لا يوجد اي شخص يعمل في الوسط الإعلامي إلا وشعر بالغضب العارم من تعرض زملاء صحافيين لاعتداء غير مبرر وغير مقبول من قبل بعض رجال الأمن في ساحة النخيل أثناء التدافع المتوقع الذي حدث من أجل فض نية الاعتصام المفتوح لمن يسمون أنفسهم «الحراك الشبابي».
نعرف جميعا كإعلاميين أن هنالك ضريبة للتواجد في المناطق الساخنة ولكن لا يوجد مبرر ولا منطق لاتسهداف الصحافيين بالذات لتفريغ شحنات الغضب المتراكمة منذ عدة ايام نتيجة التصعيد غير الحكيم الذي مارسته القوى المنظمة للاعتصام سواء الشباب الذين كانوا في الواجهة أم الشخصيات السياسية التي تحكمت بهم بالريموت كونترول. لم يكن أحد يتوقع أن ساحة النخيل يوم الجمعة موقعا للنزهة أو التسلية، فكل من حضر إلى الساحة جاء بأعصاب مشحونة وفي بيئة جاهزة للانفجار، ولكن الضحية الأولى كانت الصحافة التي جاءت لتقوم بدورها في التغطية المهنية للأخبار وخدمة للجمهور من المشاهدين والقراء والمستمعين والمتصفحين الذي يريدون معرفة الحقيقة، خاصة اثناء قيام التلفزيون الأردني ببث مسلسل سوري اثناء عز الأحداث في ساحة النخيل
خلال الأشهر الستة الماضية شهد الأردن أكثر من ألفي فعالية سياسية شعبية ولم تحدث إصطدامات إلا في حالتين فقط وهما في دوار الداخلية يوم 24 آذار وفي ساحة النخيل يوم 15 تموز ونتيجة لتصعيد سياسي واللجوء لخيار الاعصام المفتوح والذي يفتح الأبواب أمام كافة الشرور. أن تجمع عدة جهات مختلفة في مكان واحد وبأعصاب مشدودة سيعني مواجهة حتمية. الشباب قالوا بانهم جاهزون لاعتصام مفتوح والحكومة قالت بأنها لن تسمح بمثل هذا الاعتصام وكان من الواضح أنه إما أن يقرر الشباب أو التيارات السياسية المختبئة ورائهم إلغاء فكرة الاعتصام المفتوح واللجوء نحو فعالية محددة النهاية، أو أن تتدخل الشرطة لفض الاعتصام في أسرع وقت ممكن حتى لا تتراكم الأعداد وتصبح عملية فض الاعتصام أكثر صعوبة وبنتائج سلبية كبيرة كما حدث في 24 آذار.
نعم كان يوما اسودا على الإعلام الأردني وهذا أمر يدركه الجميع، ولا يوجد شخص عاقل وصاحب ضمير يمكن له أن يقبل بما حدث ولكن كان يمكن أن تكون النتائج أكثر سوادا على الأمن والاستقرار في الأردن لو تم السماح بمخطط الاعتصام المفتوح والتصعيد التدريجي بأن يأخذ مجراه. من المهم أن تخرج لجنة التحقيق بنتائج واضحة وبسرعة وبعكس ما حدث في حالات سابقة تم فيها تخبئة النتائج حتى بعد تعهدات مباشرة من بعض الوزراء بنشرها، ومن المهم ايضا أن يتم إتخاذ الإجراءات الكفيلة بمعاقبة المتسببين بالاعتداءات وكذلك ضمان عدم تكرار هذه الهجمات على الإعلاميين في المستقبل من اي طرف كان. ولكن جوهر المشكلة، وحتى لا ننسى في خضم غضبنا هو فكرة الاعتصام المفتوح وما رافقها من فتوى وتصريحات سياسية متشنجة ساهمت في تصعيد وشحن النفوس والوصول إلى هذه الحالة.
يمكن لنا جميعا أن نحقق الإصلاح المنشود بالعمل السياسي المنهجي والسريع والمخلص ويمكن لنا جميعا أن نمارس حقنا في الضغط الجماهيري والشعبي بالطرق والوسائل الحضارية والسلمية والمحددة المطالبة بدون اللجوء إلى شحن الراي العام وإيصال مجموعات مختلفة من الاشخاص إلى نقطة الصدام في ساحة عامة، وهي حالة دفع ثمنها هذه المرة الإعلاميون بعد أن كانت الأولوية الأمنية هي لحماية المعتصمين |
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة باتر محمد علي وردم جريدة الدستور
|