الأمـم مـن قـبـلـنـا أصـابـهـم الله بـذنـب ، وبـبـعـض ذنـوب ، فـقـد جـمـعـت الأمـة الـيـوم والأمـم جـمـعـاء كـل الـذنـوب ، لـيـذهـب الـرعـاع ، ويـتـلاشـى الـجُـفـاء ، ويـبـقـى مـا يـنـفـع الـنـاس ، وتـكـون الـعـاقـبـة لـوعـد الله الـقـاضـي بـاسـتـخـلاف الـمـتـقـيـن ، فـمـاذا نـقـول ربـا بـلـغ ذروتـه ، وعـمـالـة وصـلـت مـنـتـهـاهـا ، وتـفـسـخ أخـلاقـي نـال الأمـهـات والأخـوات ، وفـضـائـيـات مـا تـركـت للـمـسـلـمـيـن بـيـتـاً إلا ولـعـنـتـه إلا مـن رحـم الله ، الـبـيـوت فـسـاد ، والـشـوارع فـسـاد ، والـعـمـل فـسـاد ، والـتـعـلـيـم فـسـاد ، والـسـيـاسـة فـسـاد ، والاقـتـصـاد فـسـاد ، ورأس هـذا فـسـاد فـي الـتـوحـيـد بـسـبـب تـفـشـي الـشـرك بـكـل أشـكـاله ، والـبـدع بـكـل ألـوانـهـا ، حـكـم الله مـزدرى ، وشـرعـتـه مـقـلاة ، وكـتـابـه قُـدسـت أوراقـه وقـتـلـت أحـكـامـه ، يُـرجـع للـكـتـاب حـال مـوافـقـة الهـوى ويُـسـتـظـهـر أو يـخـتـرق حـده إذا هـدد الهـوى فـلله الأمـر مـن قـبـل ومـن بـعـد .
الـحـقـيـقـة الـخـامـسـة
وجـهـت قـوانـا لـبـعـضـنـا ، وكـفـيـنـا الـعـدو مـؤنـتـنـا ، وعـلا بـعـضـنـا عـلـى بـعـضٍ فـيـا لهـا مـن كـارثـة مـسـتـطـيـرة ، ومـصـيـبـة مـسـتـشـريـة حـارقـة خـطـيـرة ، وإنـي أُذَكِّرُ قـومـي بـحـقـائـق مـن الـتـاريـخ مـعـتـبـرة ، يَـتـعِـضُ بـهـا أصـحـاب الـعـقـول الـنـيـرة ، والـنـوايـا الـصـالـحـة الـخـيـرة ، عـنـدمـا فـشـى الـفـسـاد فـي بـخـارى ، واسـتـهـان الـنـاس بـشـرعـة الله ، سـلـط الله عـلـيـهـم قـوارع أعـدمـت كـل جـمـيـل يُـذكَـر ، وانـتـزعـت مـنـهـم كـل نـعـمـة تُـخـفـى أو تُـشـهـر ، مُـلأت شـوارعـهـم دمـاء ، ورَمَّت مـسـاكـنـهـم بـالأشـلاء ، فـأنـطـق الله الـكُـفَـار عـلـى آثـامـهـم شـهـداء ، فـهـذا عـدو الله جـنـكـيـز خـان لـمـا دخـل بـخـارى صـعـد الـمـنـبـر مـن يـوم الـجـمـعـة فـي مـوضـع الـخـطـيـب ولـم يـبـق مـن أهـلهـا إلا مـا يـقـارب الـثـلاثـمـائـة ومـع أنـه كـافـر بـالله قـال : " يـا قـوم فـاعـلـمـوا أنـكـم قـد ارتـكـبـتـم جـرائـم بـشـعـة ، واقـتـرفـتـم آثـامـاً كـثـيـرة ، ومـن جـمـلـة تـلـك الـجـرائـم والآثـام مـا فـعـله أمـراءكـم ، فـإن سـألـتـمـونـي عـمـن أكـون الـذي أخـاطـبـكـم ؟ وعـلـى أي دلـيـل أقـول هـذا الـكـلام ؟ : أجـبـتـكـم أنـي سـوط الله الـذي بـعـثـنـي إلـيـكـم ، لأنـزل بـكـم عـقـابـه عـلـى جـرائـم اقـتـرفـتـمـوهـا ، وآثـامـاً ارتـكـبـتـمـوهـا ، ولـو لـم تـسـتـحـقـوا مـا نـزل بـكـم مـن عـذاب لـمـا أرسـلـنـي الله إلـيـكـم " )) انـظـر تـاريـخ فـاتـح الـعـالـم 1 / 117 أو يـأجـوج ومـأجـوج فـتـنـة الـمـاضـي والـحـاضـر والـمـسـتـقـبـل لـ د . الـشـفـيـع الـمـاحـي أحـمـد
