لكاردينال فرانسيس الأول (خورخي ماريو برغوليو)، ليس أول بابا من خارج أوروبا فقط، ولكنه الأول من الآباء اليسوعيين الذي يتبوأ المنصب. وربما يعني ذلك الكثير في توجهات واهتمامات الكنيسة الكاثوليكية؛ المؤسسة الدينية الأكبر، والتي يتبعها أكبر عدد من أتباع الأديان في العالم. وربما يؤثر ذلك أيضا على اتجاهات العالم، بدوله ومجتمعاته؛ فالكاردينال فرانسيس شأن قادة الكنيسة الأميركيين الكاثوليك، يرى التدين في التعلم والتعليم والتقشف والزهد والعمل الاجتماعي ومناصرة الفقراء والعدالة الاجتماعية.
نشأت اليسوعية في القرن السادس عشر على يد "إغناتيوس لويولا"، الذي وجد جامعة باريس عندما سافر إليها من إسبانيا تضج بالإهمال والفوضى والسمعة السيئة لطلبتها، فأسس جمعية دينية سماها "جمعية يسوع" (Society of Jesus) بهدف الإصلاح الديني والاجتماعي والتعليمي، والعودة إلى التعاليم السامية التي نادى بها المسيح عليه السلام. ونجحت الجمعية في بناء نظام تعليمي لم تعرفه أوروبا من قبل من حيث جودته ورقيه وتقدمه، باعتبار التعليم، كما ينص دستور الجمعية، هو الأساس المتين الذي يبنى عليه المجتمع المتقدم الصالح. 
ووضعت الجمعية منهجا مفصلا، في مئات الصفحات، يوضح ما يتعلق بالعملية التعليمية؛ من المناهج والامتحانات لجميع المراحل، وطرق التدريس، والمخططات المعمارية للمدارس والكليات. وصارت المدارس والكليات اليسوعية مقصدا للطلبة من أبناء جميع الطبقات، باعتبار التعليم اليسوعي هو الأفضل.
وبالفعل، فقد أسست اليسوعية للنهضة الأوروبية، وبخاصة في الموسيقى التي تعتبرها اليسوعية غذاء ضروريا للروح. ومن الجامعات التي أسسها اليسوعيون: جورج تاون ونوتردام وكلية بوسطن، في الولايات المتحدة، وكذلك القديس يوسف في بيروت. وساهم اليسوعيون في تطوير اللغات الآسيوية والترجمة إليها. وقدمت المطبعة اليسوعية في القرن التاسع عشر إلى الثقافة والعلوم العربية عددا كبيرا من الكتب. كما وضع اليسوعيون الألفباء الفيتنامية، وقدموا إلى العالم إسهامات علمية في الفلك والطب والرياضيات، وإسهامات تقنية، مثل ساعات البندول، والباروميتر، والتلسكوب والمجهر.
وتميز رجال الدين اليسوعيون في القارة الأميركية بالعدالة الاجتماعية ومناصرة الفقراء، والتصدي للاستبداد والإقطاع والظلم. وتعرض عدد كبير منهم للسجن والاضطهاد بسبب نضالهم الاجتماعي. وقد نشرت مقالا في "الغد" بتاريخ 21/11/2006، بعنوان "الدين في أميركا اللاتينية"، ذكرت فيه أن شعار الكنيسة الكاثوليكية في البرازيل، والتي كانت تدير في أوائل الثمانينيات 8000 جمعية كنسية تعمل كتنظيمات شعبية بين الطبقات الفقيرة، هو "الكنيسة صوت من لا صوت له".
ولد البابا فرانسيس الأول في الأرجنتين العام 1936، وترأس مجلس أساقفة الأرجنتين العام 2005، وكان يسمى كاردينال الفقراء. وقد كان يسير في الشوارع ويستمع إلى الناس ويعلمهم، ونشرت له صورة وهو يقبل قدم طفل مصاب بالسرطان.
وبالمناسبة، فقد اختير السوري المولد غريغوري الثالث لمنصب البابوية في العام 731م.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  ابراهيم غرايبة   جريدة الغد