منذ أن بدأت هذه الزاوية اليومية في العام 1999 لم أكتب مقالا واحدا عن شخص في موقع المسؤولية يتضمن عبارات التقدير والثناء، والسبب في ذلك قناعتي بأن المقال ليس أداة للترويج أو الإعلان أو تلميع الأصدقاء والمعارف بقدر ما هو وسيلة لنقل رأي موضوعي يبتعد تماما عن المصالح الشخصية. اليوم سوف أتحدث عن نائب جديد في البرلمان يستحق الإشادة والتقدير وذلك قبل أن يصبح شخصية مسؤولة ربما تستلم منصبا في المستقبل مع كل قناعتي باستحقاق المنصب.
ربما تكون أهم وأفضل قصة نجاح في انتخابات 2013 هي للدكتورة مريم اللوزي من الدائرة الخامسة في عمان. لم تكتف السيدة مريم بتفوقها على كافة المنافسين الرجال لتصبح أول إمرأة تحصل على صدارة دائرتها الانتخابية في الأردن ولكنها قد تكون واحدا من النواب النادرين الذين حصلوا على مقعد نيابي ليس عن طريق المال السياسي ولا القاعدة العشائرية ولا المشاعر الدينية ولكن فقط تحت تأثير عنصر واحد وهو الاحترام.
من انتخب مريم اللوزي هم حوالي 5 آلاف ناخب أردني في دائرة صعبة جدا ، ولكن غالبيتهم العظمى هم من طلابها وأهاليهم خلال 12 سنة من عملها الرائع مديرة لثانوية الجبيهة للبنات، والتي باتت بفضل أداء اللوزي المدرسة الحكومية الأفضل في البلاد وصاحبة تواجد شبه دائم في لائحة العشر الأوائل في الثانوية العامة في كل سنة. في زمن تراجعت فيه القيم التربوية يتحرك آلاف الناس من طلبة وأهالي لا تربطهم صلة قرابة ولا مال ومن مختلف الأصول والمنابت ليعبروا عن تقديرهم للمديرة التي حققت نقلة نوعية في حياتهم.
عندما استلمت مريم اللوزي مهامها كمديرة لمدرسة الجبيهة في العام 2000 كانت من أسوأ المدارس الحكومية في التحصيل العلمي ولكن إبنة المنطقة التي تتميز بعزيمة حديدية تجاوزت العوائق وبذلت جهودا خارقة لنقل المدرسة إلى مستوى يتفوق على مدارس خاصة توضع لها ميزانيات هائلة من قبل المستثمرين وأقساط الطلبة العالية. تفاعلت اللوزي مع الطالبات والأهالي ومنعت التسرب وتابعت طالباتها حتى في بيوتهن حرصا على التحصيل الأكاديمي وطورت المختبرات والأنشطة اللامنهجية وخلقت شراكات مع المجتمع المحلي ومع مؤسسات دولية مرموقة وحصلت طالباتها على جوائز وطنية وعالمية وأصبح المعدل الأدنى في الثانوية العامة يصل إلى حوالي 80 مع وجود شبه مؤكد في لائحة العشرة الأوائل.
لا أعرف السيدة مريم اللوزي شخصيا وأتمنى أن تسنح الفرصة للقائها، ولكن كل ما سمعته وقرأته عنها كان ايجابيا وبطريقة لا يوجد فيها مجاملة. في حال تحركنا نحو حكومات برلمانية حقيقية فمن هذا المنبر أدعو رئيس الحكومة القادم إلى تعيين مريم اللوزي وزيرة للتربية والتعليم لأنها قادرة على انتشال قطاع التعليم وخاصة الحكومي من الوضع البائس الذي وصله هذه الأيام وأن تعيد الهيبة للكنز الحقيقي للأردن لأن الأشخاص الذين تعبوا ونجحوا وأصبحوا نموذجا هم الذين يستحقون استلام المناصب العامة وليس الذين يسقطون بالباراشوت بسبب علاقاتهم الشخصية بمراكز القوى أو بسبب قواعدهم الاجتماعية والعشائرية.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة باتر محمد علي وردم جريدة الدستور