أخذت نفسا عميقا، وضعت قلما ومجموعة أوراق وحاولت أن أرسم مخططا شبه مقنع لما هو الوضع السياسي في الأردن حاليا وخاصة على جبهة المعارضة المكونة من الأخوان المسلمين والحراك الشعبي والتجمعات المختلفة المتباينة التي لا يجمعها تنظيم أو هدف واحد، إضافة إلى آلاف المعلقين المنتقدين لكافة الأوضاع السياسية في البلاد. في النهاية لم أستطع أن افهم، ربما لقصور في تفكيري ولذلك أطلب مساعدة صادقة لفهم المعادلات التالية.
كان رد فعل الإسلاميين وجهات عديدة في المعارضة لتعيين عبد الله النسور رئيسا للوزراء بموقفه من قانون الانتخاب الحالي داعين الرئيس إلى “تعديل” القانون والذي كان قد رفضه شخصيا في مجلس النواب وإقرار قانون انتخاب جديد “عصري وديمقراطي” يحقق المشاركة السياسية والتمثيل العام. تعديل القانون حسب الدستور الجديد يحتاج إلى إعادة مجلس النواب من جديد (بعد أن قضت المعارضة أكثر من سنة تطالب بحل المجلس في كل أسبوع)، أو إعلان حالة طوارئ لفترة قصيرة يتم فيها إقرار قانون مؤقت للانتخابات. إذا تجاوزنا المفارقة في قيام الإصلاحيين الديمقراطيين بالطلب من الدولة إعلان حالة الطوارئ فكيف سيتم الوصول إلى توافق حول قانون الانتخاب الجديد؟
إرحمونا رجاء من جملة “قانون انتخاب عصري وديمقراطي” التي يقولها الجميع لأن المطلوب الآن هو التفاصيل. هل تريد المعارضة صوتين او ثلاثة أو قائمة نسبية 50% أو قائمة نسبية 100%؟ وفي حال اتفقت المعارضة على قانون واحد وهذا شبه مستحيل فما الذي يعطيها الحق في فرض هذا القانون دونا عن صياغات أخرى قد تطالب بها قوى محافظة أو محلية أو عشائرية ترى في القانون الحالي صياغة مناسبة لها تماما؟ هل يعتقد البعض أنهم يملكون حقا أعلى من البقية في المطالبة بصيغة محددة للقانون؟
لقد كانت لدى الإسلاميين فرصة المساهمة في إحداث التوافق على قانون انتخاب في حال شاركوا في لجنة الحوار الوطني التي ضمت 99% من القوى السياسية في البلاد وخرجت بتوصية متينة ومنطقية لقانون انتخاب توافقي، ولكن الإسلاميين فتحوا نافذة خاصة وجانبية مع رئيس الوزراء الأسبق عون الخصاونة لتجاهل هذه التوصيات وتطوير قانون انتخاب يلبي مصالح الأخوان المسلمين وهذا ما لم يحصل في النهاية. الآن هل يملك الأخوان الرغبة أو الإرادة أصلا في الوصول إلى قانون انتخاب توافقي أم فقط يريدون فرض رؤيتهم باستخدام لغة التخويف من الشارع؟
وماذا عن عشرات الحراكات الشعبية؟ لا توجد لديها تصورات واضحة عن قانون الانتخاب والأولوية لديها في محاسبة لائحة محددة من الشخصيات والمسؤولين السياسيين المتهمين بالفساد إضافة إلى المطالب المحقة بإحداث عدالة في توزيع مكتسبات التنمية على المحافظات، وتبدو هذه الحراكات حقيقة غير مبالية بقانون الانتخاب.
هنالك أحزاب وتيارات وقوى سياسية نخبوية لديها وجهات نطر تجاه قانون الانتخاب وهنالك تقريبا 3 ملايين مواطن لديهم وجهات نظر خاصة، فكيف يمكن الوصول إلى قانون انتخاب توافقي يمكن أن يرضي الجميع؟ باعتقادي الخاص أن هذه مسألة تتطلب شهورا طويلة من قانون الطوارئ والقيام “باعتقال ناعم” لكافة القيادات السياسية في المعارضة والحراك في أحد منتجعات البحر الميت أو المحميات الطبيعية وعدم السماح لهم بالخروج إلا بعد التوافق على قانون انتخاب واضح التفاصيل
بدون هذا تصبح المطالبة بفرض حالة طوارئ لإقرار قانون انتخاب جديد أمرا مفتوحا على كافة الاحتمالات ومنها استمرار حالة الطوارئ لفترة طويلة، وبعدها ستقول المعارضة والحراك أن الدولة فرضت قانون الطوارئ من أجل تعطيل الإصلاح والتضييق على الحريات العامة والنشاط السياسي، وستخرج مظاهرات جديدة تطالب برحيل الحكومة، وإنهاء حالة الطوارئ...وبالطبع إقرار قانون انتخاب عصري وديمقراطي يمثل الجميع |
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة باتر محمد علي وردم جريدة الدستور
|