بدأت الانتخابات الداخلية لأعضاء مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين، باعتبار أحد القادة عضوا بالتزكية في مجلس الشورى، لأن أحدا لم يترشح لعضوية المجلس في الشعبة إياها، وليكون عضوا من جديد في مجلس الشورى منذ العام 1978، أي قبل علي عبدالله صالح وحسني مبارك؛ وهو أيضا رئيس الهيئة الإدارية للشعبة منذ أقدم العصور، ومرشح دائم لعضوية المكتب التنفيذي لحزب جبهة العمل الإسلامي وجماعة الإخوان المسلمين وللانتخابات النيابية (التي لا يؤمن بها). هذا القائد ليس الأنموذج الوحيد، فيكاد يغلب على قيادات الجماعة استمرار انتخابها منذ عقود طويلة من غير تجديد كاف في قيادة الجماعة وحراك أجيالها. ويبدو أن التدوير القيادي في الجماعة يكاد يتوقف على جيل العقد السادس والسابع والثامن من العمر، ولا يكاد يُعرف أربعيني أو ثلاثيني في قيادات الحركة وواجهاتها السياسية والإعلامية، وتكاد تكون المجموعة القيادية للجماعة والجبهة هي نفسها منذ أوائل التسعينيات، وأكثر من نصفها يتبوأون مناصب قيادية منذ السبعينيات والثمانينيات، وهناك عدد من قادتها كانوا أعضاء في المكتب التنفيذي للجماعة في أوائل الستينيات.
صحيح أنه تجرى انتخابات معقولة في صفوف الجماعة بنسبة كبيرة، ولكن الجماعة وقيادتها بحاجة إلى مبادرة جريئة في تجديد القيادات، وإفساح المجال للشباب والنساء والأعضاء الذين لم يشاركوا من قبل في مواقع قيادية.
والأكثر أهمية في ظل الربيع العربي الذي ما يزال يفضل الأنظمة السياسية، أن جماعة الإخوان المسلمين ما تزال غير معلنة النظام الأساسي، ولا العضوية ولا الموارد والميزانيات والإنفاق، وما تزال الانتخابات تجرى في سرية داخلية من غير رقابة محايدة، وبعيدا عن وسائل الإعلام، وحتى أعضاء مجلس الشورى المنتخبين يظلون طي الكتمان.
والأكثر قتامة وبلادة في النظام الداخلي للجماعة المرشحة لتكون الشريك السياسي الرئيس، والمفترض أن تقود الإصلاح، هو أن عضوية النساء فيها غير حقيقية ولا يشاركن في الانتخابات والترشيح، ويقتصر الانتخاب على من هم فوق سن الخامسة والعشرين.
كيف ستقود/ تشارك جماعة سرية في عضويتها وأنظمتها الداخلية ومواردها عمليات الإصلاح؟ كيف يطمئن المواطنون إلى إيمان الجماعة بالحريات والوضوح وهي لا تطبقها على نفسها؟ كيف تؤمن جماعة تمارس العمل على طريقة الجماعات السرية في العصور الوسطى بالانتخابات الحرة النزيهة؟ كيف ترشح الجماعة أعضاءها للانتخابات النيابية والبلدية والنقابية وهي لا تؤمن بالترشيح في انتخاباتها الداخلية، وتعتبر ذلك من طلب الولاية التي لا يجوز أن تمنح لطالبها؟ ألا يعني ذلك تقية.. وربما، وهو المرجح، الاعتقاد بأن الجماعات والدول ليست إسلامية ابتداء، وينطبق عليها اعتقاد بني إسرائيل "ليس علينا في الأميين سبيل"؟ ما الفرق في فكر قادة هذه الجماعة الذين ما تزال تتداول كتبهم المتشددة والخوارجية بيننا وبين البرازيليين؟ وهناك من هم أكثر عقلانية واعتدالا من الفئة الأولى أجازوا المشاركة السياسية قياسا على مشاركة يوسف عليه السلام والنجاشي، بمعنى أن المشاركة في البرلمان الأردني تشبه مشاركة المسلم في البرلمان البريطاني!

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  ابراهيم غرايبة   جريدة الغد