صبرا (وديع ـ)
(1876ـ 1952م)
وديع صبرا باحث ومؤلف موسيقي لبناني، ولد في مدينة بيروت وتوفي فيها. كان للثقافة والأدب دور بارز في حياة أسرته مما حمله على الاهتمام المبكر بالموسيقى، وقد شغف بها منذ حداثته. وكانت العائلة تمتلك آلة موسيقية قديمة تدعى هارمونيوم Harmonium، فأخذ الفتى يداعب ملامس تلك الآلة بأصابعه الرقيقة الصغيرة محاولاً إخراج بعض الألحان والأغاني والجمل اللحنية التي كانت سائدة آنذاك. في بداياته الموسيقية تتلمذ صبرا على يد موسيقي غير شهير، ولما يبلغ الثانية عشرة من عمره. ثم ذهب إلى باريس عام 1892 ودرس في المعهد الوطني العالي للموسيقى (الكونسرفاتوار) مدة سبع سنوات، عاد بعدها إلى لبنان، وأسس أول مدرسة للموسيقى، عرفت فيما بعد بدار الموسيقى، التي تعد بحق أول مدرسة موسيقية لبنانية. لكن مع نشوب الحرب العالمية الأولى (1914ـ1918) أقفلت هذه المدرسة أبوابها، وعاد صبرا إلى باريس، وقام بأبحاث موسيقية عديدة في غاية الأهمية، من ضمنها إيجاد آلة بيانو تخرج الألحان الشرقية. وبعد جهود مضنية وُفق في الوصول إلى هدفه، وذلك بالاستعانة بجهاز «قياس الصوت» (سونومتر) Sonomètre لعزف الأرباع الصوتية على آلة البيانو. ويعد هذا الإنجاز الحجر الأساس الفني الذي يمكن أن يبنى عليه البيانو الشرقي، بل العامل الأسبق لإعداد ما يحتاج إليه هذا النوع من البيانو من القواعد والشروط المتعلقة بالأصوات والنغمات الشرقية، وتحديد نسبها ومراكزها تحديداً سليماً وصحيحاً.
ويذكر الباحث الموسيقي اللبناني بشير عضيمي في كتاب «موسيقى المدينة» ما يأتي: «بعد جهود مضنية، بدأت محاولات وديع صبرا تحقيق ما سماه «السلم الموسيقي الكوني» La Gamme Universelle. والمقصود بهذا السلم هو الجمع بين الموسيقى الشرقية والموسيقى الغربية في سلم موسيقي واحد يتناسب معهما. وفي مجال التطبيق العلمي لنظرياته الحسابية تلك، اخترع وديع صبرا آلة لقياس الأصوات التي تؤلف السلم الموسيقي الكوني. وقد قادته أبحاثه في النهاية إلى اختراع بيانو شرقي ـ غربي مؤلف من لوحتي ملامس قادرتين على أداء أرباع الأصوات. وللأسف الشديد فقد تلف هذا البيانو بسبب إهمال القيمين على الموسيقى، كما تلفت الآلة الوارد ذكرها».
يبدو مما ذكر أن وديع صبرا علاّمة وباحث موسيقي، وله الفضل الكبير في تأسيس المعهد الموسيقي الوطني في بيروت، إذ بعد أن عاد إلى لبنان ليفتح مدرسته الموسيقية من جديد، في عهد الانتداب الفرنسي، أشرفت الحكومة اللبنانية فيما بعد على هذه المدرسة التي تحولت سنة 1925 إلى «المعهد الموسيقي الوطني اللبناني» الذي ترأسه صبرا حتى وفاته. وغدا التعليم فيه مجانياً وفي متناول أفراد الشعب، وأقبل الطلاب عليه من كل حدب وصوب. وساعد هذا المعهد في نشر الموسيقى، فأثرى الحياة الموسيقية وخرَّج أساتذة وفنانين كباراً.
وديع صبرا صاحب مؤلفات موسيقية عديدة، منها أوبرا «الملكان» و«رعاة كنعان» باللغة التركية، وأوبريت «ميري» Mireille باللغة الفرنسية، وله العديد من الدراسات الموسيقية والأبحاث والاتصالات مع موسيقيين أتراك لدراسة بعض الاختلافات في النسب والحسابات الموسيقية، إضافةً إلى عدد كبير من المؤلفات الموسيقية الكلاسيكية الغربية، وأبحاث شرقية وغربية. كما أن له دراسات نظرية عديدة نشر بعضها. وهو مؤلف موسيقى النشيد العثماني القديم، ومؤلف موسيقى النشيد الوطني اللبناني.
جورج روفايل
المراجع
الموسوعة العربية
التصانيف
الأبحاث