جبران (ماري ـ)
(1911 ـ 1956)
ماري جبران مطربة سورية، لبنانية الأصل، توفيت في دمشق. هاجر والدها يوسف جبور من لبنان إلى سورية مع أسرته إبان الحرب العالمية الأولى.
بدأت ماري جبران حياتها الفنية منذ الصغر في دمشق، واتخذت لقب والدتها «جبران» تيمناً بشهرة خالتها الممثلة ماري جبران التي كانت تعمل في فرقة سلامة حجازي، حتى اختلط الأمر بين ماري جبران الممثلة وماري جبران المغنية. وبعد دراستها للموسيقى وأصول الغناء، عملت، عام 1924، مطربة في مقهى وملهى «قصر البلّور» في حي القصاع، وحققت شهرة طيبة في الوسط الفني. واستمر عملها في المقهى مدة عامين توقفت بعدهما عن العمل بسبب اندلاع الثورة السورية. سافرت بعدها إلى بيروت لتعمل في ملهى « كوكب الشرق». ويذكر الملحن الموسيقي زكريا أحمد، في مذكراته اليومية، أنه أمضى إحدى السهرات في بيروت عام 1927 مع زميليه رياض السنباطي وأمين حسنين في الملهى المذكور، واستمعوا إلى مطربة شابة ذات صوت جميل تدعى ماري جبران.
في أوائل الثلاثينات، عادت الراقصة الشهيرة بديعة مصابني من مصر إلى دمشق لزيارة أسرتها، وكانت آنذاك تملك صالة «بديعة» الشهيرة في القاهرة، وتسيطر على بعض دور اللهو في العاصمة المصرية. فاصطحبت معها، عند عودتها إلى القاهرة، ماري جبران التي وقعت معها عقد عمل لتغني في ملهاها. وافتتن الناس، هناك، بجمال جبران قبل أن يفتنهم صوتها ولقبوها «ماري الجميلة» و«ماري الفاتنة».
تعرفت ماري جبران، في عملها في القاهرة، على الملحنين محمد القصبجي، وداود حسني، وزكريا أحمد، وانفرد الأخيران بالتلحين لها، وحفظت على أيديهما أدوار [ر.الأغنية] «الحبيب للهجر مايل»، و«أصل الغرام نظرة»، و«يا ما انت وحشني»، و«في البعد يا ما كنت أنوح» وغيرها من الأدوار التي تتطلب مهارة فنية في الأداء.
أنهت بديعة مصابني عمل ماري جبران في صالتها إثر خلاف نشب بينهما، ووجدت ماري أبواب العمل مفتوحة أمامها، على عكس ما كانت تشتهيه بديعة. وتخاطفت الصالات المختلفة ماري جبران فظلت تعمل فيها سبع سنوات، قررت بعدها العودة إلى دمشق حيث بدأت الغناء، عام 1939، في ملهى «العباسية» بمبلغ خمسين ليرة ذهبية شهرياً، وغدت، سيدة الغناء العربي في ديار الشام كلها، بعد تمرسها في فن الغناء على شيوخ التلحين في مصر. وكانت تغني، حتى ذلك الحين، أعمال المشاهير من المطربات والمطربين مثل أم كلثوم، وفتحية أحمد، ونادرة، ومحمد عبد الوهاب، إلى جانب الأعمال الغنائية التراثية، لتقرر أن عليها أن تغني أغنيات خاصة بها. واتصلت جبران بمشاهير الملحنين مثل صابر الصفح، ومحمد محسن، وزكي محمد، ورفيق شكري، ونجيب السراج لتبدأ معهم رحلتها الفنية الحقيقية التي امتدت إلى حين وفاتها. ويمكن القول، من خلال تعاملها مع هؤلاء الملحنين على غنى عطائهم لها، إنها ارتاحت إلى الملحن زكي محمد (زكي الحموي، أصلاً) فغنت من ألحانه عدداً وافراً من القصائد والمونولوجات [ر. الأغنية]، والأغاني العاطفية الخفيفة . وكان مونولوغ «الشباب» (عام 1938) أول لحن غنته له. ثم تتالت ألحانه لها، من أهمها: قصيدة «دمشق»، و«خمرة الربيع»، و«زنوبيا»، والجدير بالذكر أن ماري عندما غنت قصيدة «دمشق» من الإذاعة السورية، عام 1948، كانت أول قصيدة قومية نظمت احتفالاً بضيوف سورية السياسيين الذين اجتمعوا في دمشق بعد تقسيم فلسطين. وقد أحدث غناء ماري جبران للقصيدة، يومذاك، ضجة كبيرة للأداء البارع والألحان الجميلة. وغنت ماري أيضاً من ألحان نجيب السراج أغنيتين هما قصيدة «الغريب» ومونولوغ «يا زمان»، كما غنت من ألحان محمد محسن قصيدة «زهر الرياض»، وطقطوقة «حبايبي نسيوني».
تميزت ماري جبران بقوة صوتها وجماله، وفرضت نفسها مطربة شهيرة، لقبها وقتئذ عازف الكمان السوري الشهير سامي الشوا بـ «أم كلثوم الشام». كما كان للموسيقي السوري جميل عويس، الذي قاد فرقتها الموسيقية ردحاً من الزمن، فضل في مرافقتها الفنية إلى أن دفعه الحنين إلى العودة إلى مصر ثانية لمتابعة مسيرته الفنية فيها.
عانت ماري جبران في حياتها الاجتماعية كثيراً من وضع والدتها الصحي، الأمر الذي انعكس على علاقاتها العاطفية التي توّجتها، متأخرة، بالزواج من رجل تفانى في حبها ورزقا ولداً لم ينعم طويلاً بحنان والدته التي أصيبت بالسرطان لتقضي نحبها فقيرة معدمة. وتحتفظ إذاعة دمشق بجميع تراثها الغنائي الذي قلّما يذاع.
صميم الشريف
المراجع
الموسوعة العربية
التصانيف
الأبحاث