علم الفلك astronomy، علم دراسة كل الأجرام خارج الكرة الأرضية وبيئاتها الذاتية، بما في ذلك القمر والشمس والكواكب والنجوم والمجرات وأشباه النجوم ومنظوماتها وحالات سطحها وداخلها (الشكل-1). ويقصد بعلم الفلك حديثاً، الفيزياء الفلكية التي تدرس الخواص الفيزيائية والكيميائية للأجرام السماوية. لذلك يُعنى هذا العلم حديثاً برصد ومتابعة وتفسير الإشعاع الذي يصل إلى جوار كوكب الأرض قادماً من مختلف أرجاء الكون. وقد اقتصر علم الفلك في كل فعالياته ولمعظم تاريخ الجنس البشري على الحيز المرئي من الطيف الكهرمغنطيسي، وكانت العين المجردة أداة الاستقبال الوحيدة. وقد استخدم الفلكيون القدماء عدداً من الأدوات البدائية لتحديد اتجاهات الأجسام على الكرة السماوية. ووُظفت تلك الأدوات لتعيين المواقيت والأزمنة على أساسٍ يومي وفصلي، كما ساعدت الفلكيين على التنبؤ بمواقع الشمس والقمر والكواكب الخمسة التي كانت معروفة آنذاك، وهي عطارد والزهرة والمريخ والمشتري وزحل. على أي حال، اعتمدت التنبؤات المذكورة نظرية هندسية للكون.
الثوابت الفلكية الأساسية
أدى اختراع المقراب telescope إلى زيادة كبيرة في قدرات الرصد البصري (الشكل-2)، ومن ثمَّ الكشف عن تفاصيل مجهولة في الشمس والقمر والكواكب الأخرى. لقد كشف المقراب أعداداً هائلة من النجوم لم يسبق للعين البشرية أن رأتها فيما مضى.
وعلى مر الزمن تنامت طاقة تجميع الضوء في المقاريب، فارتفعت الدقة في الأرصاد البصرية على نحوٍ ملحوظ. ترافق ذلك مع بروز نظريات وفلسفات جديدة تتناول المجموعة الشمسية والكون. وأدى التقدم الحاصل إلى تبني وجهة نظر مركزية الشمس في المجموعة الشمسية وإلى ظهور علم الميكانيك السماوي الذي ازدهر على يد إسحق نيوتن ومن تلاه من العلماء. قدّم علم الميكانيك السماوي صورة فيزيائية مفصلة عن حركة الأجرام السماوية بسبب قوى التجاذب الثقالي، وقد بقيت المذنّبات مادة للحكايات والخرافات إلى حين ظهور علم الميكانيك السماوي celestial mechanics الذي صنّفها في قائمة المكونّات الأساسية للمجموعة الشمسية.
استُخدم المقراب أول مرة في القرن السابع عشر وأدى اختراعه في النهاية إلى اكتشاف الكواكب البعيدة أورانوس ونبتون وبلوتو وأعداد كبيرة كذلك من كواكب قزمة هي الكويكبات asteroids تم ضمها إلى الأسرة الشمسية. واكتشفت أيضاً منظومات التوابع للكواكب الرئيسية.
تمكنّ الفلكيون من تحديد الثوابت الفلكية الأساسية مثل مبادرة الاعتدالين والزيغان وانحراف محور الأرض الناجم عن التغير الطفيف في مدار القمر وعدم وقوع هذا المدار في دائرة البروج وسواها. وتمَّ ذلك بفضل بناء مقاريب أكبر واختراع أدوات مساعدة كآلات التصوير وأجهزة تحليل الضوء وغيرها. وقد غدا تحديد هذه الثوابت من المهام الرئيسية للفلكيين إضافة إلى حساب المدارات وتعيين الأزمنة ومتابعة مواقع النجوم في القبة السماوية.
يعود الفضل لاختراع المقراب في تمييز النجوم باعتبارها شموساً بعيدة وفي قياس انزياحاتها الزاويّة وحركاتها، ولم تصبح الدراسة الفيزيائية للنجوم ممكنة إلاّ بعد أن استخدم المقراب مع أدوات مساعدة أخرى صُممت لقياس وتحليل الإشعاع القادم من النجوم كالمطياف وعدّاد الفوتونات، حيث مكنّ عداد الفوتونات العلماء من التحديد الكمي لإشعاع النجوم في مختلف قطاعات المجال الكهرمغنطيسي، ووفر المطياف تحليلاً مفصلاً لأطياف النجوم بما في ذلك قياس سرعاتها نصف القطرية؛ أي تلك السرعات التي ينطبق منحى كل سرعة منها على المستقيم الواصل بين الأرض وبين النجم المذكور.
