أثار مشهد التعنيف النفسي والجسدي الذي تعرض له أحد الأطفال في الصف الأول الابتدائي في مدرسة حكومية ، حفيظة كل من رأى المشهد المسجل على شريط فيديو تسرب إلى المنتديات والمدونات والشبكات الإعلامية الإلكترونية. رد الفعل كان سريعا وبتدخل حاسم من الملكة رانيا ووزارة التربية والتعليم في تحويل المعلمة المذنبة إلى القضاء ، ولكن الأمر سيحتاج إلى فترة طويلة من أجل إزالة التأثيرات النفسية التي عاناها الطفل وهو يتعرض للإهانة والسخرية والإحراج ويشعر بالخوف وانعدام الأمان.
طبعا سيقول البعض بأن هذا الامر يتكرر يوميا في بعض المدارس وربما ما هو اسوأ منه ولكن هذا لا يعني ابدا أن يصبح أمرا مقبولا واعتياديا بل لا بد من منع كافة مظاهر التخويف والإساءة للأطفال سواء تمت من قبل المعلمين أو من قبل أقرانهم من الطلبة المتنمرين. والبعض استغل هذا الحدث وموسم الهجاء للحكومة ووجه الاتهام للسياسات التربوية وعدم وجود رقابة حكومية ولكن هل مطلوب من الحكومة وضع شرطي أو رقيب على كل معلم أو دورية شرطة في كل مدرسة. بالطبع لا بد من مساءلة مدراء المدارس على السماح بمثل هذه السلوكيات ولكن لا يمكن تحميل كل حدث سببه تردي الأخلاق الفردية إلى السياسات الحكومية.
ما تستطيع الحكومة أن تفعله ، وبمشاركة من مجلس النواب هو نفض الغبار عن مسودة قانون حماية الطفل والمكدس في أدراج المجلس منذ خمس سنوات ومناقشته في البرلمان وإقراره مع بعض التعديلات التي تستوجبها عوامل جديدة لا بد أنها ظهرت في السنوات الخمس الماضية حول العنف الموجه ضد الأطفال في الأردن. مثل هذا القانون الذي يوفر الحماية للأطفال من العمالة والإهانة والتعنيف والضرب وأهمها الحاجة إلى إلغاء التنازل الشخصي عن حالات ضرب الأطفال وأن تكون الدولة هي الجهة التي توفر الحماية للأطفال في البيت والمدرسة والشارع ومنع تواجدهم في مواقع العمل بتاتا ولا يتم ترك الاطفال وكأنهم ملكية خاصة لأسرهم وأقربائهم.
من المهم أن تتعامل الحكومة بجدية مع ملف العنف ضد الأطفال لأنه أحد الأسباب الرئيسية التي قد تؤدي إلى زيادة ظاهرة العنف الاجتماعي لان الطفل الذي يتعرض للتعنيف أثناء الصغر ينمو ومعه نزوع لممارسة العنف تجاه الآخرين وهذه مسؤولية تجاه أطفالنا وتجاه الأجيال القادمة.
ان الحلول العقابية والمساءلة للمخطئين مسألة مهمة جدا لكن الحل الأفضل هو الذي يوفر الحماية القانونية للأطفال وتفعيل الأدوات الملائمة للمراقبة والتنفيذ ، والخطوة الأولى في ذلك هي إقرار قانون حماية الطفل.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة باتر محمد علي وردم جريدة الدستور