مؤتمر الدين والثقافة الذي عقد في المغرب قبل أيام قليلة، ونظمته مؤسسة "مؤمنون بلا حدود للدراسات"، ربما يؤشر على صعود تيار فكري يؤمن بتحرير الدين بعامة، والإسلام بخاصة، من كل احتكار أو سلطة سياسية أو تنظيمية، ليكون موردا للارتقاء الفكري والحياتي للأفراد والمجتمعات، من غير قيود أو وصاية سلطات أو جماعات سياسية. وهو ليس أمرا سهلا، ولكنه يبدو واعدا وممكنا في غمرة النزاعات الدينية والطائفية التي تسود اليوم في دول ومجتمعات عربية وإسلامية عدة، وصعود الإسلام السياسي وهمينته على السلطة باسم الدين، ومخاوف فئة واسعة من الناس من الإضرار بالحريات الاجتماعية والفردية وأسلوب الحياة والثقافة والفنون، وصعود موجات الكراهية وغياب التسامح؛ ما يشجع (ربما) على المبادرة بالمصالحة والتحييد في المسائل السياسية والاجتماعية والثقافية، على النحو الذي يرتقي بالفكر والحريات، ولا يقيدهما.
تبدأ المسألة، كما يكاد يُجمع المشاركون في المؤتمر، بتفكيك العلاقة بين الدين والتدين؛ والدين والسياسة والسلطة؛ والنص الديني ومعانيه المتعددة والمتغيرة حسب اللغة والحالة التاريخية والاجتماعية والثقافية، وتطور العلوم والمناهج العلمية في اللغة والأنثروبولوجيا والاجتماع وتحليل الخطاب.. وإعادة الاعتبار للفلسفة كمنظومة علمية وفكرية لا يمكن الاستغناء عنها في السؤال ومحاولة الإجابة!
الثلة الواسعة من أصحاب هذا التيار ونشطائه وأنصاره، ربما تكون قد التقت للمرة الأولى على هذا النحو من الزخم العددي والنوعي؛ عبدالمجيد الشرفي، وحميدة النيفر، ومحمد سبيلا، وصلاح الدين الجورشي، وعبدالجواد ياسين، وهاني فحص، وعبدالجبار الرفاعي، وأبوبكر با قادر، والسيد ولدأباه، وفهمي جدعان؛ وعدد كبير من الباحثين والمثقفين الناشطين في هذا المجال (حوالي مئتي باحث وكاتب)، الطيب بوعزة، ونائلة أبي نادر، وحمادي ذويب، وناجية الوريمي، وشريف يونس، ومحمد الخراط، وأنس الطريقي، وبسام الجمل، وصابر سويسي، وباسم المكي، والحاج دواق، ونادر حمامي، وعلي الرجال، ومعاذ بني عامر، ومنتصر حمادة، وكنزة أولهبوب، وإبراهيم امهال، ونزهة صادق، ويونس قنديل، وأحمد فائز، ومحمد العاني.. وأعتذر لمن فاتني ذكر أسمائهم.
تحدث السيد هاني فحص عن اللاهوت السياسي، والسيد ولد أباه عن حالة الفلسفة في الوطن العربي، وقدم هاشم صالح "قراءة في مشروع محمد أركون"، وعبدالمجيد الشرفي "ملامح الثقافة الإسلامية السائدة"، وعبدالجبار الرفاعي "البحث عن آفاق تتخطى الإبداع في الدراسات الإسلامية"، ومحمد سبيلا "المسألة الدينية بين الفكر التقليدي والفكر الحديث"، وفهمي جدعان "إشارات: ما أومن به"، وعبدالجواد ياسين "الديني في الثقافي والثقافي في الديني"، وصلاح الجورشي "الدين والسياسة في ظل حكم الإسلاميين".
مؤسسة "مؤمنون بلا حدود" أشهرت نفسها في المغرب وفق قناعة بأن الإنسان أوسع من أن تُختصر خيريته في دين أو مذهب أو طائفة أو عرق، وأنها ستعمل على خلق فضاء معرفي مبدع وحر للنقاش في قضايا التجديد والإصلاح الديني في المجتمعات العربية والإسلامية، وتحقيق رؤية إنسانية للدين منفتحة على آفاق العلم والمعرفة، ومكتسبات الإنسان الحضارية.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة ابراهيم غرايبة جريدة الغد