الفيزياء الفلكية
كان اختراع لوحات التصوير الحساسة مرحلة أساسية دفعت العلماء إلى دراسة الفلك الفيزيائي، أي تطبيق الفيزياء الحديثة على الفلك. وهكذا طُرح مصطلح الفيزياء الفلكية التي ولدت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وركزت أبحاثها على الدراسة الفيزيائية لمختلف الأجرام الكونية. وقد بزّت الفيزياء الفلكية فروع الفلك الأخرى كافة وقدَّمت إنجازات كثيرة من أهمها النموذج الخاص بولادة النجوم وحياتها وموتها، وكذلك بناها الداخلية وتطورها.
الفلك الراديوي
تفرض العين البشرية حدوداً على الرصد البصري للطيف الكهرمغنطيسي، وقد تمكَّن العلماء من تجاوز هذه الحدود بزيادة الحساسية الطيفية للأجهزة الفلكية وأدوات التسجيل بما في ذلك لوحات التصوير الحساسة، إضافة إلى توسيع الرصد حتى مجال تحت الأحمر وفوق البنفسجي من الطيف الكهرمغنطيسي.
لكن الخطوة الكبرى كانت بلا شك اختراع المقـراب الـراديـوي الذي سرعان ما غدا أهم فروع الفلك على الإطلاق (الشكل-3).
تتميز المقاريب الراديوية بأحجامها الكبيرة وهوائياتها الموجَّهة التي يجري تشغيلها مع مضخمات فائقة الحساسية وآلات تسجيل خاصة. وقد كشفت المقاريب الراديوية عن الوجود المتوقع للإشعاع الحراري في القطاع الراديوي من الطيف، وكذلك عن وجود الإشعاع غير الحراري الناجم عن تسارع الإلكترونات إلى سرعات نسبية عالية. ومن أهم المصادر الراديوية غير الحرارية في القبة السماوية: المجرات الراديوية والكازارات quasars والمتجددات الجبارة السوبرنوفا supernova. يضم الطيف الراديوي أيضاً خطوطاً راديوية في الامتصاص وفي الإصدار، وتُعزى هذه الخطوط إلى التحولات منخفضة الطاقة في الذرات والجزيئات، إن خط الـ 21سم للهدروجين الطبيعي هو أشهر الخطوط الراديوية الذرية. وقد ساعدت المقاريب الراديوية على الكشف عن وجود أعداد متزايدة من الجزيئات المعقدة في الفضاء الكوني. أما في الفلك الراداري فتستخدم المقاريب الراديوية لإطلاق نبضات قصيرة من الطاقة صوب جرم كوني من الأجرام الواقعة بالضرورة في المجموعة الشمسية.
استطاع علماء الفلك الراداري أن يكشفوا النقاب عن سطح كوكب الزهرة لأول مرة؛ بإطلاق الموجات الرادارية التي اخترقت غلافه الجوي الكثيف. ويوجد في عدد من المقاريب الراديوية حول العالم خرائط مفصلة لسطح كوكب الزهرة. كما استخدمت الموجات الرادارية لقياس المسافة بين الأرض والشمس.
الرصد خارج الغلاف الجوي
تحقق الرصد الكامل لقطاعات الطيف الكهرمغنطيسي كافة للأجرام الكونية بتجاوز الغلاف الجوي للأرض العاتم بالنسبة إلى عدد من القطاعات المذكورة، وذلك بإطلاق المناطيد (البالونات) إلى ارتفاعات عالية، وكذلك الصواريخ ووضع التوابع الصنعية في مدارات حول الأرض خارج الغلاف الجوي. وقد استطاعت المسابر الفضائية الموجهة إلى القمر والكواكب الأخرى في المجموعة الشمسية أن تضع أجهزة خاصة في مدارات حول الأجرام المذكورة وعلى تلك الأجرام أيضاً (الشكل-4). حقق علم الفلك للمجموعة الشمسية تبعاً لذلك قفزة جبارة. وقد درست معظم كواكب المجموعة الشمسية بدقة، وأخذت المعلومات الخاصة بتلك المجموعة تتراكم بوتائر عالية.
