هل سمعتم ايها السادة صناع القرار السياسي والاكاديمي والاجتماعي ، هل سمعتم يا قادة الأحزاب والنقابات وتيارات المعارضة والموالاة ، هل سمعتم ايها السادة النواب والأعيان ، هل سمعتم يا معالي الوزراء ، هل سمعتم يا رؤساء تحرير الصحف والمواقع الإلكترونية ، هل سمعتم يا قادة المنظمات غير الحكومية ، والأهم من ذلك هل سمعتم يا رؤساء الجامعات وأعضاء مجالس أماناتها المقبلون ذلك الصوت الذي وصلنا قبل ايام من كلية عمان الجامعية التابعة لجامعة البلقاء التطبيقية؟ أنه صوت إطلاق رصاص على خلفية مشاجرة جامعية. أنه إطلاق رصاص أثار الذعر والرعب في نفوس كافة طلبة الجامعة في الخطوة شبه الأخيرة من مسلسل انهيار الأخلاق والانضباط في الجامعات الأردنية. هل تعرفون ما هو المشهد التالي: أنه مشهد لجنازة طالب - لا سمح الله - تعرض للقتل في الجامعة نتيجة مشاجرة ، وخلفة مئات من عائلته وعشيرته وأصدقائه يتوعدون بالثأر ، وايام مفتوحة على كافة الاحتمالات.

انسوا أمر الإصلاح ، والمديونية والعجز وإسرائيل وحماس وفتح ، وانسوا أمر قانون الانتخابات والضمان والضريبة وإنسوا الخلاف بين المحافظين والليبراليين وركزوا رجاء على انقاذ الجامعات الأردنية قبل أن تتحول إلى ساحات للعنف والصراع والشجار الذي قد يصل إلى مرحلة إزهاق الأرواح. لا أبالغ وأتحدى من يحاول أن يقلل من المشكلة ويعتبرها مجرد خلاف بين الطلبة: لقد اصبح العنف في المجتمع الأردني أكبر خطر يهدد الدولة وأمنها الاجتماعي وربما السياسي. نعم فرحنا لأن الأردن احتل المركز 14 بين دول العالم في توفير الأمن للزوار والسياح والمواطنين ولكن عندما نفشل في توفير الأمن لطلابنا في الجامعات فإننا نكون قد فشلنا جميعا.

العنف في الجامعات هو وليد تنشئة اسرية واجتماعية تضع الولاء العشائري والعائلي فوق كافة أنواع القيم الاجتماعية. انه الولاء والتعصب للقبيلة والعشيرة الذي يجعل الطالب يعتقد أن الجامعة ليست سوى امتداد لساحات نفوذه الاجتماعية يمكن له إطلاق النار فيها والدخول في مشاجرات وتكسير وتحطيم البنية التحتية والمرافق ومن ثم التهرب من العقاب. لا يهم لو تم إلقاء القبض على المشاركين في المشاجرات لأن هناك عشرات "الذوات والشخصيات الاجتماعية" جاهزون للضغط من أجل إطلاق سراحهم وعدم عقابهم ، وبكل أسف تشهد الذاكرة الأردنية قيام بعض النواب بالتوسط للطلبة المشاغبين في رسالة مفادها "دمروا وتشاجروا ولا تهتموا فنحن موجودون من أجلكم".

لا يوجد نقص في الدراسات التي حاولت تحديد أسباب العنف الجامعي.

أقتبس من تحقيق الزميل باسل الزغيلات في الدستور يوم أمس الأول "وكان استطلاع للرأي حول ظاهرة "شغب الجامعات" أصدرته جامعة اليرموك حمّل الإدارات الجامعية مسؤولية أحداث الشغب التي شهدتها عدد من الجامعات الرسمية والأهلية أخيراً. وكشف الاستطلاع عن وجود مفاهيم ومدركات مغلوطة للعصبية والقبلية بنسبة تجاوزت %84 علاوة على قلّة الوعي والثقافة بمعنى الديمقراطية بنسبة %81 لدى طلبة الجامعات الأردنية ، وهما سببان رئيسيان في ظاهرة شغب الجامعات".

واظهر الاستطلاع ان سبب دخول الحرم الجامعي لغير الطلبة قد حصل على نسبة %76 من المستطلعة آرائهم فيما حلت الوساطة والمحسوبية عند تطبيق الأنظمة والقوانين وقرارات الجامعة رابعا بنسبة اقتربت من 74%. كما بين انه من المسببات التي تؤدي الى هذه الظاهرة عدم وضوح مسؤولية رجال الأمن الجامعي داخل الحرم الجامعي بنسبة اقتربت من %72 ، فيما جاء تهاون إدارة الجامعة في اتخاذ القرارات الحازمة بحق المشاغبين وذوي الأسبقيات سادسا بنسبة %71 وهي نسبة عالية حسب معدل الاستطلاع تعكس عدم وجود الحزم المناسب من الإدارة لردع الطلبة عن الشغب. ومن الاسباب التي ناقشها الاستطلاع استغلال وقت الطالب في تحضير متطلبات الدراسة الجامعية بنسبة %61 ، وكذالك التأثير ببرامج العنف التي تبثها الفضائيات للشباب ومحاولة محاكاتها بنسبة 48,5 بالمائة وهي متدنية مقارنة بالنسب السابقة" مطلوب ارادة سياسية وحزم أمني صارم وعدم قبول اي تهاون في العقوبات المتعلقة بالشغب الجامعي ، ولكن هناك أيضا حاجة إلى معالجة الأسباب الأساسية لهذا الشغب سواء تعلقت بأنماط القبول الجامعي لمن لا يستحق أو تشجيع التجمعات القبلية أو التضييق على النشاطات الفكرية والسياسية التي تتجاوز الأطر القبلية ، ولكن من الواضح أن هناك حاجة ماسة للتدخل الفوري وبكل الحزم الممكن حتى لا تقع الكارثة.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  باتر محمد علي وردم   جريدة الدستور