يعتبر هذا الكتاب بمثابة مدخل لدراسة اقتصاد التنمية. وهو يقدم استيعابا للفكر الاقتصادي المعاصر في مجموعة كبيرة من القضايا الاقتصادية والتنموية. وإذا أمكن للقارئ أن يصبر على الفوضى في عرض الأفكار والفصول في الكتاب، والترجمة الضعيفة، والأخطاء اللغوية والإملائية والطباعية الكثيرة جدا، فإنه -وبخاصة إذا لم يكن متخصصا أو راغبا في قراءة عدد كبير من الكتب المتخصصة- يحصل على فكرة شاملة عن كثير من المفاهيم والقضايا الاقتصادية. ولكنه يظل كتابا غير أصيل وغير متماسك، ويغلب عليه الطابع التعليمي، وأقرب ما يكون إلى كتاب منهجي تدريسي، يعوزه التشويق وجزالة الأسلوب وجمال اللغة، ويبدو أنه أعد ليكون منهجا تدريسيا في الجامعات، أو للراغبين في تعليم أنفسهم من المثقفين والعاملين في مجالات تتصل بالاقتصاد والتنمية. وربما للسبب هذا لم تشغل المؤلفة نفسها بتنظيمه وصياغته على نحو متماسك، ولم يشتغل الناشر والمترجم بعناية في تنظيم الكتاب وإخراجه وتدقيقه على النحو المشجع للقراء بعامة، وهذه على أي حال مشكلة غالبة في الكتب المنهجية، وهي ضعف العناية بتنظيم الأفكار واللغة والعرض.
ولكني أعتقد أنه لم يعد ثمة خيار أمام المثقف والقارئ العام أو الراغبين في التعليم المستمر والتعلم الذاتي سوى أن يتجرعوا كثيرا من عناء القراءة الصعبة والقاسية، ذلك أن الثقافة العامة والعملية تتجه اليوم إلى الفكر العميق المتخصص، وتبتعد عن التسلية.
يتمحور الكتاب حول أربعة أقسام: أسس التنمية ونظرياتها، وما بين التنمية والسياسة المحلية والدولية، وتناقش المؤلفة التنمية والتغييير السياسي والتحديث، والتنمية المستدامة، باعتبارها تقدما إنسانيا، وفي نظريات التنمية تعرض نظريات التنمية الثنائية الكلاسيكية والاجتماعية والتكنولوجية والتنظيمية، ودور السوق والإدارة الاقتصادية.
وفي المجال السياسي تعرض قضايا الدولة والاقتصاد، والتخطيط التنموي والديمقراطية واللامركزية، والمنظمات غير الحكومية، والفقر وعدم المساواة وعدالة التوزيع، والسكان والهجرة، ودور الزراعة والموارد المحلية في التنمية، والتجارة الدولية، والمساعدات الاقتصادية، والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
وترى المؤلفة أنه إذا لم تفهم التنمية بشقيها كهدف وكعملية، فسيؤدي ذلك إلى احتمال مواجهة بعض المشاكل. ولذلك، فإن إدراك معنى التنمية يعد من الأمور المهمة، ولكن لسوء الحظ لا يوجد جواب مباشر لسؤال ما معنى التنمية؟ وتلاحظ المؤلفة أن الاقتصاديين العاملين في حقل التنمية لا يمكنهم استخلاص الدروس من تجارب النمو للدول الغنية، وبخاصة تلك المفاهيم للتنمية المستمدة من تجارب النهضة في القرن التاسع عشر. ولذلك، فإنها تعرض بعض التحفظات والشكوك لدى علماء الاجتماع حول التنمية عندما تتم ضمن إطار واسع من التحديث، أي حين يجعل التحول الاقتصادي ضمن عملية واسعة من التغيرات السياسية والثقافية، وتتصل التنمية أيضا على نحو وثيق بالسياسة والحكم والإدارة.
وتؤكد على ضرورة ملاحظة الفرق بين النمو والتنمية، فالنمو الاقتصادي يشير إلى زيادة الناتج أو الدخل القومي، أما التنمية فهي مفهوم واسع لرفاهية الإنسان ترافقها نتائج ثقافية وسياسية واجتماعية مهمة.
