يمكن أن نقول الكثير من الأوصاف السلبية حول مجلس النواب الحالي، لكن قطعا لن يكون أحدها يتعلق بغياب الطرافة.
إن مجلس النواب الحالي ونتيجة للنوعية الاستثنائية لمجموعة لا يستهان بها من السادة النواب يقدم صورة مختلفة عن الصورة النمطية للأردني المتجهم غير المتمتع بروح النكتة، وفي واقع الأمر فإن الطرائف التي جاد بها مجلسنا الكريم في الأشهر الماضية تستحق أن تسجل في التاريخ السياسي الأردني، فهي قد لا تتكرر مرة أخرى في المستقبل
نتساءل أحيانا عن السبب الرئيس الذي يجعل مجاميع كبيرة من المواطنين الأردنيين يخرجون في مسيرات ومظاهرا تطالب بالإصلاح السياسي وفي كل مرة لا يعجز مجلس النواب الأردني عن تقديم إجابات مقنعة، قد يكون أحدها الحاجة الماسة إلى أن نصل إلى قانون انتخاب وممارسات انتخابية لا تسمح ابدا بعودة مثل هذا المجلس أو المجالس القليلة التي سبقته إلى قبة البرلمان مرة أخرى.
الغياب المتكرر لعشرات النواب عن مناقشة التعديلات الدستورية هي فضيحة سياسية بكل معنى الكلمة ولا بد أن يدفع النواب الغائبون ثمنها، وكذلك الأمر في محاولات «تكييف» الدستور ليتناسب مع مصالح المجلس الحالي ولكن أخطر الحالات هي عدم القدرة على التحكم وضبط الجمل التي تخرج من بعض النواب وتشكل إهانات عديدة للمواطنين الأردنيين في أسوأ تجلياتها، ومصدرا للتندر والتهكم في بعض الحالات التي تؤدي إلى إحراج المجلس وسمعته.
بطريقة لا يصدقها العقل ولا يتوقعها أحد استعان أحد النواب الكرام بمثل شعبي غير ملائم ليصف الاقتراح المقدم من قبل الحكومة ولجنة التعديلات الدستورية بتخفيض سن المرشح للنيابة من 30 إلى 25 سنة تماشيا مع الوعي المتزايد لدى الشباب الأردني والعربي والذي يقود عملية تغيير تاريخية في المنطقة.
النائب ابدى اعتراضه على هذا التوجه بالقول ساخرا «ما ظل في الخم غير ممعوط الذنب». وبعيدا عن الحاجة إلى تعريف الخم الوارد في كلام النائب، أو الحيرة التي انتابتنا في محاولة الشرح لأشقائنا العرب والمهتمين من الاجانب حول معنى الخم وممعوط الذنب وأين يقعان في قاموس السياسة الأردنية، نجد أن هذا الكلام يشكل إهانة لأكثر من نصف الأردنيين كما يدل على استخفاف بمدى الوعي والقدرة التي وصل إليها الشباب الأردني.
هل يحق لأي نائب في الأردن السخرية والتهوين من التزام الشباب وهذا المجلس يشهد نسبة تسرب عالية من قبل أعضائه «الخبراء» عن مناقشة أهم تشريعات في تاريخ الأردن، وهي نسبة تسرب تتجاوز تهرب طلبة الجامعات من محاضراتهم ودوامهم؟ هل يحق لمجلس نواب قام العديد من اعضائه باستخدام عبارات غير لائقة بحق المواطنين أن يحاضر عن المرجعية الأخلاقية للشباب؟ هل يحق لمجلس نواب يعاني الكثير من أعضائه من عدم القدرة على استيعاب النصوص التشريعية والسياقات السياسية والاقتصادية في الأردن بالحديث عن عدم وعي وخبرة الشباب؟ باستثناء عدد قليل من النواب اصحاب الخبرة والكفاءة والالتزام .
هنالك تغيير عميق يحدث في بنية المجتمع الأردني سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ويقع الشباب في قلب هذا التغيير ولا بد من احترام وتقدير الدور الذي سيلعبه الشباب في المستقبل خاصة مع المستوى التعليمي العالي في الأردن والذي يساهم في إنتاج أجيال متعلمة ومثقفة وقادرة على تحمل المسؤولية بطريقة فعالة لو اتيحت لها الفرصة، والمطلوب هو أن يغير بعض النواب والنشطاء السياسيين والمثقفين مواقفهم المسبقة السلبية تجاه الشباب، والذين هم قادرون تماما على الترشح للانتخابات النيابية، ولكن فرص نجاحهم ستكون محدودة للأسف في حال استمرت سطوة المال السياسي وعدم التحول إلى نمط انتخابي حزبي متطور.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة باتر محمد علي وردم جريدة الدستور
|