لست معنيا بالتعليق على مضمون الشريط المنسوب لرئيس هيئة الطاقة الذرية والذي يقال انه وجه فيه الشتائم النابية لمعارضي البرنامج النووي الأردني، لأن الهيئة نفسها لم تقرر حتى الآن موقفها تجاه الشريط. بينما ينفي الناطق الرسمي صحة الشريط مدعيا بأنه مفبرك، يصرح رئيس الهيئة للزميلة الجوردان تايمز بأن كلامه “أخرج عن سياقه” وأنه كان يقصد كاتبا معينا وليس جميع المناهضين للمشروع. ولكن الرجوع إلى كتاب اللغة العربية للصف الرابع الابتدائي الذي تم إعداده عندما كان رئيس الهيئة وزيرا للتربية والتعليم يشرح الفارق ما بين الكلمات في صيغة الجمع وصيغة المفرد، ولدى مراجعة الشريط يتأكد لنا بأن الكلمات المستخدمة هي في صيغة الجمع.

شخصيا لا يهمني تلقي أوصاف “البهائم” لأن ذلك يعكس إفلاسا في الحوار، ويشرفني لقب “زبال” لأن عمال الوطن يقومون بعمل رائع ونبيل في تنظيف الشوارع من المخلفات التي يلقيها البعض بدون مسؤولية سواء كانت من القمامة العادية أو المخلفات التي لا يمكن معالجتها، ولكنني سأحتفظ بحقي الشخصي في مقاضاة كل من يلمح أو يصرح بوجود ارتباط بين مناهضي المشروع النووي وإسرائيل وبأن ما نقوم به من جهد توعية وتثقيف ونشاط سلمي نابع من حرصنا على مستقبل هذا البلد هو لخدمة إسرائيل.

في محصلة الأمر هنالك توجهان لدى المجموعات المناهضة للبرنامج النووي. المجموعة الأولى ترفض الفكرة مشيرة إلى أن المفاعلات النووية تمثل خطرا داهما على البيئة وعلى الصحة في حال حدوث اي خلل في التركيب أو التشغيل أو الصيانة، إضافة الى كيفية إدارة المخلفات النووية وكيفية استخدام مياه التبريد وغيرها العشرات من الاسئلة العلمية الفنية والتي لم تقدم لها الهيئة ورئيسها اية إجابات حتى الآن. المجموعة الثانية تؤمن بضرورة وجود برنامج نووي سلمي ولكنها تعترض على اسلوب الإدارة المستبدة التي تتم حاليا في البرنامج وتخشى من أن هذه الإدارة التي تفتقر إلى الشفافية سوف تضع الأردن في مواجهة أخطار كثيرة بسبب التغاضي عن التحديات الاقتصادية والبيئية والفنية والتي يحاول البرنامج النووي الحالي تجاهلها والقفز عنها.

نذكر قبل سنة ونصف وزيرا سابقا قام بتوجيه شتائم لصحفي مماثلة لما صدر عن رئيس هيئة الطاقة الذرية، وقد امتلك الوزير السابق النسبة المطلوبة من الشجاعة الأدبية للاستقالة وكذلك الاعتذار، ولكن تضخم الذات عندما يصيب المسؤول يعكس نظرة فوقية متعالية على المختلفين بالرأي. وقد تم في السنة الماضية إعفاء مدير اختيار موقع المفاعل النووي من موقعه بسبب عدم موافقته على قرار نقل المفاعل من العقبة (حيث توجد مياه البحر للتبريد) إلى المفرق حيث لا توجد مياه. وقد قامت هيئة الطاقة الذرية ايضا بالضغط على نائب رئيس هيئة تنظيم العمل الإشعاعي (التي يجب أن تراقب عمل هيئة الطاقة الذرية) وهو من ابرز العلماء الأردنيين في مجال الطاقة الذرية لتمنعه من الاستمرار في كتابة سلسلة ممتازة من المقالات التي كشفت حقيقة التناقض في تصريحات وأرقام برنامج الطاقة الذرية الذي تديره الهيئة.

ما حدث في الأيام الماضية يؤكد بأنا على حق ولدينا رسالة ومهمة أخلاقية تجاه هذه الدولة وهذا المجتمع وسوف نستمر بها بكل الحرص على الذوق العام وعلى المصداقية العلمية واحترام الرأي الآخر مهما كانت الاتهامات الموجهة لنا.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  باتر محمد علي وردم   جريدة الدستور