مفاهيم التنمية
تعتبر المؤلفة أن الدراسات التي قام بها الاقتصاديان سينثيا موريس وارام ادلمان تكشف عن معنى التنمية بطريقة توفر المزيد من الدروس للدول النامية. وتلخص ما توصل إليه هذان الباحثان بأربع نقاط رئيسية تؤكد على دور الزراعة والسوق والتوسع في الصادرات والمؤسسات السياسية في عملية النمو الاقتصادي. وقد حدد المؤرخ الاقتصادي روستو خمس مراحل في حركة المجتمع الحديث، وهي: المجتمع التقليدي، والشروط المسبقة للإقلاع، والإقلاع، والسير نحو الاكتمال، والنضج.
ويعود تعريف التنمية كتغيير هيكلي إلى الاقتصادي كولن كلارك، والذي بدوره ينسب التعريف إلى الاقتصادي والاحصائي سير ويليام بيتي في القرن السابع عشر. ويرى كلارك (1940) أن عملية النمو الاقتصادي يرافقها تغيير في الهياكل المهنية في الاقتصاد، فالأيدي العاملة تنتقل بعيدا عن القطاعات الأولية في الاقتصاد، كالزراعة، وتتجه إلى قطاع التصنيع والخدمات. وحدد لذلك سببين: قانون إنغلز الذي يقول كلما زاد الدخل يقل الإنفاق على الطعام القادم من قطاع الزراعة، والثاني أن الإنتاجية والأجور تميلان للنمو أسرع في قطاع التصنيع والخدمات قياسا بالقطاع الزراعي. وفيما بعد، لاحظ كلارك أن التقدم التقني في مجال الزراعة هو السبب في هجرة الفلاحين من القطاع الزراعي إلى القطاعات الأخرى.
ويشكل التحديث مساحة واسعة في علم الاجتماع، ويعني اقتصاديا التصنيع والتمدين والتحول التكنولوجي في الزراعة، واجتماعيا إضعاف الروابط التقليدية وزيادة في الإنجاز، وسياسيا ترشيد السلطات ونمو البيروقراطية، وثقافيا العلمانية في المجتمع  نتيجة النمو في المعرفة العلمية.
ومن الانتقادات الموجهة للتحديث أن المجتمعات التقليدية أثبتت وبشكل غير متوقع أنها ثابتة وقابلة للتكيف، وتتقبل مظاهر التحديث.
وحدد ديتيس غوليت (1989) ثلاثة تعريفات للمشاركة باعتبارها تعبيرا عن التنمية: إعادة هيكلة الوظائف في كل مظاهر الحياة، من مدارس إلى صحة وتخطيط لكي يصبح الناس العاديون أكثر مسؤولية عن رفاهيتهم، والمشاركة تجعل الناس فاعلين بدلا من أن يكونوا خاضعين.
والتعريف العملي للمشاركة كما وضعته الأمم المتحدة يشير إلى الجهود المنظمة لغرض زيادة سيطرة المجموعات على الموارد والمؤسسات التي استبعدوا منها حتى اليوم.
وينظر إلى التنمية باعتبارها تقدما إنسانيا. فالتنمية الحقيقية ترتكز على البعد الإنساني، وتتجه نحو تحقيق القدرات الكامنة في الإنسان وتحسين الحياة الاجتماعية والاقتصادية، ولذلك أخذت مفاهيم التنمية المستدامة والتنمية الشاملة أهمية كبرى في الفكرالاقتصادي والبرامج التنموية.
ينظر اقتصاديو التنمية إلى مفهوم الاستدامة ضمن إطار الإدارة الكلية، فصندوق النقد الدولي والبنك الدولي يشيران إلى النمو الدائم أو التنمية المستدامة بالزيادة في الدخل الفردي والتي يمكن المحافظة عليها بعيدا عن آثار التضخم أو مشاكل ميزان المدفوعات. وهذا التعريف للبنك الدولي يبدو بعيدا عن اهتمامات المحافظين والبيئيين الذين يركزون على الحفاظ على المصادر الغذائية وإطالة قدرة الأرض على خدمة الحياة الإنسانية.
وحدد بعض الإيكولوجيين وسائل قياس للاستدامة، ومنها انجراف التربة، وفقدان الغطاء النباتي والغابات، وتلوث الماء والهواء.
نظرية التنمية
يعتبر آدم سميث وديفيد ريكاردو من كبار المفكرين الاقتصاديين المؤسسين للمدرسة الكلاسيكية. وشغل المفكرون الاقتصاديون المعاصرون بالأسباب المباشرة والبعيدة للنمو، وركزت البحوث على السلوك الإنساني. فالمصادر الطبيعية وضعت الحدود للنمو في مخرجات كل فرد، وجزء كبير من الفروقات في الثروة بين مختلف الدول يمكن تفسيرها بالفروقات في نوعية المصادر الطبيعية. وحقق ليوس (1955) في كتابه "نظرية النمو الاقتصادي" في تأثير السلوك الإنساني على النمو عبر مرحلتين: الأولى تتعلق بالأسباب المباشرة للنمو، وهي جهود التوفير، وخفض كلفة المنتجات، وزيادة رأس المال؛ وأما المرحلة الثانية فتتعلق باختلاف استجابة المجتمعات لمحركات النمو.
