بالرغم من تواضع وعدم نضوج التجربة الأولى للقوائم العامة في الانتخابات النيابية والتي تمثلت في قلة المقاعد الممنوحة لها (27 مقعدا من أصل 150) والعدد الكبير للقوائم التي ترشحت للانتخابات بدون أسس حزبية وتنظيمية واضحة فإن إضافة القوائم هي النكهة الإيجابية في الانتخابات الحالية.
السبب الرئيس وراء هذا التصور الإيجابي هو أن القوائم وللمرة الأولى منذ عقود ساهمت في نقل نطاق الدعاية والحملة الانتخابية من الدائرة المحلية الضيقة إلى النطاق الوطني العام حيث نشاهد حاليا نشاطا محمودا للقوائم في استقطاب الناخبين في كافة المحافظات الأردنية. مرشح القائمة الوطنية ليس مرشح “حارة انتخابية” محصور بالمنطقة التي ترشح فيها بل عليه الآن أن يزور ويناظر في كافة المحافظات فالمرشح الذي يعود بأصله إلى إربد سيحتاج إلى اصوات من العقبة لينجح وهذا هو بالضبط جوهر الانتخابات الوطنية.
إن التحول المنشود في الانتخابات النيابية هو زيادة عدد المقاعد الممنوحة للقوائم الانتخابية وبما لا يقل عن 50% في الانتخابات القادمة حتى يخرج المرشح والناخب معا من حدود الانتماء الضيق للدائرة الانتخابية المحلية نحو كافة المحافظات.
كلما زاد عدد وتأثير القوائم الانتخابية وبطريقة تسمح للأحزاب والتكتلات بضم أكبر عدد ممكن من الشباب والمرشحين من الطبقة الوسطى والذين لا يمتلكون القدرات المالية للتنافس بشكل منفرد في ظل طغيان سوق المال السياسي يمكن أن نأمل بوجود حياة سياسية حقيقية. القوائم مطلوب منها اقناع كافة الناخبين من الرمثا إلى العقبة ببرنامج سياسي وبحضور انتخابي مؤثر بعكس المرشحين الأفراد الذين لا يفكرون إلا في النطاق المحلي وعندما يذهبون للبرلمان يعرفون بأن عليهم سداد حساب الأصوات التي منحها لهم الناخبون في منطقتهم من خلال خدمات وتعيينات وغير ذلك من الممارسات.
نأمل حقيقة في الانتخابات القادمة أن يكون لدينا عدد مقاعد للقوائم الانتخابية لا يقل باية حال عن 50% وألاّ يتجاوز عدد القوائم 20 قائمة منبثقة عن أحزاب منفردة أو تكتلات حزبية كما في كافة الدول الديمقراطية بحيث يصبح أمام الناخب فرصة حقيقية في مقارنة القوائم والبرامج وأن تنشط المناظرات والحوارات بين هذه القوائم في كافة المحافظات وتحرك ركود الحياة السياسية وتنقل التفكير من الدائرة الضيقة التي صنعها قانون الصوت الواحد إلى الدائرة الواسعة للوطن.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة باتر محمد علي وردم جريدة الدستور