الـحـقـيـقـة الـسـادسـة
أمـة أوكَـلَـت حِـمـاهـا لـبـعـضِ حـسـنـاتِـهـا الـتـي تُـعـد قـطـرات فـي مـسـتـنـقـعـات سـيـئـاتـهـا ، فـتـرى مـن يـقـول نـحـن أحـسـن مـن غـيـرنـا ، ويُـعـدِد لـك بـعـض الـمـحـاسـنِ الـتـي تـنـبِـئـك قـرائـن مـن سـيِـئـاتِـهِـم أن أكـثـرهـا يـعـتـريـهـا سـقـم أكـل قـوامـهـا وثـمـرهـا ، وقـد قـال قـوم مـن قـبـل وتـبـاهـوا بـبـعـض عـمـلِـهِـم الـحـسـن لـيـكـون لهـم حـمـى ، فـرد الـقـرآن عـلـيـهـم بـأنـهـا لا تـمـنـعـهـم الـعـذاب قـال الله : ( أَجَـعَـلْـتُـمْ سِـقَـايَـةَ الْـحَـاجِّ وَعِـمَـارَةَ الْـمَـسْـجِـدِ الْـحَـرَامِ كَـمَـنْ آمَـنَ بِـاللَّهِ وَالْـيَـوْمِ الْـآخِـرِ وَجَـاهَـدَ فِـي سَـبِـيـلِ اللَّهِ لا يَـسْـتَـوُونَ عِـنْـدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَـهْـدِي الْـقَـوْمَ الـظَّالِـمِـيـنَ ) وقـد سَـألـت أم الـمـؤمـنـيـن زيـنـب رضـي الله عـنـهـا الـرسـول صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم بـقـولهـا: يـا رسـول الله أنـهـلـك وفـيـنـا الـصـالـحـون ؟ قـال نـعـم إذا كـثـر الـخـبـث ) وأعـجـبـتـنـي هـذه الـوصـيـة مـن هـذا الـخـلـيـفـة الـمـوفـق عـمـر بـن عـبـد الـعـزيـز لـبـعـض عـمـاله عـنـدمـا قـال : فَـإِنَّ الـذُّنُـوبَ أَخْـوَفُ عِـنْـدِي عَـلَـى الـنَّاسِ مِـنْ مَـكِـيـدَةِ عَـدُوِّهِـمْ ، وَإِنَّمَـا نُـعَـادِي عَـدُوَّنَـا وَنَـسْـتَـنْـصِـرُ عَـلَـيْـهِـمْ بِـمَـعْـصِـيَـتِـهِـمْ ، وَلَـوْلا ذَلِـكَ لَـمْ تَـكُـنْ لَـنَـا قُـوَّةٌ بِـهِـمْ ، لأنَّ عَـدَدَنَـا لَـيْـسَ كَـعَـدَدِهِـمْ ، وَلَـا قُـوَّتُـنَـا كَـقُـوَّتِـهِـمْ ، فَـإِنْ لا نُـنْـصَـرْ عَـلَـيْـهِـمْ بِـمَـقْـتِـنَـا لا نَـغْـلِـبْـهُـمْ بِـقُـوَّتِـنَـا ، ولا تَـكُـونُـنَّ لِـعَـدَاوَةِ أَحَـدٍ مِـنَ الـنَّاسِ أَحْـذَرَ مِـنْـكُـمْ لِـذُنُـوبِـكُـمْ ، وَلا أَشَـدَّ تَـعَـاهُـدًا مِـنْـكُـمْ لِـذُنُـوبِـكُـمْ ...... ( وَلا تَـقُـولُـوا أَنَّ عَـدُوَّنَـا شَـرٌّ مِـنَّا ) ، وَلَـنْ يُـنْـصَـرُوا عَـلَـيْـنَـا وَإِنْ أَذْنَـبْـنَـا ، فَـكَـمْ مِـنْ قَـوْمٍ قَـدْ سُـلِّطَ - أَوْ سُـخِـطَ - عَـلَـيْـهِـمْ بِـأَشَـرّ مِـنْـهُـمْ لِـذُنُـوبِـهِـمْ.. رواه أبـو نـعـيـم فـي الـحـلـيـة بـرقـم ( 75.2 ) .
الـحـقـيـقـة الـسـابـعـة