فلك الأشعة السينية
يدرس هذا الفرع من علم الفلك إصدار الأشعة السينية من مختلف الأجرام الكونية بدءاً من النجوم إلى المجرات وانتهاء بالكازارات.
يعدُّ فلك الأشعة السينية رافداً حديثاً لعلم الفلك القديم. وقد رُصد أول مصدر كوني للأشعة السينية في العام 1962 بوساطة صاروخ. يصنف فلك الأشعة السينية في عداد العلوم الفضائية، إذ لابد لإجراء الأرصاد فيه من إطلاق الصواريخ إلى أعالي الغلاف الجوي، وكذلك وضع التوابع الصنعية حول الأرض. ويُعزى ذلك إلى حقيقة أن الغلاف الجوي للأرض يمتص الأشعة السينية فيحجبها عن العلماء على سطح الأرض. يمتد قطاع الأشعة السينية في الطيف الكهرمغنطيسي بدءاً من طول الموجة 10-9سم تقريباً وحتى طول الموجة 10-6سم حيث تقابل الأطوال الموجية القصيرة فوتونات عالية الطاقة، ويقسم فلك الأشعة السينية إلى قطاعين عريضين: اللين والصلب تبعاً لطاقة الإشعاع قيد البحث. لابد للأرصاد في القطاع اللين من أن تجري بعيداً عن الغلاف الجوي، في حين يمكن أن تنجز أرصاد القطاع الصلب في أعالي الغلاف الجوي باستخدام المناطيد. وهناك حد للطيف الملاحظ عند الطاقات المنخفضة يفرضه الهدروجين الطبيعي في الفضاء لامتصاصه الطاقة.
تُجري التوابع الصنعية مسحاً شاملاً للمصادر الكونية التي تطلق الأشعة السينية. وكان من نتيجة ذلك اكتشاف العديد من تلك المصادر. وقع العلماء أيضاً على خلفية منتظمة من الأشعة السينية في بقاع القبة السماوية كافة وقد تبين أن هذه الخلفية تتضمن مركّبتين. يهيمن على الخلفية المذكورة في الطاقات المنخفضة الإصدار الخاص بمجرة درب التبانة. أما في الطاقات الأعلى فتأتي موجات الأشعة السينية من أجرام تقع وراء المجرة. ويفسر العلماء الطاقات الأعلى بمصادر منتشرة تمثل الغازات الحارة أو الجسيمات عالية الطاقة، كما يعللونها بتراكب الموجات المنبعثة من منابع منفصلة بعيدة عن مجرة درب التبانة (الشكل-5)، ويرى بعضهم أن المنابع الأخيرة قد تكون مسؤولة عن 30% من خلفية الأشعة السينية ولربما عن الخلفية برمتها. وإن صح ذلك، يعدم الكون الكمية الضرورية من المادة لوقف تمدده.
يعني ما تقدم أن هذه الكمية من المادة إن وجدت فإنها تأخذ شكلاً غير مرئي كالمادة العاتمة في الكون أو الثقوب السوداء الموزعة فيه.
فلك الأشعة تحت الحمراء
يُعنى هذا الفرع من علم الفلك بدراسة القطاع الكهرمغنطيسي الذي تراوح أطواله الموجية بين 1 و300 ميكرو متر، وقد غدت هذه الدراسة ممكنة بسبب التقدم التكنولوجي الهائل الذي تجسد على نحوٍ خاص بظهور حساسات الحالة الصلبة، والتي حوَّلت فلك الأشعة تحت الحمراء من بحث صعب إلى تطبيق سهل في المقاريب المعتادة والمتخصصة. تمَّ بناء مقراب لرصد الأشعة تحت الحمراء بقطر ثلاثة أمتار في هاواي في موقع يكاد أن يكون خالياً من بخار الماء، واستخدم الطيران على ارتفاعات عالية لأبحاث فلك الأشعة تحت الحمراء وذلك بتحميل الأجهزة الضرورية على طائرات خاصة، وتسهم التوابع الصنعية بقسط وافر من الأبحاث المذكورة.
