تستمر أزمة احتجاجات المعلمين وإضرابهم لليوم التاسع دون وجود بوادر معقولة لطي المشكلة وتجاوزها.
من يدفع الثمن هم الطلبة في هذه المعركة من شد الحبل بين لجنة نقابة المعلمين والحكومة، بخاصة طلبة المدارس الحكومية الذين سيواجهون عاملا جديدا يحد من قدراتهم التنافسية مع طلبة المدارس الخاصة.
بعيدا عن المواعظ الأخلاقية التي تؤيد كلا من المعلمين أو الحكومة في المواقف لا يبدو أن ثمة حلا يلوح في الأفق إلا القبول بمطلب المعلمين في الوصول إلى علاوة 100% وإنهاء الإضراب في أسرع وقت.
الدنيا تغيرت وقد أصبح للمعلمين الآن وبعد عقود من التهميش قوة اجتماعية وسياسية لا يستهان بها وبات من الواجب أن يتم التفاوض معها بشكل استراتيجي. وفي نفس الوقت من المهم أن يدرك المعلمون أنهم يمتلكون قوة كبيرة يجب أن تدار بمسؤولية واتزان وبما يحقق مصلحتهم وحقوقهم المشروعة وكذلك حقوق الطلبة والمجتمع. ما نشعر بالقلق تجاهه هو تحول مطالب المعلمين المحقة إلى أداة للشغب السياسي على الحكومة نابعة من أسباب أخرى ذات طبيعة انتهازية ومنها حماية بعض المتهمين بالفساد
علاوة 100% هي حق قديم للمعلمين باتوا الآن قادرين على المطالبة به وحتى في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية لا تملك الحكومة الكثير من الأوراق للمناورة. في حال تم التذرع بالعجز في الموازنة سيكون من السهل مواجهة هذا التبرير شعبيا بـ”حالات الفساد” التي نهبت المال العام، فلماذا يضطر المعلم لدفع الثمن والتضحية. ويبدو أنه من قبيل الصدف الغريبة ان مبلغ 27 مليون دينار الذي تحتاجه الحكومة لتأمين علاوة 100% للمعلمين قريب جدا من مبلغ 26 مليون دينار الذي تم الحجز عليه من حسابات مدير المخابرات السابق قيد التحقيق حاليا، وهو مبلغ بالطبع لم يتم توفيره من الراتب الشهري بعد دفع الفواتير والكمبيالات وأقساط المدارس والتعليم والصحة والكهرباء والمياه والغذاء واقتطاعات الضمان الاجتماعي |
من المهم أن يتم إنهاء هذه المشكلة بشكل استراتيجي بحيث يحدث اتفاق واضح بين لجنة نقابة المعلمين والحكومة على تحقيق المطالب الحالية، وبرمجة اية مطالب مستقبلية بشكل منهجي بحيث تكون هنالك عملية تدرج في تحقيقها وضمن جدول زمني واضح لا يجعل الطلبة يقعون رهينة صراع الإرادات.
ما نحتاجه هو المنطق في تحقيق المطالب والحقوق وتنظيم العمل النقابي للمعلمين بحيث لا يتم الاعتداء على حقوق المعلم ولا الطالب ولا المجتمع أيضا.
الدعم الذي يحظى به المعلمون حاليا قد لا يستمر طويلا في حال تكرار الإضرابات بدون تنظيم وأهداف محددة مسبقا وكذلك في حال أصبحت هذه القضية ورقة سياسية لقوى المعارضة للضغط على الحكومة.
نقف مع المعلمين في مطالبهم المحقة، ومع الطلبة في حقوق التعليم ونتمنى حلا سريعا للمشكلة وأن تكون الأهداف القادمة للجنة نقابة المعلمين هي المطالبة بتحسين وتطوير المناهج وأدوات التعليم بحيث تتناسب مع الثروة البشرية في الأردن وإعادة التعليم إلى المركز المتميز الذي كان يتمتع به الأردن.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة باتر محمد علي وردم جريدة الدستور
|