أمـةٌ تـسـعـى للـتـخـلـي عـن الـواجـبـاتِ الـشـرعـيـةِ ، وذلـك بـاخـتـلاقِ مـسـبـبـاتٍ مـنـكـرة ، وأمـورٍ فـي الـفـطـرة مـسـتـقـذرة إلا مـن رحـمـه الله ، ولـكَِ أكـبـر شـاهـدٍ مـن تـاريـخِـنـا الـمـعـاصـرَ مـع الأحـداثِ الأخـيـرةِ ، ومـا كـان فـيـهـا مـن خـطـأ ، تـرى الـكـثـيـر مـن أنـكـر الـجـهـاد بـرمـتـه ولـم يـبـق أو يـذر فـكـل جـهـاد فـي الـدنـيـا هـو مـن شـأن مـن سـمـوهـم " الإرهـابـيـون " فـتـسـمـع الـعِـواء مـن كـل بـلاد الـعـالـم ، وتـطـاولـت أعـنـاق الـنـفـاق بـأبـواق الأعـداء بـقـولهـم ألـم نـقـل لـكـم ؟! ألـم نـخـبـركـم ؟! ولـم يـسـتـثـنـى مـن ذلـك أحـد حـتـى فـي فـلـسـطـيـن ، وفـي الـعـراق ، وأفـغـانـسـتـان ، وفـي كـل الـثـغـور ، فـلـم يَـعُـدْ هـنـاك مـجـاهـد يـحـمـل للإخـلاصِ رايـة ، تـلاشـت قـضـيـة الأمـة ، ورُفِـعَ عـنـهـا الـواجـب ، ومـسـحَ فـرض الـجـهـادِ ، كـل ذلـك بـسـبـبِ بـعـضِ الـمـمـاسـكِ ، وواللهِ لـزوال الـدنـيـا أهـون عـنـد الله مـن طـمـسِ فـرضٍ فـرضَـه ، ومـا نـراه ونـسـمـعـه لا شـك أبـداً أنـه يُـجَـسِّدُ مـدى الـغـثـائـيـة الـتـي تُـكـوى الأمـة بـحَـرِ اعـوجـاجـهـا ، وفـقـدان الـمـرجـعـيـة الـتـنـظـيـريـة إلا فـي قـلـة ابـتـلـعـتـهـم الـضـبـابـيـة الـقـاتـمـة عـن مـسـرح الأحـداث يُـصـارعـونـهـا بـلـمـع كـلـمـاتٍ تـخـرجُ إلـى الأمـةِ مـجـهـدة ، وهـذا مـنـهـجُ أعـداءِ الـمِـلـةِ قـديـمـاً وحـديـثـاً فـيُـحَـمِـلـوا خـطـأ أبـنـاءِ الإسـلامِ الإسـلام نـفـسـه لـيـنـالـوا مـنـه لِـيَـهـون عـنـد مـريـديـه ، ويـقـدمـوا الـتـنـازلات عـن بـعـض فـرائـضِـه وواجِـبَـاتِـه ، ولـيـس الـعـجـيـب أن نـرى هـذا مـن الأعـداءِ ، ولـكـن الـعـجـبَ أن نـسـمَـعَـه مـمـن لهـج بـلُـغـتِـنـا ، ودان بِـمِـلـتِـنَـا ؛ والـقـولُ أن نـقـولَ لهـم : كـم مـن الـشـجـبِ والـتـنـديـدِ سـمـعـنـاه مـنـكـم عـلـى مـر عـقـود مـن الـزمـان وكـانـت ثـمـرتـه لا حـراك ( أسـمـع جـعـجـعـة ولا أرى طـحـيـنـا ) فـالـنـهـيـق لـديـنـا مـعـلـوم ، وغـايـتـه مـفـهـومـة ، فـلـقـد عـلَّمـتـنـا هـذه الـعـقـود مـن الـزمـن أن عِـواءكـم ، وسـكـوتـكـم سـواء ، ولـو كـان لـصـرخـاتـكـم ومـض صـدى لـرأيـنـا آثـارهـا فـي فـلـسـطـيـن قـبـل أن تـحـمـل بِـجِـيـلِـنـا الأرحـام !! ولـو بـالـيـنـاكـم لهـان عـلـيـنـا ديـنـنـا مـن أيـام الـقـوة الـكـنـسـيـة .
وقـفـات مـع الـغـثـائـيـة
مـاذا جـنـت أفـغـانـسـتـان مـن عـواطـفـنـا ؟ ومـاذا حـصـدت فـلـسـطـيـن مـن مـظـاهـراتـنـا ؟ ومـاذا نـال الـعـراق مـن صـرخـاتـنـا ؟ أقـول : لا شـيء ، ومـن هـنـا يـتـبـيـن لـك مـن نـحـن ! نـحـن الـيـوم لا شـئ فـعـواطـفـنـا وصـرخـاتـنـا لهـا فـلـك تـجـري فـيـه وهـو فـلـك مـن دخـله كـمـن لـم يـدخـله واسـتـنـي الـثـلـة .

