إقبال محمد ناجي قارصلي، فنانة تشكيلية سوريّة ولدت في دمشق وتوفيت فيها. عاشت طفولتها في دمشق وضواحيها، وتزوجت وهي في الخامسة عشرة من عمرها. انتقلت بعدها للإقامة في تدمر برفقة زوجها الموظف ما بين عامي 1940ـ1950، وقد كان لهذه الفترة التي أمضتها في تدمر أثرا كبيرا في تكوين شخصيتها الفنيّة وثقافتها عامة. 
 
تعلّمت الفنانة قارصلي الفن بنفسها، وعمّقت معارفها الفنيّة والتقانية من انكبابها المجتهد على القراءات الفنيّة، والاطلاع على المعارض وأعمال الفنانين التشكيليين المحليين والعالميين. غير أن ذلك لم يشبع رغبتها في امتلاك ناصية الرسم والتصوير نظرياً وعملياً، مما دفعها إلى الانتساب لمعهد الجواهري في جمهورية مصر العربية، ودراسة الفن فيه بالمراسلة، وكان ذلك ما بين عامي 1956و1958. 
 
أنجزت قارصلي كثيراً من اللوحات والرسوم المتعددة الموضوعات، بأسلوب واقعي يميل إلى الاختزال، وذلك ما بين عامي 1954و1969، وقد قدمت هذه الأعمال للناس عبر سلسلة من المعارض الفرديّة والجماعية، الداخلية والخارجيّة، نالت عليها عدة جوائز وميداليات.
 
أقامت أول معرض فردي لأعمالها في صالة الفن الحديث بدمشق عام 1964، ما جعلها تقف في طليعة الفنانات التشكيليات السوريات، وواحدة من الرائدات في هذا الجانب. 
 
في العام 1966، وفي صالة المركز الثقافي العربي بدمشق، أقامت قارصلي معرضها الفردي الثاني، وفي عام 1968 أقامت معرضها الفردي الثالث في مدينة على بحر البلطيق في ألمانيا الديمقراطية سابقاً، نقلته بعدها إلى مدينة أخرى في الدولة نفسها. أما معرضها الفردي الرابع فأقامته في مدينة الثورة على الفرات، وكان هذا المعرض آخر إنجازاتها الفنية، إذ توفيت بعد مدة وجيزة، وهي في قمة عطائها الفني الذي كانت قد بدأت فيه تجربة جديدة ومتطورة، طاولت الأسلوب والتقانة والموضوعات، وكانت تعدّ العدة لتقديم هذه الانعطافة المهمة عبر معرض جديد، في العام ذاته الذي رحلت فيه. 
 
عانت الفنانة إقبال ناجي قارصلي مرضاً مزمناً ناتجاً عن تلقي دمها كمية من الرصاص الموجود في الألوان الزيتية، وهي التقانة اللونية التي اعتمدتها على نحو رئيس في تنفيذ أعمالها، ومرض التسمم بالرصاص، يعانيه كثير من المصورين الزيتيين، ويعد أحد أشهر الأمراض المهنية المنتشرة بين المصورين.
 
بمناسبة الذكرى الثانية لرحيلها، وبمبادرة من وزارة الثقافة السورية، أقيم لها في عام 1971 بصالة المركز الثقافي العربي بدمشق، المعرض الفردي الخامس. وفي عام 1985، نظمت لها نقابة الفنون الجميلة المركزية، المعرض السادس، وكان بمناسبة الذكرى السادسة عشرة لوفاتها، وبمناسبة مرور ثلاثين عاماً على رحيلها، أقيم لها في عام 1999 بصالة المركز الثقافي العربي بدمشق المعرض السابع. 
 
خصصت قارصلي جلّ أعمالها للموضوعات الوطنية، كما تناولت الطبيعة، ومظاهر التراث السوري المختلفة، وظلت طوال عمرها، تحاول تطوير ثقافتها الفنيّة النظريّة والعمليّة، وتطوير وسائل تعبيرها، والتقانات التي تشتغل عليها، لإيمانها العميق بضرورة أن يكون الفنان التشكيلي مثقفاً، لكي ينجح في مهمته الوطنية والاجتماعيّة، وقبل هذا وذاك، في مهمته الفنيّة التي كانت ترى فيها إحدى وسائل تخليص العالم من مآسيه وأحزانه. 
 
محمود شاهين
 

المراجع

الموسوعة العربية

التصانيف

الأبحاث