تتوالى الأخبار والتصريحات حول لقاءات حوارية تجريها قيادات في جبهة العمل الإسلامي وجماعة الأخوان المسلمين مع جهات ومؤسسات رسمية ومدنية في الولايات المتحدة وأوروبا حول الأوضاع السياسية في الأردن. هذه الحوارات هي حق مشروع للجبهة طالما أنها حزب سياسي مرخص وله دوره في تمثيل نسبة من المجتمع الأردني ويلعب دورا محوريا في العمل العام في الأردن. كما أن كافة المطلعين على النشاطات السياسية للسفارات الغربية والمؤسسات السياسية المستقلة يعرفون مدى اهتمام تلك السفارات ومراكز الأبحاث بمعرفة توجهات الحركات الإسلامية في المنطقة وفتح حوار معها.

الحوار المباشر بين الإسلاميين والسفارات والمؤسسات الغربية هو أمر مفيد لكافة الأطراف، وللعمل السياسي الأردني بشكل عام. هذه الحوارات تفتح أمام الإسلاميين الفرصة لمعرفة أن لعب دور في الحكومة مستقبلا سوف يعني ضرورة التواصل مع المعادلات السياسية والاقتصادية الدولية وعدم اتخاذ مواقف عدائية منها، وبالمقابل فإن السفارات والمؤسسات الغربية تستطيع أن تحصل على معلومات مباشرة عن الإسلاميين منهم شخصيا وليس من خلال وسطاء قد لا يتمتعون بالنزاهة المطلوبة.

كمواطن أردني مهتم بالعمل العام أشجع الإسلاميين على الحوار مع الجميع ولا توجد لدي مشكلة ولا توجه نحو نظرية مؤامرة متهالكة ولكن لدي سؤال أعتقد بأنه شرعي جدا. السؤال يتعلق بالتناقض ما بين قبول الإسلاميين للحوار مع الدول الغربية المؤثرة مقابل رفضهم للحوار مع الدولة سواء من خلال لجنة الحوار الوطني أو من كافة المنابر السياسية الأخرى والتي يرفضون الدخول إليها كما يرفضون التوصل إلى توافق مع القوى السياسية الأخرى.

في مقابل رفض الإسلاميين للحوار مع الدولة، وجنوحهم أحيانا إلى مواقف متطرفة وتحشيد الشارع إما بخطابات وتصريحات وبيانات ساخنة أو بفتاوى غير موفقة تبرر استخدام العنف، يحس الكثير من الأردنيين بالحيرة من مرونة الأخوان المسلمين في الحوار مع جهات خارجية. الأولى هو أن يكون لدى الإسلاميين موقف واضح من الإصلاح السياسي يتمثل في تحديد الأهداف الإستراتيجية المطلوبة (حكومات منتخبة، ملكية دستورية، الخ...) وأن تكون لديهم برامج بديلة في المحاور السياسية والاجتماعية والاقتصادية المختلفة حتى نفهم جميعا ما هو الخطاب والبرنامج الإسلامي لمرحلة ما بعد التعديلات الدستورية والإصلاح السياسي.

من حق الإسلاميين الحوار مع دول غربية مؤثرة ولا أحد ينكر ذلك ولكن من حق المجتمع الأردني والدولة الأردنية أن تفهم ما الذي يريده الإسلاميون بالضبط، ولماذا يرفضون الحوار مع الحكومة والقوى السياسية الأخرى ضمن منابر الإصلاح السياسي المتاحة.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  باتر محمد علي وردم   جريدة الدستور