علموا أولادكم حفظ القرآن

بسم الله الرحمن الرحيم

واحذروا من المكافآت المستمرة:

أصبح من سمات الأطفال الصغار هذه الأيام عدم مقدرتهم علي الجلوس لمدة طويلة أمام من يحادثهم، وهو أمر يعكس سير الحياة السريعة ولذلك تبدلت أمور وتغيرت أخري، وأصبحت مسألة الحفظ تحتاج إلي أساليب جديدة لتجذب الطفل حتى يجلس ويستمع إلي محدثه وبالتالي يسهل حفظه للقرآن.

يقول الحافظ السيوطي:

تعليم القرآن أصل من أصول الإسلام فينشأ الأولاد علي الفطرة ويسير إلي قلوبهم أنوار الحكمة قبل تمكن الأهواء منها وسوادها بأكدار المعصية والضلال.

ولقد عرف الصحابة أهمية حفظ القرآن وأثره في نفوس الأبناء فانطلقوا رضوان الله عليهم يعلمون أبناءهم القرآن استجابة لتوجيهات النبي صلي الله عليه وسلم فعن مصعب بن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنهما - عن أبيه قال:

قال رسول الله صلي الله عليه وسلم \" خيركم من تعلم القرآن وعلمه \" \" رواه أحمد والترمذي \".

وكذلك السلف الصالح رضوان الله عليهم فقد ساروا المسار نفسه، وفي الطريق نفسه فقد جاء في مقدمة كتاب المعلمين لابن سحنون أن القاضي الورع عيسي ابن مسكين كان يقرئ بناته وحفيداته، قال عياض..فإذا كان بعد العصر دعا ابنتيه وبنات أخته ليعلمهن القرآن والعلم وكذلك كان يفعل قبله فاتح صقليه..أسد بن الفرات.. بابنته أسماء التي نالت من العلم درجة كبيرة. 

متي نبدأ:

إن مقدرة الطفل علي الحفظ تبدأ منذ بداية تعلم الطفل الكلام وإتقانه أي بعد ثلاث سنوات، وقال ابن عاصم: ذهبت بابني إلي ابن جريح، وهو ابن أقل من ثلاث سنين يحدثه بهذا الحديث والقرآن وقال أبو عاصم: لا بأس أن يتعلم الصبي الحديث والقرآن وهو في هذه السن ونحوه، وتختلف المقدرة علي الحفظ من طفل إلي آخر المهم أن نبدأ أو نستمر ونتحلى بالصبر وننشد الأجر.

خطوات علي الطريق الصحيح:

هناك عدة طرق يمكن أن نسلكها لمساعدة الطفل علي الحفظ والعمل بما حفظ.

1- أولاً حتى يقبل أي شخص علي عمله بإخلاص لابد وأن يحب هذا العمل ويقتنع به علي أن يكون الإقناع، والحب من جانب الأب والأم والأبناء مهما كان صغر سنهم فنحدثهم عن أهمية حفظ القرآن، ومقدار الثواب الذي يناله حافظ القرآن، وعن أهمية القرآن في حياتنا، وأن نكون نحن لهم القدوة فيروننا ونحن نمسك المصحف لنقرأ ونحفظ ولنطلب أيضاً منهم أن يجلسوا بجانبنا ونحن نقرأ فالعاطفة التي تربطنا معهم أثناء القراءة تحببهم دائماً في الحفظ والقراءة من المصحف. 

2- لابد لنا دائماً أن نهتم بشرح بسيط أثناء التلاوة حتى تتفتح معاني القرآن في قلوبهم، فكثير من الآباء يرون أن أبناءهم غير قادرين علي الفهم أو الحفظ وهذا اعتقاد خاطئ فهذا الطفل الصغير له مقدرة عجيبة في تخزين المعلومات بصورة كبيرة. 

3- ولنهدي الطفل مصحفاً خاصاً به ونعلمه كيفية المحافظة علي مصحفه ووضعه دائماً في مكان مخصص له وبذلك نكون قد علمنا أبننا حفظ مصحفه. 

4- لنلجأ للطريقة الحديثة في الحفظ من الأشرطة المسموعة ونضعها دائماً في السيارة وتوجد أشرطة خاصة لتعليم الأطفال الحفظ وأيضاً هناك أقراص ليزر للكمبيوتر. 

5- لنشرك الطفل في حلقات لتحفيظ القرآن لتكون هناك روح للتنافس في الحفظ. 

6- أن للقرآن تأثير كبير علي النفس فينيرها ويهذبها ويضرب علي أوتارها وكلما اشتدت النفس صفاءً كلما ازدادت تأثيراً والطفل أقوي الناس صفاء وفطرته ما زالت نقية، هذا بالإضافة إلي أن هذه السور تقدم للطفل موضوعاً متكاملاً بأسطر قليلة، ومن صفات هذه السور:

1- لا يضيق معها صبر الطفل الصغير.