إن جهود التوفير وزيادة المعرفة وتطبيقاتها تأتي ضمن إطار جهد إنساني، والإنسان يجب أن يكون مستعدا للحصول على السلغ بأقل جهد، وأن يبحث عن الفرص ويكون واعيا في ممارسة التجربة، فأكبر حالات النمو تحدث في المجتمعات حينما يضع الناس عيونهم على الفرص الاقتصادية وهم متلهفون لالتقاطها.
وهناك اختلافات في الفعالية الاقتصادية بين الدول وبين الجماعات ضمن الدولة الواحدة وضمن المراحل التاريخية. والنمو الاقتصادي يعتمد على المواقف نحو العمل والابتكار وتنظيم الحاضر والمستقبل، ولكن لماذا تختلف المواقف السلوكية والمعتقدات في الزمان والمكان، هل هي أسباب تتعلق بالبيئة أم الحكومات أم المناخ، أم التاريخ، أم ماذا؟
تقول المؤلفة إنه لا يوجد جواب مبسط حول هذه الأسئلة في المرحلة الحالية من المعرفة.
نظرية الثنائية
تعود جذور الثنائية إلى الأفكار الكلاسيكية والثورة الصناعية في القرنين الثامن والتاسع عشر. وتناقش المؤلفة فكرة الثنائية ضمن موقع التنمية في إطارها الواسع، وتتمحور في أربعة عناوين رئيسية: الثنائية الكلاسيكية، وكانت مهتمة بالاقتصاد الزراعي والصناعي عندما كانت الزراعة هي المسيطرة على اقتصاديات أوروبا وأميركا الشمالية وكانت الصناعة ناشئة لم تسيطر بعد على الاقتصاد؛ والثنائية التكنولوجية التي تهتم بالانقسام في الاقتصاد بين قطاع حديث وقطاع تقليدي من حيث استخدام وسائل الإنتاج؛ والثنائية الاجتماعية، وتهتم بمدى إمكانية تطبيق قواعد السوق في الوقت الذي تعمل القواعد التقليدية في مجتمعات ما قبل الصناعة؛ والثنائية التنظيمية التي ترتكز على خطوط الارتباط للاقتصاد وبين مختلف قطاعاته.
التقاليد الكلاسيكية الجديدة
يقود التحليلات الكلاسيكية الجديدة السوق وآليات الأسعار. وتحدد المؤلفة أهم سمات التقاليد الكلاسيكية الجديدة بأنها: افتراض العقلانية في صنع القرار، واحتساب التكاليف المناسبة، والدورالرئيسي المتميز لقوانين العرض والطلب. ويحتفظ اقتصاد السوق ضمن نظام الأسعار بآلية التصحيح الذاتي، والتجارة الدولية تجلب الفوائد لكل الشركاء، وأسعار الصرف العالية يجب أن تكون مرنة، والفاعلية تتطلب المنافسة التامة، والأسواق التنافسية تضمن أن عوامل الإنتاج (أرض، عمل، رأس المال، إدارة) تعود بأجور وفوائد وأرباح مساوية لقيمة ناتجها الحدي، وهذا له أهمية كبيرة في مسألة توزيع الدخل، ويعتمد النمو التكنولوجي على زيادة المعروض من رأس المال المادي والبشري والقدرات الابتكارية وروح الإبداع.
لكي تعمل الأسعار بشكل صحيح
أكد اقتصاديو التنمية على أهمية الدور الذي تلعبه آلية السوق في تخصيص الموارد لدى الدول النامية. فتثبيت أسعار منخفضة للمنتجات الزراعية لا يشجع المزارعين على التوسع في الإنتاج والتصدير، وأسعار الفائدة المنخفضة تبعد الناس عن التوفير، وتشجع رجال الأعمال على استعمال رأس المال بشيء من الإسراف في خطط ذات استخدام مكثف لرأس المال، وأسعار صرف ذات قيمة عالية تكبح الصادرات وتزيد الاستيراد على نحو يخلق مشاكل في ميزان المدفوعات، والأجور العالية في قطاع الصناعة قياسا بالقطاع الزراعي تؤدي إلى هجرة أعداد كبيرة من الريف إلى المدن.