تتوضع الطاقة الأعظمية للجسم الأسود عند طول الموجة 2900 ميكرو متر/T؛ حيث T هي درجة الحرارة المطلقة مقدرة بالكلفن (K). تقيد النبضة الأصغرية الممكنة الرصد بعاملين هما:
1 - الضجيج الحراري thermal noise في المقراب والضجيج الحراري الفائق في الحساسات (المِحسات).
2 - اضطرابات الضجيج الحراري في الغلاف الجوي للأرض (والذي يقع بالقرب من 300 كلفن).
يمكن تخفيض أثر العامل الأول باستخدام حجب واقية مناسبة وبتشغيل الأجهزة عند درجات حرارة منخفضة (بالإفادة من الهدروجين والهليوم السائلين)، وإذا أُجريت الدراسة بوساطة الطائرات فيمكن حذف أثر العامل الثاني بالتحليق على ارتفاعات عالية جداً. وتوفر التوابع الصنعية والتكنولوجيا المتقدمة ظروفاً مناسبة للتخلص من الآثار المعزوة إلى العاملين المذكورين.
تطلق كواكب المجموعة الشمسية موجة في مجال الأشعة تحت الحمراء، وقد تعوق الأغلفة الجوية للكواكب إعادة الإطلاق هذه مما يؤدي إلى رفع درجات الحرارة عليها بفعل الدفيئة الزجاجية كما في حالة كوكب الزهرة، حيث تبلغ درجة حرارة السحب المرئية هناك 50 ْس تحت الصفر المئوي وأدى تراكم هذه السحب إلى رفع درجة حرارة سطح كوكب الزهرة بفعل الدفيئة الزجاجية إلى 500 ْس، تمت القياسات في هذه الحالة في مجال الأشعة تحت الحمراء
تطلق في مجال الأشعة تحت الحمراء
أدت دراسات فلك الأشعة تحت الحمراء إلى اكتشاف نجوم حمراء شديدة البرودة. ينجم احمرار بعض النجوم عن الغبار الكوني الذي يتوسط الفضاء بيننا وبينها. كما أدت الدراسات المذكورة إلى اكتشاف سحب مجرية باردة. وإن إصدار الطاقة في مجال الأشعة تحت الحمراء هو ظاهرة فعالة وشائعة في كثير من الأجسام الكونية أعطت هذه الحقيقة موقعاً متميزاً لفلك الأشعة تحت الحمراء.
فلك أشعة غاما
يتخصص هذا الفرع من علم الفلك بدراسة إشعاعات غاما ذات المنشأ الكوني، ويقسم إلى فصلين رئيسيين: الفصل الخاص بدراسة أشعة غاما ذات الطاقة العالية والفصل الذي يُعنى ببحث تفجرات أشعة غاما اللينة. يمتص الغلاف الجوي الفوتونات كافة من أشعة غاما ذات الطاقة العالية، لذا كان لا بد لدراستها من استخدام المناطيد على ارتفاعات كبيرة وكذلك إطلاق التوابع الصنعية.
تقع حجرة الشرر في القلب من مقراب أشعة غاما، وتشبه الحجرات المستخدمة في مسرعات الجسيمات، لكنها أصغر بكثير. يتم امتصاص أشعة غاما الواردة ضمن الصفائح في الحجرة وتتحول إلى أزواج من الإلكترونات والبوزيترونات. ولأن أشعة غاما غير مرئية لذلك يتم استنتاج المعلومات الخاصة بطاقة وجهة فوتونات أشعة غاما الواردة بمتابعة مسارات الإلكترونات والبوزيترونات التي ترافق حدوث الشرارات.
تحتشد مصادر أشعة غاما في المستوي الرئيسي لمجرة درب التبانة، بينما لا يوجد لها أثر في المناطق الأخرى، ويختلف توزيع مصادر الطاقة الكونية في القطاعات الأخرى من الطيف الكهرمغنطيسي. ويدرس الفلكيون انتشار الغاز في الفضاء بين النجوم ويستخدمون أشعة غاما لمتابعة الأشعة الكونية وتحديد كثافتها عند أي نقطة، وتفيد هذه المعلومات المجمعة في الكشف عن بنية المجرة وعن منشأ الأشعة الكونية.
