ثلاث درجات من أصل مئة حددت الفارق ما بين تصنيف الأردن بلدا "حرا جزئيا" وما بين تصنيفه "بلدا غير حر" على الصعيد الإعلامي ، حسب تقرير مؤسسة فريدوم هاوس والتي كانت ، قبل شهرين قد صنفت الأردن بلدا غير حر على صعيد الحريات السياسية ايضا.
بدلا من الشعور بالأسى على تصنيف الأردن في بند "حر جزئيا" بدلا من "بلد حر" نجد أن الحكومة تغضب رسميا من هذا التصنيف وتطالب بعودة الأردن إلى مكانه "بلدا حرا جزئيا" وتؤكد بأن المؤسسة الأميركية لا تراعي الخصوصية الأردنية في تقاريرها.
بالطبع هذا ليس اكتشافا ، لأن المؤسسة تعتمد منظومة رقمية من المؤشرات تقارن من خلالها كافة دول العالم بمسطرة واحدة وهي ليست معنية بالخصوصية المتعلقة بكل دولة وإلا لكانت قد أغلقت ابوابها وطلبت من كل دولة أن تقدم لها تقريرا رسميا يتضمن خصوصياتها ، يشابه التقارير الرسمية المرتبكة والضعيفة التي يتم إرسالها إلى لجان الأمم المتحدة.
وبشكل متواز مع تقرير فريدوم هاوس صدر قبل أسبوع التقرير المتميز الثامن من مركز حماية وحرية الصحافيين والذي تمكن من تأسيس ثقافة علمية ومنهجية تستحق التقدير لقياس حرية الإعلام في الأردن. في تقرير عام 2009 وبعد ثلاث سنوات من وصف حرية الإعلام بجملة "مكانك سر" قرر المركز هذه المرة وهو محق في ذلك استخدام "صيغة "إلى الخلف در" ، ولمن لا يقتنع بذلك هنالك 250 صفحة من الجهد البحثي الدقيق الذي يحلل اسباب التراجع في الحريات الإعلامية.
من المهم أن تقرأ السلطات الأربع ، التشريعية والقضائية والتنفيذية والإعلامية هذه النتائج والمؤشرات برحابة صدر وفكر منفتح وتميز الأسباب الحقيقية ورائها في حال كانت هنالك رغبة في إحداث تغيير حقيقي نحو المزيد من الحريات الإعلامية وربما وهذا ليس طموحا غير منطقي أن نجد الأردن يوما ما يتبوأ موقعا في تصنيف "بلد خير" بدلا من الخناق على ثلاث درجات تضعنا ما بين حر نسبيا وغير حر. ولكن الأهم من ذلك كله هو مدى قدرتنا على تحليل الأسباب وعدم الاكتفاء بالتفسير التقليدي الذي يحاول تحميل المسؤولية للحكومة متناسيا أن حرية الإعلام تحتاج إلى مجتمع مؤمن بها وإلى تدفق حر للمعلومات وإلى احترام لدور الإعلامي في البحث عن المعلومة وتقديم الحقائق للقارئ وكذلك عدم التهاون في الإقرار أولا ومن ثم محاربة مظاهر الفساد التي بدأت بالانتشار في الوسط الإعلامي وهي قادرة على تدمير مصداقية الإعلام الأردني في حال لم يتم وضع حد سريع لها.
الجهد المبذول في تحليل واقع الإعلام الأردني ضخم وموثق بأفضل الوسائل ولكن الحاجة ماسة إلى إرادة سياسية واضحة لإحداث نقلة نوعية في الحريات الإعلامية في الأردن.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة باتر محمد علي وردم جريدة الدستور