أضم صوتي بقوة إلى الدكتور أحمد العرموطي نقيب الأطباء وهو يناشد الحكومة وكافة مؤسسات الدولة وقف مسلسل الاعتداء المخجل على الأطباء في المستشفيات والمراكز الصحية في كافة مناطق الأردن.

ان الاعتداء الجبان الذي تعرضت له طبيبة في مستشفى البشير أول أمس يمثل رسالة في منتهى الخطورة عن المدى الذي يمكن أن تصل إليه النفوس المريضة والمنفلتة في التسبب بالأذى للأطباء وغيرهم من العاملين في مهن مختلفة يقدمون فيها الخدمات للمواطنين مثل مهنة التعليم.

هذه الحالات المتكررة من الاعتداءات تتطلب رد فعل سريعا وفوريا يتمثل في تشريعات تسمح بمعاقبة المعتدين على الأطباء والعاملين في القطاع الصحي بالسجن أو بالغرامة أو كلتا العقوبتين ، وربما يتطلب ذلك تعديلا في قانون الصحة أو قانون العقوبات ولكن من المهم أن يكون هناك ضبط تشريعي تام يمنع المرافقين من التفكير بالاعتداء على الأطباء والممرضين ومحاولة فرض ما يريدون بمنطق القوة الجماعية ويمنح الدعم القانوني لرجال الأمن في المستشفيات لاتخاذ كل "الإجراءات" التي يرونها ضرورية لحماية الأطباء والممرضين.

أبدا لم يعد هذا مقبولا. لقد أصبح كل شخص تقريبا في الأردن معرضا للضرب في الشارع بسبب خلاف على قضايا عامة أو أثناء تأدية واجبه. تعرض للضرب صحافيون ، وأطباء ، ومعلمون ، وممرضون ، ورجال أمن ، ومعارضون سياسيون ، وموظفو وزارات المياه الذين يفتشون على العدادات ، ولا أحد يعلم اين سوف تنتهي اللائحة.

مطلوب من الحكومة والسلطة القضائية ومجلس النواب التدخل بشكل متكامل لوضع تشريعات قوية وحازمة وضابطة ضد العنف تمنع اي تسامح أو تعاطف أو تبرير أو محاولات إعفاء من المسؤولية لكل من يرتكب العنف سواء كان موجها ضد الأفراد أو بشكل جماعي. مطلوب ثقافة ترفض أي قبول لممارسة العنف حتى لو كانت من قبل مسؤول عام أو رجل أمن بدون مبرر الدفاع عن النفس. ولكن المسؤولية لا تقع فقط على الحكومات ، لأن المواطن نفسه يجب أن يكون حائط الدفاع الاجتماعي الأول ضد العنف.

ان نبذ ثقافة العنف في المجتمع مرهون بمعادلة القانون والوعي ، وحتى في حال أصبحنا في وضع نحتاج فيه إلى القانون كخيار أول لصد العنف فإن الوعي يبقى عنصرا اساسيا. ربما نكون في حاجة إلى إنشاء حركة اجتماعية أردنية بنفس التركيبة الديناميكية لحركة كفاية المصرية ولكنها مخصصة لرفض العنف والمطالبة بتنفيذ كافة الإجراءات والتشريعات التي تحمي المواطن اينما كان من العنف وتقدم المعتدين إلى العدالة وعدم السماح بالإنفلات من العقاب.

هذه دعوة للنشطاء الاجتماعيين المؤمنين بالدولة المدنية وثقافة السلم المدني وعدم القبول باللجوء إلى العنف للمبادرة بتأسيس مثل هذه الحركة الاجتماعية في محاولة أساسية لمقاومة تيار العنف الاجتماعي المتصاعد قبل أن نندم جميعا على اللامبالاة.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  باتر محمد علي وردم   جريدة الدستور