مبادرة "قصي" التي أطلقها ولي العهد سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني أمس، تستحق الاشادة والمتابعة في ذات الوقت، فقد التقط سموه "طرف الخيط"، وعمد إلى إيجاد حلول لـ "المشكلة"، فالحاجة ملحة لتطوير أداء المعالجين الرياضيين والعاملين في مجال علاج إصابات اللاعبين، ورفع مستوى البرامج الخاصة بالعلاج الرياضي.
وفاة لاعب الفيصلي الراحل قصي الخوالدة نتيجة بلع لسانه في إحدى مباريات دوري الشباب لكرة القدم، فتحت العيون نحو مشكلة حقيقية... صحيح أن قدر اللاعب أن يتوفى نتيجة هذا السبب، وما من مخلوق يقدر على تغيير إرادة الله، لكن السؤال كان.. ماذا بعد وفاة الراحل قصي؟.. وكذلك ما هي السبل لتلافي مثل هذه الحوادث في الملاعب؟.
لم يكن منطقيا تحميل الدفاع المدني المسؤولية الكاملة لوحده.. وجود سيارة الاسعاف ضروري قبل كل مباراة، ورجال الدفاع المدني هم الأقدر من خلال التجربة والخبرة والتدريب على التعامل مع حالات الاسعاف الاولية، لكن أين هو دور اللجنة الأولمبية، الاتحادات والأندية والمراكز الرياضية، اتحاد الطب الرياضي وجمعية المعالجين الطبيعيين والجامعات؟.
مبادرة ولي العهد تفتح الطريق نحو حل صحيح للمشكلة.. تشخيص الداء ومن ثم توفير الدواء.. البحث في الاسباب واستخلاص العبر ومن ثم الوصول إلى نتائج تساهم في تصويب الخلل، وايجاد بنية تحتية مناسبة للعلاج الرياضي.
ليس منطقيا أن تعين الأندية والاتحادات الرياضية معالجين لا يعرفون متطلبات مهنتهم.. ليست مهمة المعالج مقتصرة على حمل كيس من الثلج او "رش" مادة مخدرة على مكان الإصابة.. الطب والعلاج الرياضي علم ويحتاج إلى أشخاص مؤهلين علميا ومدربين جيدا على التعامل مع الإصابات الرياضية والحالات المرضية، وحتى ما يتعلق بأخطار المنشطات الرياضية.
جميل جدا أن بعض الاتحادات الرياضية الأولمبية والنوعية بادرت إلى عقد دورات تخصصية، لتثقيف العاملين من مدربين وإداريين ومسعفين بالإصابات الرياضية الشائعة، والاجمل أن لا تكون تلك الدورات "موسمية" او لمرة واحدة فقط، إذ أننا لسنا بحاجة او قادرين على تحمل وفاة لاعب آخر.
من هنا يجب أن تتحول مبادرة ولي العهد إلى "منهاج عمل"، وتخرج من الإطار "النظري" إلى الإطار "العملي"، بحيث تتضافر جهود الجميع من لجنة أولمبية ومؤسسات حكومية "مدنية وعسكرية" وجامعات تعنى بالرياضة، من أجل ترجمة التوجهات السامية إلى واقع يؤدي إلى تأهيل المعالجين الرياضيين.
مشكلة الاتحادات الرياضية والأندية هي غياب التشريعات الناظمة لعمل المعالجيين، فأصبح مجال العمل رحبا أمام من هو مؤهل أو غير مؤهل لممارسة هذا العمل براتب زهيد.
دعم الأمير الحسين بن عبدالله الثاني لهذه المبادرة وحرص الجميع على التعلم من الخطأ، وتأهيل العاملين في المجال العلاجي، سيؤدي حتما إلى تمكين المبادرة من الوصول إلى اهدافها.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد تيسير محمود