العدسة الثقالية
يمكن لجرم كوني هائل الكتلة أن ينتج خيالاً مشوهاً أو مكبراً أو عدداً من الأخيلة لجسم كوني آخر أبعد منه وذلك بسبب مجال جذبه الثقالي. وقد لوحظت ظاهرة العدسة الثقالية لدى دراسة الكازارات وتبين أن الضوء القادم منها يتأثر بالمجرات وحشود المجرات التي تعترض مساره مما يؤدي إلى تكوين عدد من الأخيلة للكازار نفسه.
تنبأ ألبرت آينشتاين بوجود العدسة الثقالية عام 1936، لكن الاكتشاف الفعلي للظاهرة لم يتم إلاّ عام 1979. وإضافة للأهمية الخاصة لظاهرة العدسة الثقالية، فإنها تساعد على كشف النقاب عن الخصائص الذاتية للمجرات وللمجرات النشطة وللكازارات. كما توفر معلومات ذات أهمية كبيرة عن المقياس الإجمالي للكون وعن هندسته.
تُعزى ظاهرة العدسة الثقالية إلى انحناء مسارات الأشعة الضوئية بفعل الجذب الثقالي الذي تؤكده نظرية النسبية العامة لآينشتاين. لأن على الفوتونات، وهي الجسيمات التي تحمل الطاقة الضوئية عديمة الكتلة، يؤدي إلى استنتاج مفاده أنها تنطلق بخطوط مستقيمة غير متأثرة بأي مجال للجذب الثقالي يفرضه جسم أو عدد من الأجسام بين المصدر والمستقبل. تقوم الكتل المادية، وفق نظرية النسبية العامة، بتخليق انحناءات في الفضاءات حولها مما يجبر الأجسام العابرة على تغيير مساراتها سواءً كانت الأجسام العابرة ذات كتلة أم لا كتلة لها.
علم الكونيات وتاريخ الكون
عني علم الفلك، في جوانبه النظرية والفلسفية، منذ القدم بالموقع المركزي للجنس البشري في كونٍ محدود وضئيل نسبياً. وتحوّل هذا الأمر بكليته اليوم إلى علم الكونيات وتاريخ الكون. تميَّز ارتقاء علم الفلك وتطوره بإبعاد الجنس البشري عن موقعه المركزي في الكون تدريجياً. كان الإنسان بعالمه المحدود مركزاً للكون ثم تمت إزاحة الإنسان عن مركزيته في مرحلة تالية وغدت الشمس مركزاً للكون، وفي طور متأخر أصبحت الشمس مجرد نجم ضئيل من مجموع مئات عدة من آلاف ملايين النجوم التي تكوِّن مجرة درب التبانة. في حين أن مجرة درب التبانة هي واحدة من ملايين المجرات التي تنتشر في الكون. وكنتيجة لهذا التطور فقد مفهوم المركزية أهميته، ولم يعد هناك مركز في الكون (الشكل-7). اكتشف الفلكيون أن أطياف المجرات البعيدة تبدو منزاحة نحو الأطوال الموجية الأكبر أي نحو الأحمر. ووجدت هذه الحقيقة تفسيراً معقولاً لها في نموذج كون متمدِّد تتباعد مجراته باستمرار. وتدعم نظرية النسبية العامة هذا النموذج وتصوِّر كل مجرة في الكون باعتبارها مرجعاً ومركزاً تتباعد عنه المجرات الأخرى، بسرعات تتناسب مع المسافات التي تفصلها عن المجرة المعتبرة.
ومازال التساؤل الخاص بمستقبل الكون مفتوحاً.
هل يتوقف تمدُّد الكون ويعود إلى التقلص أم يستمر بتمدده من دون توقف؟ قبل أن يخلص الفلكيون إلى إجابة حاسمة، لابد من معرفة الكثافة الفعلية للمادة في الكون والتي تشمل فيما تشمله المادة العاتمة فيه التي يجهد العلماء لكشفها وفهم مكوّناتها. يرى بعض العلماء المتأخرين أن تمدد الكون لن يتوقف، وأن الظلمة غالبة على الكون في حين فترة تكوّن وإضاءة النجوم هي فترة استثنائية.
المراجع
الموسوعة العربية
التصانيف
الأبحاث