الإيماء والإيمائية
 
الإيماء والإيمائية Mime and Pantomime فن الاتصال واستخدام الإشارات للتفاهم بين البشر منذ القدم، ثم صار فناً تمثيلياً في عهد الاتصال الشفاهي. ويعتقد الباحثون أن الإيماء أصل فن المسرح، وأنه بدأ بتمثيل الإنسان البدائي لقبيلته أو أسرته ما جرى معه من أحداث، ثم تطور ذلك الفن إلى شيء من التسلية المنظمة، وينقسم الإيماء إلى مفهومين، بينهما اختلافات وصلات في آن واحد. إذ تعود كلمة Mimos إلى أصل إغريقي يعني «المحاكاة». ويشير المفهوم الأول إلى مشاهد واقعية الموضوع، ذات حوار، انتشرت في اليونان وجنوبي إيطالية، وأثرت في هزليات (كوميديات) «أرستوفانس»، وفيما بعد في أعمال الروماني بلاوتوس، وتضمنت إشارات بذيئة. أما المفهوم الثاني، وهو المفهوم الأحدث والمعروف في العالم اليوم، فيشير إلى مشاهد من دون كلام، تعتمد على الحركات والإشارات وتعابير الوجه. وقد بدأ هذا المفهوم في القرن التاسع عشر في فرنسة على يدي ديبورو Deburau، ثم انتقل إلى إتيين ديكرو Etienne Decroux، وجان ـ لوي بارو Jean-Louis Barrault، ومارسيل مارسو Marcel Marceau. لذلك، اشتهر الإيماء في العالم بأنه فرنسي الأصل، قبل أن يتطور ويتفرع مكتسباً خصائص أخرى متنوعة، حتى في فرنسة نفسها. ولكن الشكل الغالب هو ذلك الذي يستغنى فيه عن قطع الزينة والمتممات، ويترك لتقنية المؤدي وخيال المتفرج أن يظهراها. وترافق عروض الإيماء غالباً مقطوعات موسيقية، وأحياناً مؤثرات صوتية قد يتخللها بعض الكلام المسجل. ويُعدّ التدرب على الإيماء مهماً وأساسياً للممثل المحترف، وإن لم يمارسه. كما يفيد الإيماء كثيراً في الكشف عن مواهب الهواة وتطويرها. لذا، يدرّس في معاهد المسرح، لأنه يلقن الدقة في تكرار الأداء التمثيلي، وهو ما يحتاج إليه الممثل عادة في السينما خاصة، بسبب تكرار تصوير المشهد بآلة تصوير واحدة من زوايا مختلفة. ومن أوائل المدارس التي اعتنت بالإيماء في فرنسة المدرسة التي أسسها جاك كوبو Jacques Copeau، وأسماها مدرسة «برج الحمام القديم» Ecole du Vieux-Colombier، وهي التي تخرج فيها كبار الإيمائيين الذين نشروا هذا الفن في مدارسهم فيما بعد. ولاشك أن فن الإيماء تطور في النصف الثاني من القرن العشرين، وتنوعت مناحي الفنانين منه، سواء في فرنسة أم في خارجها، فظهر اتجاه تستخدم فيه الأقنعة، واتجاه آخر يمزج الإيماء بالباليه، واتجاه ثالث تعبيري فيه شيء من التمثيل وشيء من الرقص الحديث، واتجاه تهريجي يستلهم بعض سمات «الكوميديا الفنية» Commedia del l'arte الإيطالية. وقد يكون من المناسب الإشارة هنا إلى نقاط مهمة تتصل بالإيماء وتميزه: فهناك فارق بين «الإيماء» بصفته فناً مستقلاً له قواعده وأصوله وتقنياته، والتمثيل الصامت Silent Acting الذي قد تتضمنه بعض العروض المحترفة، أو الذي يبدو في المشاهد الواقعية المؤداة من قبل طلبة التمثيل بقصد التدرب. وهناك أيضاً الفارق بين الإيماء والإيمائية التي غدت فناً من فنون التسلية في أعياد الميلاد في العالم «الأنغلوسكسوني»، كما دخلت في بعض مشاهد الباليه في القرن التاسع عشر وما بعده عن طريق شخصية «بييرو» Pierrot في مسرحيات ديبورو نفسه، أو شخصية «المهرّج» Arlequin. ويتميز أيضاً بقيام النساء بأدوار الفتيان، والفتيان بأدوار النساء. وترتبط نهايته بوفاة سيفران Severin عام 1930. أما أهم اتجاهات الإيماء المختلفة في القرن العشرين فهي: الإيماء الاتباعي (الكلاسيكي): وقد أسس قواعده ديكرو، وأسهم فيه بارو، الذي قام بدور رائد الإيماء الفرنسي ديبورو في فيلم «أطفال الجنة» Les Enfants du Paradis. الإيماء الإيهامي: وقد تفرع من الاتباعي ولكنه ابتعد عن التجريب بلغة الجسد ليأخذ طابعاً هزلياً في الغالب، كابتداع مارسيل مارسو لشخصية «بيب» Bip. الإيماء مع الأقنعة: وقد اشتهر به جاك لوكوك Jacques Lecoq الفرنسي. الإيماء التعبيري (الأمريكي): وقد بدأه  بول ج Paul J، ثم طوره آدم داريوس Adam Darius الذي يعمل في لندن ويقيم فيها. الإيماء الراقص: ومن أعلامه هنريك توماشيفسكي Henryk Tomaszewski البولندي، ولاديسلاف فيالكا Ladislav Fialka الذي شهر في براغ، وميتسكيافيتشوس Mitskiavichus الليتواني. الإيماء التهريجي: ومن أعلامه ديمتري Dimitri السويسري، ونولا راي Nola Rae البريطانية.
 
رياض عصمت
 

المراجع

الموسوعة العربية

التصانيف

الأبحاث