تعتبر البهائية الدين الثالث في الأردن، إلى جانب الإسلام والمسيحية. ويتبع البهائية في الأردن حوالي ألف مواطن، قد لا نشعر بهم أو لا نعرف عنهم لقلة عددهم، ولكن أصدقاءهم وجيرانهم وزملاءهم يعرفونهم، وهم مواطنون أردنيون أبا عن جد.
بدأ البهائيون الإقامة في الأردن منذ أواخر القرن التاسع عشر، عندما جاؤوا مهاجرين من الاضطهاد الإيراني "القاجاري"، أو حجاجا وزائرين لمقام "البهاء" في عكا، مؤسس البهائية، في منتصف القرن التاسع عشر. ويعتقد البهائيون أنه نبي، وأن النبوة متواصلة لا تتوقف. وقد نفي إلى بغداد، ثم اسطنبول، ثم عكا، حيث توفي فيها العام 1892، وصارت عكا قبلة لهم، وصارت حيفا مقرا رئيسيا لقيادة البهائية في العالم، والتي يتبعها حوالي عشرة ملايين إنسان منتشرين في جميع أنحاء العالم.
ليست البهائية كما هو سائد في الثقافة المنتشرة طائفة أو فرقة من أحد الأديان، ولكنها دين مستقل. ويؤمن البهائيون "إيمانا راسخا بوحدانية الله وفردانيته حبا وطاعة لأمره، وأنه الأحد الصمد لا شريك له ولا نظير ولا سبيل لمعرفة ذاته، كتاب الدين البهائي". ويؤمنون أن "الدين واحد كما أن الله واحد، وإن تعددت ما تصوغه الثقافات من تعابير وما يسهم به البشر من تفاسير كتاب دين الله واحد". وهم بذلك يؤمنون بالأنبياء والكتب السماوية جميعها.
وبرغم أن الغالبية العظمى من البهائيين في الأردن ينتمون إلى أصول إيرانية، ولكنهم لا يعبرون عن ثقافة فرعية خاصة بهم، ولا يرون أنفسهم مجموعة إثنية، فهم ينتمون ثقافيا إلى الأردن والأماكن الأردنية التي يعيشون فيها. وقد بدأوا تجمعهم السكاني قبل حوالي مائة وعشرين سنة في قرية العدسية في الأغوار الشمالية، ولكنهم اليوم منتشرون في المدن الأردنية، ولم يعودوا يعملون في الزراعة كما كان آباؤهم، مثلما حدث لجميع الأردنيين من تحولات اقتصادية واجتماعية.
وتنظر الدولة الأردنية إليهم عمليا باعتبارهم دينا مستقلا، وإن كانت وثائقهم لا تشير إلى ذلك. ولكنها تعتمد الوثائق الصادرة عن مؤسساتهم في عقود الزواج والأحوال الشخصية المتعلقة بهم، ولا يعانون من مشكلات رسمية أو مجتمعية، وهم ملتزمون بالسلم والعمل الاجتماعي والأخلاقي، وعدم المشاركة في الأحزاب السياسية.
وبالطبع، يمكن أن يقال الكثير عن البهائية ومعتقداتها، ولكن المصادر الرسمية التي يقدمها البهائيون مختلفة كثيرا؛ فهم لا يختلفون عن المسلمين في رؤيتهم العامة والتزامهم الاخلاقي والاجتماعي، وهم يقولون بأنهم ليس لديهم أسرار يخفونها، وأنهم منفتحون على كل من يريد التعرف إليهم. وفي جميع الأحوال، فإنهم مواطنون أردنيون ويمثلون الجيل الرابع من البهائية في الأردن، ومن حقهم أن يفهموا كما يريدون أن يعرفوا أنفسهم.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة ابراهيم غرايبة جريدة الغد