وتعرض المؤلفة المبادئ الأساسية التي تصحح الأسعار في الدول النامية وفقا لما يراه خبراء التنمية، ويمكن تلخيصها فيما يلي:
على الحكومة أن تثق بالسوق، وتدع العرض والطلب يحددان الأسعار، والاختلافات في الدخول تعود إلى اختلافات في الإنتاجية، والاهتمام المفرط بالمساواة قد يحطم الحوافز، ويجب أن تقيد مهمة الحكومة في تصحيح مظاهر الخلل في السوق، وأن تضع السياسات التي توسع المنافسة في الصناعة والزراعة والخدمات والتسويق والنقل والتجارة الخارجية، وتشجيع المشاريع الصغيرة، والنشاطات الاقتصادية غير الرسمية.
الاقتصاد السياسي الجديد
حتى بداية الثمانينيات من القرن العشرين، كان معظم اقتصاديي التنمية يعتبرون الدولة أو الحكومة عاملا ملطفا، حين تفشل الأسواق تتدخل الحكومة لمعالجة الفشل، وهي أيضا تسعى إلى تحقيق أهداف اجتماعية أخرى مثل إعادة توزيع الدخل، أو بناء وترسيخ القيم الثقافية. وبشكل عام، تعتبر الحكومات بمثابة الحارس، غير أن تحفظات الاقتصاديين على ذلك تحولت إلى انتقادات علنية للعديد من الحكومات في الدول النامية، فالدول التي خضعت اقتصاداتها للسوق بدت أفضل بكثير من الدول التي تدخلت حكوماتها بقوة في الاقتصاد.
فالسوق لا تنتج فقط الثروات الجديدة بل تولد أيضا مختلف أشكال السلوك الإنساني ذات المصداقية في حل الصراعات، والسوق الحرة تقضي على التكوينات التي كانت شائعة قبل الرأسمالية، فإذا كان النظام السائد يتألف من النبلاء وقادة القبائل والإقطاعيين والنخب فإن من مصلحة هذه التكوينات المحافظة على الوضع القائم، أما السوق فلها القوة على تفكيك الأيديولوجيات والهياكل الاجتماعية السابقة.
وهناك تقليد في النظام السياسي الاقتصادي يعود إلى آدم سميث، ويقوم على أساس أن السوق تعمل كمساعد في تعزيزالحرية الفردية، ومن أهم المؤيدين المعاصرين لمبدأ الحرية السياسية والاقتصادية ملتون فريدمان، والذي يعتقد بأن الحرية السياسية والحرية الاقتصادية مفهومان مترابطان.
إدارة الاقتصاد
تقوم الوجهة الغالبة اليوم في إدارة الاقتصاد على أساس تقوية وترسيخ آلية السوق. ولكن الاقتصاد حين يترك لوسائله الخاصة قد يتجه نحو الاحتكار، والاقتصادات الخارجية والعملية التراكمية أيضا لهما انعكاسات واضحة على إدارة الاقتصاد.
وكانت أولوية الاقتصاد وفق "كينز" عندما نشر كتابه "النظرية العامة" هي كيفية الحفاظ على الاستخدام الكامل في نظام الاقتصاد المغلق، فإذا لم تتوفر المغريات للمستثمرين الخاصين في الاقتصادات الناضجة لا بد من تدخل الحكومة لمعالجة الخلل وتحقيق الاستخدام الطويل الأجل، والسياسة الرئيسية التي اقترحها كينز لمواجهة الركود هي زيادة الإنفاق الحكومي عبر عجز الموازنة.
ويوجد اليوم عدد من اقتصاديي التنمية يعتقدون بالدور الكبير والمهم الذي يلعبه استثمار القطاع العام في الدول النامية في معالجة مظاهر النقص في استثمار القطاع الخاص، وبعض المحللين في البنك الدولي يعتقدون أن البنك كان متعجلا في إغلاق المشاريع العامة.
النظرية البنيوية للتضخم
تطورت النظرية البنيوية في الخمسينيات، وتضمنت واحدة من أهم المدارس الفكرية حول التضخم في أميركا اللاتينية. ولقيت هذه النظرية معارضة شديدة من جانب النقديين، وكان أساس النقاش بين البنيويين والنقديين هو التاريخ الطويل للتضخم في أميركا اللاتينية.
