دراسة مكتبية : استيعاب قوى وطاقات الشباب الباحث التربوي والاجتماعي عباس سبتي 2010م مقدمة : نعيش في عالم وخطابات عديدة نسمعها على الدوام وهي تحث على الاهتمام بالشباب لماذا ؟ الشباب عماد الوطن الشباب رجال الغد الشباب صلاحه صلاح المجتمع الشباب ..الشباب في هذه الخطابات جاء تأكيد على الحوار مع الشباب ، فمن هم الشباب ؟ أكدت بعض الدراسات أن أكثر من 80% من مشكلات المراهقة – في عالمنا العربي – كانت نتيجة مباشرة لمحاولة الوالدين تسيير أولادهم بموجب آرائهم وعاداتهم وتقاليد مجتمعاتهم، وبالتالي يحجم الأبناء، وبخاصة في سنوات الشباب الأولى، عن الحوار مع أهلهم؛ لأنهم يعتقدون أن الآباء إما أنهم لا يهمهم أن يعرفوا مشكلاتهم، أو أنهم لا يستطيعون فهمها، أو أنهم - حتى إن فهموها - ليسوا على استعداد لتعديل مواقفهم. ويتعرض المراهق في هذه السن إلى بعض المشاكل والاضطرابات الشيء الذي يؤدى إلى حزن الآباء وممارستهم لبعض الضغوط على أبنائهم حتى لا ينحرفوا. ومن بين هذه الاضطرابات: حب الشباب، ومشاكل الوزن،و الدورة الشهرية،و النمو المتأخر أو المبكر للجسم، و نمو الحاسة الجنسية، و ضغوط الدراسة، والملل، و ضغوط الآباء،و ضغوط الأصدقاء، المشاكل المالية والانحرافات (مثل تدخين السجائر، شرب الكحوليات وارتكاب بعض الجرائم) كما تتوتر علاقة الأبناء بآبائهم في هذه الفترة من أجل الاستقلال ونيل الحرية. يعاني الشباب والمراهقون من هموم ومنغصات منها الدراسة وتقيد بالدوام المدرسي الذي يعده أكثر المراهقين أن المدرسة عبارة عن سجن ، لماذا ؟؟ ومنها العمل والحصول على الراتب لتحقيق آمالهم ورغباتهم حتى ولو أدى ذلك إلى عدم إتمام المرحلة الثانوية ، لأنه ليس المهم عندهم الشهادة وإنما الحصول على الوظيفة لإشباع الرغبات مرحلة المراهقة : ينقسم المراهقون بين مراحل عمرية عديدة منها : 14-18 سنة ، وسيكون الحديث عن المراهقة في بداية المراهقة يشعر الشاب أنه رجل وأنه يتصرف تصرفات الرجال منها ممارسة التدخين ولبس ملابس قد لا تتماشى مع قيم المجتمع لكنه يلبسها بدافع أنه حر ويتصرف بما يحلو له ، ويخضع المراهق لقيم الشلة أو الأصدقاء ويقدس هذه القيم لذا تجد المراهق يحترم رأي صديقه ولو كان مخطئاً ، في دراسة لي أجريتها على المراهقين ، أشارت إلى أن الصديق في نظر المراهق صديق بل وأخ له ولو أنه لا يحمل أفكار التدين ، لذا هذا المراهق قد يتأثر بصديقه غير المتدين فلا يذهب إلى حلقات تحفيظ القرآن أو ينقطع عن الدورة التي تنظمها جماعات المساجد في فترة الصيف بحجة أنه عند صديقه غير المتدين ، لذا يشتكي الآباء أن أبناءهم المراهقين لا يسمعون نصائحهم ، ويبدأ المراهق بالاستقلالية عن أسرته بعد أن يلتحق بجماعة الشلة ، وهذه الاستقلالية سمة بارزة للمراهق خاصة أنه ينفصل عن والديه بأفكاره وتكوين صداقات خارج محيط الأسرة ، كي يكون شخصيته ، لكن لماذا ينقاد أكثر المراهقين لأصدقائهم أو زملاء " الشلة" ؟ بشكل عام يشعر المراهق أن الانضمام إلى الشلة والتقيد بقيمها وثقافتها عبارة عن إضفاء لسمات الشخصية المرهقة هل هي أزمة ؟ يرجع علماء النفس الاجتماع هذه الأزمة إلى ما يمتز به المراهق في هذه المرحلة من صفات منها التمرد على قيم المجتمع وكل ما هو قديم نتيجة تأثره بشباب العالم وبأصدقائه وطلب التجديد ، ومنها تثبيت الأنا أو الذات وان له شخصية مستقلة عن الكبار ، ويريد الكبار يستمعون إليه وهذا يعني أن له هموم ومشكلات و... يحب أن يفهمه الكبار أغلب الآباء والأمهات بهز رءوسهم استنكارا عندما يصاب المراهقون بحالة هياج ويغلقون الباب بعنف, ويلقي الوالدان اللوم على الهرمونات لدى الأبناء. لكن بحثا جديدا يشير إلى أن هذا السلوك الفظ قد يعود في الواقع إلى (تغير البنية) العادية للمخ الذي يحدث خلال فترة المراهقة. وتوصلت دراسة حديثة لباحثين في جامعة سان دييجو, برئاسة روبرت مكجيفيرن الحاصل على دكتوراه في الفلسفة وبروفيسور علم النفس, إلى أنه مع الاقتراب من سن البلوغ, تنخفض قدرة الطفل على وضع أحاسيس الآخرين في حسبانه. واختبر الفريق قدره 300 يافعاً تتراوح أعمارهم بين 10 و22 سنة على الحكم على الأحاسيس التي تم التعبير عنها من خلال الصور والكلمات. وطُلب منهم أن يقولوا ما إذا كانت الوجوه والكلمات تعبر عن السعادة أم عن الحزن. وأوضحت النتائج أن زمن رد الفعل يعتمد اعتمادًا كبيرًا على العمر, وتتناقص السرعة مع اقتراب الصغار من سنوات مراهقتهم. ويبدأ رد الفعل يتخلف زمنيًا عند عمر 11 سنة بالنسبة للبنات و12 للأولاد, وهما العمران التقريبيان لبداية البلوغ. وانخفضت القدرة على التعرف على الأحاسيس لدى الآخرين بنسبة 20 في المائة لدى بعضهم. وتخلف ظهور رد الفعل زمنيا خلال السنتين التاليتين ثم استقر أخيرًا عند عمر 15 عاما. وأوضحت دراسة مكجيفيرن, التي نُشرت حديثا في (المخ والإدراك), أن المراهقين يعانون من زيادة مفاجئة طبيعية في النشاط العصبي في قشرة مقدمة الفص الجبهي في المخ, وهي منطقة المخ التي تقيّم الخبرة والإدراكات الحسية لتحديد رد الفعل بالتقريب, وتلعب أيضا دورا مهما في التحكم في السلوك الاجتماعي. وتبعا لمكجيفيرن, يكون لدى المراهقين (مخ يثير الاندفاع والتهور) بسبب زيادة النشاط العصبي, ومع ذلك لم يستبعد الدور الذي تلعبه الهرمونات, ووصفه بأنه نوع من إعادة التنظيم يجعل من الصعب على المراهقين معالجة المعلومات وفهم المواقف الاجتماعية. ويمكن استيعاب هذا الأمر بشكل خاص, حيث إن التفاعل الاجتماعي يكون له تأثير كبير على سلوك المراهقين. يرجع بعض علماء الاجتماع العنف عند المراهق إلى عوامل منها قسوة المعاملة من قبل الوالدين على المراهق فلا يستطيع أن يرد هذه القسوة بردة فعل أو عنف عليهما فيلجأ إلى قسوة في التعامل مع الأخوة الصغار ، أو نتيجة تفوق أحد زملائه في المدرسة فيسيء إليه إما بالضرب أو الإهانة من أجل تحقيق ذاته ، أو يطمع بشيء يملكه زميله فيلجأ إلى إيذائه مجالات انحراف المراهقين : دور الأصدقاء : في دراسة ( تطوير مراكز الدراسات الصيفية ، سبتي ، 2006م) عن الشباب وعلاقتهم بالأصدقاء تبين أن الشاب لا مانع لديه في مصاحبة الصديق غير المتدين : كما في السؤال : هل تزامل الأصدقاء غير المتدينين ؟ نعم بنسبة 20% أحياناً بنسبة 38% لا بنسبة 36% في حال ضم نسبة " نعم " ونسبة " أحياناً " ماذا نلاحظ ؟ أكثر من نصف عدد العينة يزاملون الصديق غير المتدين ، لماذا ؟ الشاب تفكيره في الصديق غير تفكيرنا نحن الكبار ، ألا يعني هذا تأثير الأصدقاء على الشاب ، ولعل من أهم أسباب انحراف المراهق رفقاء السوء كما تشير الدراسات بهذا الصدد غرفة المحادثة : توجد غرفة المحادثة أو Chatting Room على شبكة الانترنت يدخلها شباب اليوم لأسباب عديدة والمراهق والشباب يتعرف على مثيله أو على الجنس الآخر دون حدود ورقابة ، وقد تكون المحادثة فخاً يصطاد الصياد فريسته والضحايا هم المراهقين والمراهقات ولعل ظهور الجنس الثالث أو عقيدة عبدة الشيطان وغيرها من العقائد المنحرفة نتيجة لهذه المحادثات ، إلى جانب تغيير كثير من المفاهيم والقيم عند الأبناء والمراهقين فيشعرون بالغربة وهم يعيشون مع أسرهم تعاطي المخدرات : في أحدث دراسة أجريت في الكويت تشير أن معظم المتعاطين هم من حملة الثانوية العامة بنسبة 73% أي من فئة المراهقين ، وتكون أعمارهم ما بين 14-18 سنة ، ويشير 85% من أفراد العينة أنهم يعلمون عن حملات التوعية ضد المخدرات ، ماذا يعني ذلك ؟ ولعل من أسباب تعاطي الصغار المخدرات هو تقليد الكبار وحب الاستطلاع وتأثير وسائل الأعلام وجماعة ضغط من الشلة والأصدقاء وضعف الوازع الديني طرق استيعاب طاقات المراهقين والشباب : إن فن الحوار مع الشباب يفتقر إلى القواعد المدروسة حتى في المؤسسات التعليمية لا تجد أسلوب الحوار مطبق فيها والدليل على ذلك أن بعض الدراسات تشير إلى إقبال طلاب المدارس على المواقع الاكترونية الترفيهية والتي تخاطب ميولهم ورغباتهم وتشعر بكياناتهم ، بينما يشتكي التربويون أن الطلاب لا يفكرون المواد الدراسية ، لذا تجد أن الطلاب يشعرون أن المناهج التعليمية قد فرضت عليهم فلا يتفاعلون معها ، ثم أن هذه الشبكة العنكبوتية لم تستغل لتخدم الأهداف التعليمية بشكل كبير هناك عدة أساليب للحوار مع المراهقين لنختر أسلوباً منها : قبل الحوار ادرس وتعرف على خصائص النمو للمراهق : الجسمية والنفسية والاجتماعية لتعرف كيف تخاطبه ، وهذا الحوار إذا أدى إلى احترام رأي المراهق فهو ينجح ، لكن أي حوار ؟ الحوار يعني إزالة فرض الرأي على المراهق لماذا لأن المراهق يريد أن يكون له رأي في وسط الكبار الذي لا ينتمي له بينما قد يتنازل عن رأيه في وسط الشلة والأصدقاء خوفاً من العزلة ، حتى أسلوب النصيحة الذي قد يلجأ إليه الآباء والتربويون قد لا يجدي مع المراهق ، لماذا ؟ لأن هذه النصيحة صادرة من الكبار ، ولأن النصيحة لا تتماشى مع رغباته ، ولأن النصيحة تتعارض مع قيم الشلة التي ينتمي إليه المراهق ، بل الاستهزاء بأسلوب نصيحة الكبار عند بعض الشباب ويعد هذا الاستهزاء حق مكتسب ويدخل ضمن ثقافة المراهق وقد تقف الأسرة رافضة لانتماء الابنة المراهقة لجماعة الصديقات ، اعتراضًا على أخلاقهن أو ظروف حياتهن أو مستواهن الدراسي، ويدعو الوالدان الإبنة إلى نبذ صديقاتها ومقاطعتهن، ويريان أنه شيء منطقي أن يطلبوا منها ذلك، ويحاولان أن يقدِّما أنفسهم كبديل، ويتعجَّبان من نفور ابنتهما، وكيف تستجيب لصديقاتها أكثر مما تستجيب لهما، وهما لا يدركان أنهما برفضهما لجماعة الصديقات يزيدان انتماء ابنتهما إلى هذه الجماعة ؛ لأنها تتأكد أنها بذلك متمايزة عن أسرتها، وأصبحت مختلفة عنهم، وأنها ترفض أفكار أسرتها للدلالة على استقلالها ، كما رفضت صديقاتها أسرهن الحلول : دخول عالم الأصدقاء والاختلاط بهم مما يجعلهم يمدحون هذا الأب أمام ولده المراهق ، ويكون مصدر فخر له ، وبالتالي يحاول المراهق مزاملة والده ، وبذلك يزيل الحواجز بينه وبين والده ، تكون صداقة بينهما صداقة تفاهم وتبادل الآراء ، لا صداقة توجيه وأوامر ، وهذا ما أمرنا الإسلام به " اتخاذ الابن ذي 14 سنة فما فوق " صديق " لاعبه سبعًا وأدبه سبعًا وصادقه سبعًا ثم اترك له الحبل على الغارب" إن تقديم أنفسنا لأبنائنا كأصدقاء يجب أن يتم بشروطهم بحيث نبدو محاورين لهم، ومتفاهمين معهم، وليس فارضين لآرائنا عليهم، وأن دخولنا عالم أصدقائهم سيساعدنا في توجيههم بصورة غير مباشرة لكيفية اختيار الأصدقاء، بغير أن نواجههم أو يشعرون أننا نتدخل في حياتهم، بذلك نكسر الحاجز بيننا وبين أبنائنا الأمر يحتاج إلى حكمة، وفطنة، وتخطيط ، إزالة صفة الإجرام عن المراهق أو الحدث هو تسهيل انخراطه في العمل التطوعي كما نادى بعض القضاة الذين ينظرون في قضايا جنح هؤلاء الأحداث، أن أفضل عقوبة لهم هي إجبارهم على العمل التطوعي ذي النفع العام، لأنه خير بديل عن الاعتقال والحبس اللذين لا يجب الركون إليهما إلا إذا تكرر الجرم أو الجنحة مرات عديدة. وأشار إحصاء فرنسي إلى أن 80% من الأحداث ممن مارسوا العمل التطوعي ظلوا بعيدين عن مخاطر العودة إلى الأفعال الإجرامية أو الجنح التي حوكموا بموجبها، وأيضا لتخفيف آلام البطالة عن الشاب الخريج بتقديم دعم مادي له وبناء برامج توعوية وتثقيفية ، وإشغال وقت فراغه بأعمال التطوع ، وتفعيل دور مراكز الشباب بالبرامج المختلفة لتكون جاذبة لفئة الشباب لا طاردة كما هو في الواقع الآن طرح مشاريع تجارية صغيرة لاستيعاب الشباب وتشغيلهم بدلاً من جذب قوى أو أيدي عاملة من الخارج وليكن ذلك ضمن مشاريع وطنية تتبناها مؤسسات الدولة ومؤسسات القطاع الخاص تخصيص أموال من مؤسسات الدولة والمؤسسات الخيرية أو جزء من أرباح الشركات الكبرى لتشغيل الشباب والمراهقين الباحثين عن العمل ، تكثيف وتخصيص برامج رياضية وثقافية وفكرية ودينية لهم في أجهزة الاتصال الجماهيري

المراجع

www.swmsa.net/articles.php?action=show&id=2102موسوعة الأبحاث العلمية

التصانيف

الأبحاث