2- تتماثل في ذاكرته بهذه الفواصل التي تأتي علي حرف واحد أو حرفين أو حروف متقاربة.

3- كلما تقدم الطفل في القراءة والحفظ وجد عملية الحفظ أصبحت أسهل. 

7- للمكافأة أثر كبير في التشجيع ولكن لا نجعلها غاية، كي لا يحفظ الطفل القرآن الكريم ليحصل علي المكافآت، ولكن لتحببه في الحفظ، ومن ثم إذا كان هناك فرصة لنكافئه علي حفظه. 

التاج:  

إن للوالدين أجر كبير في تعليم أولادهم القرآن الكريم فقد أخرج أبو داود عن سهل بن معاذ - رضي الله عنه - أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: \" من قرأ القرآن وعمل به ألبس الله والديه تاجاً يوم القيامة ضوءه أحسن من ضوء الشمس \". 

كيف أعود ابني المراهق علي القراءة اليومية للقرآن؟

يخطئ الآباء والأمهات الذين يعتقدون أنهم بالأمر أو بالترغيب فقد يتحول أبنائهم إلي أشخاص صالحون، فالتربية عملية معقدة، ومتراكمة، ولن أستطيع أن أكون سلوك أو أزرع قيمه في نفس ابني إن لم أكن أنا في البداية، وقبل أن نقول كيف نعود أبنائنا علي القراءة اليومية للقرآن، لنسأل أنفسنا: هل نحن قدوة في هذه الموضوع؟ 

والآن لنتحدث عن بقية الخطوات:

بعدما أكون قدوة في قراءتي للقرآن اليومية، لنطبق بعدها الخطوات التالية:

1- أضع جدول \" تنافس \" بيني وبينه، فيمن يستطيع أن يختم القرآن في أقل من شهرين.

2- أحدد آيات معينة في وردنا اليومي ونحاول كلانا أن نبعث لها عن التفسير.

3- ندخل أحد أقرانه معنا في التنافس وبرنامج القراءة، أحد أبناء أخواله أو أعمامه، ونتصل به كل يومين لنعلم أين وصل في القراءة.

4- اتفق مع أحد الشيوخ ليعلمه التجويد والتلاوة، وأحدد ساعات أسبوعية يمر علينا ليسمع قراءته، وأحاول أن أضيف إلي أسلوب هذا الشيخ التشويق والإثارة، وأبعده عن الروتين والأسلوب التقليدي القديم، فشباب هذا العصر يحبون الإثارة ويحبون كل جديد.

5- أتعاون مع أستاذه في المدرسة، بأن يعطي له اهتمام خاص في درس قراءة القرآن والتلاوة، ويجعله يقود الفصل معه إن رأي منه التميز، ويجعله كذلك يتلو القرآن في إذاعة المدرسة الصباحية. 

لنقرأ معاً:

يحدثنا التاريخ عن الشيخ محمد بن الجزري منذ كان أباه تاجراً وقد حرص بعد أن استجاب الله لدعاءه علي تربية ابنه تربية دينية وعلي تنشئته نشأة صالحة ولذا نشأ ابن الجذري في بيت يقدر العلم وأهله مما ساعده علي أن يتم حفظ القرآن الكريم وله من العمر 13 عاماً وأن يسمع الحديث ويقرء القراءات ويجمع قراءات الأئمة السبعة وأيضاً يجمع القراءات علي بلاد الشام. 

ويحدثنا أيضاً التاريخ أنه حين أتقن حماد بن أبي حنيفة - رضي الله عنه - سورة الفاتحة وهب أبو حنيفة المعلم خمسمائة درهم (وكان الكيس يشتري بدرهم) واستكثر المعلم هذا السخاء إذ لم يعلمه إلا الفاتحة فقال أبو حنيفة لا تستحقر ما علمت ولدي ولو كان معنا أكثر من ذلك لدفعناه إليك تعظيماً للقرآن. 

أما مكافأة الطفل فهذا صلاح الدين الأيوبي وهو في خضم المعركة يتجول بين جنوده فيجد صغيراً بين يدي أبيه وهو يقرأ القرآن فاستحسن قراءته فقربه منه وجعل له جزءاً من طعامه ووقف عليه وعلي أبيه جزءاً من مزرعته.

لقد ضاقت المساجد بالصبيان في وقت من الأوقات حتى اضطر الضحاك بن مزاحم معلم الصبيان ومؤدبهم أن يطوف علي حمار ليشرف علي طلاب مكتبه الذين بلغ عددهم ثلاثة آلاف صبي وكان لا يأخذ قابلاً عن عمله. 


المراجع

midad.com

التصانيف

عقيدة إسلامية  عقيدة  فقه العبادات   الدّيانات