وتشير الدراسات إلى ثلاثة مصادر للضغوط التضخمية في اقتصادات أميركا اللاتينية، وهي: انحسار المعروض من المنتجات الزراعية، ومشكلات في توفر الصرف الأجنبي، ومشكلات في عائد الحكومة. وقد حدد البنيويون الإجراءات التالية لمعالجة المشكلات الاقتصادية الأساسية: إصلاح الأراضي، وإصلاح الضرائب، والاستثمار العام والخاص في البنية التحتية والتسويق والنقل البري، وسعر صرف متعدد، واستثمار عام لتشجيع الصادرات غير التقليدية، والتحول نحو تصدير السلع المصنعة بدلا من السلع الأولية. 
الإطار السياسي للاقتصاد والتنمية
تعتقد المؤلفة أن الاقتصاديين ليس لديهم نظرية متكاملة توضح المنطق السياسي الذي يكمن وراء القرارات الاقتصادية. ولذلك، فهي تحاول إدراج قضايا من قبيل الديمقراطية والمشاركة والتخطيط ضمن نموذج اقتصادي.
ويعتبر كينز أهم منظر لدور الدولة في الاقتصاد، ويعبر كينز عن مناخ فكري كان سائدا في الخمسينيات، ولعله ساهم في ترسيخه يقوم على أساس ضرورة أن تسعى الدولة لتحسين نوعية الحاية المادية لمواطنيها، وساهم هذا الفكر في ظهور دولة الرفاه التي توفر خدمات شاملة من صحة وتعليم وإسكان وتقاعد للسكان. 
 وقد بدأت هذه العملية بعد الحرب العالمية الثانية تأخذ أهمية راسخة في عمل الحكومات ودورها، وكانت الهند هي الدولة الرائدة في مجال التخطيط التنموي، وأصبحت لجنة التخطيط المركزي في الهند هي مركز السياسة الاقتصادية.
ثم اتجهت الدول النامية إلى العزوف عن التخطيط المركزي بعد تجارب وملاحظات تشكلت في الفكرالاقتصادي، منها أن التخطيط ساهم في التشوه والفجوات الاقتصادية. ولم تكن مؤسسات التخطيط في الغالب تملك كفاءات مدربة وقادرة، ولا المعلومات والبيانات الكافية لأجل التخطيط السليم، وشغلت الحكومات في الواقع بتسوية الخلافات بين جماعات الضغط، واتبع كثير من الوزراء المصالح الفردية والقطاعية في التخطيط التنموي.
السياسات الدولية والتنمية
يعتبر البنك الدولي أهم مؤسسة دولية تهتم بالتنمية ومكافحة الفقر. وكان البنك في الستينيات يركز على التصنيع السريع والاستثمار في البنية التحتية، باعتبار ذلك أهم مدخل للتنمية ومكافحة الفقر. وفي السبعينيات أصبح الاهتمام يتركز على التنمية الريفية بعد أن اتضح فشل سياسات النمو الاقتصادي المعتمد على تراكم رأس المال في القطاع الصناعي في تحسين الحياة لغالبية السكان في الريف.
وفي الثمانينيات تغير السيناريو جذريا، حيث بدأت معظم الدول النامية تعاني من مشاكل اقتصادية كلية حادة ترافقت مع تزايد الديون وهبوط إيرادات العملة الأجنبية، ودفع ذلك البنك الدولي للتحول من مكافحة الفقر إلى اعتماد تسويات اقتصادية عملية صارمة، والتأكيد على دور قوى السوق في تطوير اقتصادات الدول النامية. ثم أعاد البنك في التسعينيات الاهتمام بالفقر ومشكلاته، وقد حدد استراتيجيته في احتواء الفقر وفق مجمل المبادئ والأفكار التالية: يرى البنك أن الدولة لا يمكنها مكافحة الفقر من دون نمو اقتصادي، غير ان أسلوب النمو يعتبر مهما، فقد لاحظ البنك أن سياسات التنمية المعتمدة على الزراعة والصناعات ذات العمالة المكثفة توفر النمو القادر على خفض الفقر.
ووضع البنك أولوية للتنمية البشرية، والتعليم والصحة، والتأكيد على ضرورة أن يستفيد الفقراء من النمو، وتمكين المرأة، ومشاركة المجتمعات في التخطيط والفوائد المتحصلة من النمو، وتوجيه سياسات الإقراض نحو المشروعات التي تحد من الفقر.
***
الاقتصاد والتنمية
تأليف: باربرة انجهام
ترجمة: حاتم حميد محسن 
دار كيوان للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق
الطعبة الأولى 2010 
336 صفحة

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  ابراهيم غرايبة   جريدة الغد