بدأت ملامح مقلقة جدا من العنف الاجتماعي تلوح في أفق البلاد ، وتلبد بالسواد سماء الانتخابات النيابية بينما نقترب من استحقاق التاسع من تشرين الثاني ، مع تزايد الانفعالات والمشاعر بين المرشحين وأنصارهم وعلاقاتهم الاجتماعية والعائلية.
ما يحدث حاليا في الأردن فريد واستثنائي ، بالرغم من وجود عوامل ملائمة للاحتقان الاجتماعي لأن التجربة التي يخوضها المجتمع الأردني حاليا في صراع الدوائر الفرعية على مقعد واحد مع معرفة المنافسين الأشداء هي تجربة جديدة ولا يوجد ارث من التعامل معها أو معرفة مخاطرها وتجنبها.
هذا الوقت ليس مناسبا للحديث النظري عن قانون الانتخاب ومساوئه ومحاسنه فهذا شأن يمكن نقاشه لاحقا في محاولة مخلصة لعدم تكرار الأخطاء ، ولكن المهم هو تجاوز الأيام الصعبة القادمة بأقل قدر من الخسائر البشرية والمادية وكذلك السياسية على سمعة الأردن وممارساته الديمقراطية.
ومن نافلة القول أنه بالتوازي مع اعلان الحكومة نواياها عدم التدخل في الانتخابات والحرص على النزاهة ، لا بد من ممارسة أقصى درجات الحزم الأمني مع التجاوزات التي تحدث بين المرشحين وأنصارهم.
خط الدفاع الاجتماعي الأول هو حكماء المجتمع والعشائر والرجال الذين يمتلكون صفات القيادة والمصداقية والوطنية والذين يمكن أن يساهموا في كبح جماح الانفعالات المرافقة للحماوة الانتخابية ويعملون على منع انتشار أية مشكلة خارج الاطار الضيق الذي يجب أن تعالج من ضمنه ، وفي حال تم التنسيق ما بين الأمن العام وما بين وجهاء العشائر المحايدين يمكن وأد بعض الفتن في مهدها ، والتعامل بحكمة مع النتائج الأولية للمشاكل التي يصعب منعها بحيث لا تتطور.
هنالك أيضا مسألة أمن الناخب وحمايته ففي حال تزايدت وتيرة العنف بين الأنصار والمؤيدين فان نسبة معتبرة من الناخبين قد تحجم عن التوجه الى مراكز الاقتراع لحماية نفسها من أية مضايقات من أنصار المرشحين المتنافسين على كل صوت أو خشية من الوقوع في فخ صراع يندلع فورا بعواقب وخيمة.
ولا بد في هذا السياق من تعزيز التواجد الأمني خصوصا عند مقار الانتخاب وعدم التهاون في منع الانصار من الاقتراب والتجمهر حول المقار وترك الحرية والحماية للناخبين لممارسة حقهم الانتخابي بأمن وراحة.
تزايد وتيرة العنف الانتخابي هو عبء جديد وصعب على الحكومة تحمله وهو نتيجة مباشرة لتقسيم الدوائر الفرعية والتنافس المحموم على مقعد واحد وقد سبق أن اشار عشرات المعلقين والمتابعين الى هذه النتيجة الحتمية منذ سنوات عندما كانت فكرة دائرة لكل نائب تطرح على استحياء.
ولكن وكما قلنا ليس هذا وقت التنظير ، بل حماية الممتلكات والأرواح عن طريق خطة أمنية استثنائية وفعالة وحازمة تحافظ على النزاهة وتحمي مناخ الانتخابات من العنف وبعد ذلك يمكن استقاء الدروس المستفادة من هذه التجربة حتى لا تتكرر.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة باتر محمد علي وردم جريدة الدستور