خـاتـمـة

قـد يـقـول قـائـل أهـذه رسـالـة يـأس ؟! أقـول بـل هـي صـفـحـة أمـل ولـكـن بـعـد الـخـلاص مـن الـغـثـائـيـة ولأجـل تـجـسـيـد صـورة جـلـيـة تـفـجـر الآفـاق وضـوحـاً أسـأل هـذا الـسـؤال الـطـويـل الـمُـفَـقَّر وهـو هـل هـنـاك اسـتـعـداد لـدى مـن بـيـده الأمـر أن يـتـخـلـص مـن سـخـط الله وغـضـبـه ووعـدِ عـقـابـه الـمـتـمـثـل فـي الـبـنـوك الـربـويـة ؟ الـجـواب لا .
وهـل هـنـاك اسـتـعـداد لإغـلاق الـقـنـوات الإبـاحـيـة ؟ الـجـواب هـذا حـلـم .
وهـل هـنـاك اسـتـعـداد لـتـرك الـعـمـالـة الـغـربـيـة ؟ الـجـواب أبـد.
وهـل هـنـاك اسـتـعـداد لـتـطـبـيـق الـشـريـعـة الإسـلامـيـة عـلـى مـراد الله ؟ الـجـواب مـحـال .
وهـل هـنـاك اسـتـعـداد لإعـادة الـدول الإسـلامـيـة الـمـحـتـلـة ؟ الـجـواب خـيـال .
وهـل هـنـاك اسـتـعـداد لـفـتـح الـحـدود لـمـتـطـوعـي ومـريـدي الـجـنـة للـجـهـاد فـي الأرض الـمـحـتـلـة ؟ الـجـواب خـيـال .
وهـل هـنـاك اسـتـعـداد لـحـضـرِ ومـنـعِ وقَـمـعِ كـلِ الـقـنـوات والـمـشـارب الـتـي تـقـوم بـإفـسـاد الأمـة ، ونـشـر الـنـور الـربـانـي دعـوة صـادقـة مـدعـمـة بـسـطـوة الـسـلـطـة لأجـل تـربـيـة الأمـة وإنـقـاذ الأجـيـال مـن الانـسـلاخ فـي سـحـيـق الـثـقـافـة الـغـربـيـة والـشـرقـيـة الـتـي تـجـرهـا إلـى سـرعـة الـعـقـاب وشـديـد الـعـذاب ؟ الـجـواب لا
إذاً نـحـن لا نـريـد طـاعـة الله نـعـم لا نـريـد هـذه هـي الـحـقـيـقـة بـاسـتـثـنـى طـائـفـة عـلـى الـحـق ظـاهـرة تـقـاتـل عـلـيـه ، وبـالـمـقـابـل هـنـاك اسـتـعـداد لاسـتـقـبـال كـل فـسـاد ، ودون أي مـمـانـعـة ، وعـلـى جـرعـات مـتـشـكـلـة ، وفـي قـوالـب حـضـاريـة ، وأحـيـانـاً ديـنـيـة ، فـسـفـيـنـتـنـا إلـى مـزيـدٍ مـن الـربـا ، إلـى مـزيـدٍ مـن الـعـمـالـة ، إلـى مـزيـدٍ الـعـلـمـنـة ، إلـى مـزيـدٍ مـن الإبـاحـيـة ، إلـى مـزيـدٍ الـقـوانـيـن الـغـربـيـة ، إلـى مـزيـدٍ مـن الـتـبـلـد ، والـغـثـائـيـة والإنـحـطـاطـيـة ، والـبـعـد عـن الـشـرعـة الـربـانـيـة ، الـرسـالـة الـنـبـويـة ، وأعـان الله مـن يـلاطـم الأمـواج فـي قـلـب الـسـفـيـنـة فـهـو بـيـن لـطـمـات الأمـواج ولـطـمـات الـسَّفَّان والـرُكـبـان .
أمـل
عـن جـابـر بـن عـبـد الله رضـي الله عـنـه قـال : سـمـعـت الـنـبـي صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم يـقـول " لا تـزال طـائـفـة مـن أمـتـي يـقـاتـلـون عـلـى الـحـق ظـاهـريـن إلـى يـوم الـقـيـامـة قـال فـيـنـزل عـيـسـى بـن مـريـم صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم فـيـقـول أمـيـرهـم تـعـال صـل لـنـا فـيـقـول لا إن بـعـضـكـم عـلـى بـعـض أمـراء تـكـرمـة الله هـذه الأمـة . رواه مـسـلـم وغـيـره واللـفـظ له
 
بقلم: ابـن الـقـريـة الـفـلاح الـمـعـتـصـم
 
 
 

المراجع

saaid.net

التصانيف

علم النفس  علم النفس الاجتماعي   العلوم الاجتماعية