كل أردني مهما كان موقفه السياسي والفكري شعر بالفخر من الطريقة التي تم بها تنظيم مسيرة يوم أمس والسيطرة عليها.
بغض النظر عن أرقام المشاركين والتي تعرضت لكثير من المبالغة في الزيادة والنقصان، النتيجة النهائية والمهمة هي سلمية المسيرة وعدم وجود اي احتكاك.
الجميع خرج فائزا يوم أمس، فقط الموتورون هم الذين يحاولون تصوير الحدث بأنه انتصار لجهة على أخرى، فما حدث هو حالة نادرة من اشتراك جميع الأطراف في الوصول إلى النهاية المنشودة والتي أراحت جميع الأردنيين بعد ايام طويلة من الشد العصبي.
العامل الاساسي في نجاح الأردن بتجاوز تحدي يوم أمس هو الجهد الكبير والمسؤولية العالية والتنظيم الممتاز الذي وصل حد الإتقان النموذجي من قبل الأمن العام.
ما حدث أمس في تفاصيل التنسيق والحماية والمتابعة الهادئة هو درس لكافة الأجهزة الأمنية في العالم بدون مبالغة.
أتحدى أن يكون هنالك جهاز أمني في أية دولة في العالم حتى الأكثر تحضرا وديمقراطيا قادرا على إدارة مسيرة كهذه بما رافقها من تحديات بكل هذا النجاح.
العامل الثاني الأساسي هو الوعي الكبير الذي أظهره المشاركون في المسيرة من عدة جهات والذين عرضوا رسالتهم ووجهة نظرهم في شعارات غير صدامية ربما يتفق عليها جميع الأردنيين ويختلفون فقط معها في تفاصيل التنفيذ.
وعي المشاركين في المسيرة كان أعلى بكثير من بعض التصريحات التي أطلقها “تأبط شرا” من قيادي الأخوان المسلمين في الأيام الماضية، واكد بأن الأردنيين في صفوف المعارضة لن يسمحوا بأي انزلاق نحو العنف والصدام وأننا جميعا أبناء وطن واحد.
المطلوب الآن بعد تجاوز هذا التحدي البناء على هذا النجاح عن طريق قرارات سياسية سريعة واستراتيجية بطي الملفات التي تسبب التوتر السياسي ومنها الاعتقالات وكذلك إعلان حكومية توافقية برئاسة وعضوية سياسيين يتمتعون بالسمعة الطيبة والاحترام العام لقيادة البلاد في المرحلة القادمة والتي ستشهد نقلة نوعية نتمنى نجاحها نحو الحكومات البرلمانية.
وفي نهاية الأمر أدعو -بكل جدية- إلى اعتبار يوم الجمعة القادم جمعة راحة الأمن وبدون مسيرات ولا مظاهرات لأنهم بالفعل يستحقون التقدير بعد الجهد الكبير الذي بذلوه ليس اليوم فقط ولكن طوال الأشهر الماضية في التعامل الأمني المحترف مع الحراك السياسي، ولا يغير من هذا الواقع وجود تجاوزات محدودة.
مبروك للجميع، لقد خرج الأردن فائزا
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة باتر محمد علي وردم جريدة الدستور
|