• حبّ *
  • (1) سيّدتي : بين شظايا هذا العمر يرقد ما تبقى مني على مفترق طرق في انتظار قطار يقودني إلى شمس حريّتي بلا احتراق، لعلّي أنجو مصادفة فأرجئ موتي إلى حين بعيدًا عنك، فأنا أريد ما لا يريده لي قلبي ، وما لا يستطيع أنْ يعوضه الغياب . أريد أنْ أحبّك على قدر حاجتي ... إلا قليلا، تاركًا مسافة بيني وبينك تصلح للنجاة، فأنا لا أجيد العوم، ومركبي لا يحتمل الطوفان، لذا أحتاج أنْ أحجر على قلبي وأؤدّبه بتهمة تطاوله عليّ وعليكِ بلا استئذان، كي أثبّت جذوره فيّ بلا ضجيج ولا صخب علّه يقلع عن الطيران، لكي لا أعلن كاذبًا إنْ لم أنجُ براءتك من دمي حين يجيء الخريف شاكيًا هجر السحاب . لشوق يؤوّل انكسار الشراع في محيط النبض فؤولٌ ؛ سأكتب أغنية بلحن ثائر على قلبي السادر في السراب، فيها سطرٌ واحدٌ يواسي صمت النهايات من ألم الرحيل . و على غصون الشوك سأنقش في وداع مهيب ما تيسر لي من حزن عن قمرٍ يهوى الرحيل. لمَ يا قمر تطلع متى تشاء غير عابئ بي ؟ لمَ تخلف موعدي وتستبيح صبري بعبث الانتظار ؟ متعبٌ أنا يا ورد من جهل قلبي و فقه الانتظار و إعلان موتي بغير انتصار . (2) لكي أرجع صبيّا يحلم كطائر نورس يغنّي فوق قوس قزح ؛ عليّ أنْ أعود إلى ما قبل البدايات، كي أرمّم خروقات النسيان لذاكرتي، وأعيد تشكيل حروف دفتر يومياتي وما خطّه قلمي ذات فجر تمادى في وسم الأمنيات بآمال بلا عمد في نعش الغياب . عليّ أنْ أعيد لخارطة الدمع في متاهات العشق هيبة النزف و فوضى الهطول في أرض قفار، وأنْ أردم تضاريس الوجع بفقه الممكن من المستحيل؛ كي أطفئ جذوة اشتهائي في ذاكرة وقت ليس لي فيه سوى خيالك وترهات التمنّي . كم هو مرهقٌ حبّ يقتات من حزنه ما يفتح باب الشهيّة على الانتحار، لن تصدّق ذلك حتّى تموت بلا ديّة ؛ و بنعي بائس في زاوية مهملة في صحف النسيان . أتراه سيكون سعيدًا لو بُعث قيس من جديد إلى هذه الحياة ؟ هل تنتظر أحدًا ليقول لك : كم كان جميلًا حزنك أيّها الحيّ الميّت ؟ لا تصدّق غير حدسك وما يمكن طبخه على نار الحقيقة - و لو بعد حين – لكي لا يمتصّ الحرمان دمك، و يعصرك برد الغياب .
  • وطن *
  • عدْ إليك من منفاك ، واغمس ريشتك في دم عدوك كي تمحو تجاعيد الألم من قسمات الحلم العتيد . آن أوان الصحو من آهات العذاب وبرد الخيام، ورثاء الأطلال على أرصفة السراب . لن تكون أنت إنْ مزّقت شراعك و سلّمت للريح راياتك، و تشرّبت أبجدية غيرك، واستمرأت اللجوء في مرافئ النسيان هناك... و هنا في قلب وطنك . كيف تبقى غريبًا بلا خارطة ؟ أو ترضى أن تكون لاجئًا تحت سماء يحكمها الغربان ؟ ! كيف ستنجو من غضب أمك إذْ تنسى أخاك ؛ و تظنّ أنّك بمنأى عن الضياع ؟ مفخّخ أنت بالصمت فأطلق لسانك ودكّ عروش النفاق قبل أن تنفجر فيك وتفطس من الاختناق .
  • حلم *
صديقي: يا طائري المقيم في عيون الرجاء، هاهم هناك يسيّجون فضائك بقطع من خراب ، ويشوون لحمك على موائد الكفر ؛ لئام ودّعوا الحياء، لن يصدّهم غير أحرار ارتوى فكرهم من نبع الإيمان . ماذا أقول لك يا صديقي ؟ ! جفّت سحب العروبة ، والغيث فرّ من أنياب التواكل، وانساح البطن قهرا. يا صاحبي : حالك ليلك، سقيم عشقك، هزيلٌ طيفك إنْ هادنت الهروب وتوشحت الصمت في زمن العقوق ؛ و انسلخت عنك وفرّطت في السباق . ميتٌ أنت إنْ لم أكن شعلتك في هذا الظلام ... يابس أنتَ يا عشب بعد الآن إنْ فقدت شبق الربيع في داخلي و خذلت لغتي والحوار بيني و بين هذا الدمار ..

المراجع

الموسوعة الالكترونية العربية

التصانيف

فنون  أدب  أدب عربي   شعر