تسبب “العطل أو التخريب” الذي تعرضت له كوابل الإنترنت في عمان مساء أول أمس في الكثير من الخسائر المالية والوقت والتعاملات الرسمية والخاصة إضافة إلى الاستخدامات الشخصية لشبكة الإنترنت التي لم يعد يستغني عنها أحد. في نهاية الأمر لملمت الشركة جراحها وتم تصليح الكوابل ولكن لا توجد اية مؤشرات على تعويض للمشتركين أو المؤسسات الرسمية أو الخاصة أو المستهلكين، وربما تكون الخطوة الأقرب إلى المساءلة في هذه القضية هي إلقاء القبض على من تسبب بهذه الأعطال وتقديمه لمحاكمة عادلة نتيجة القيام بعمل تخريبي أثر على مئات الآلاف من الناس.

في كافة القضايا والحالات التي تحدث فيها مواجهات بين الدولة وفئات متذمرة ورافضة، أو حتى خلافات داخل المؤسسات الخدمية نفسها نجد أن المواطن هو الطرف الذي يدفع الثمن. ترتفع أسعار النفط وبعدها يتم رفع كافة السلع والخدمات العامة والخاصة ويتم تحويل الكلفة إلى جيب المستهلك سواء كان مشتريا للغذاء والدواء أو راكبا للمواصلات العامة أو مريضا في مستشفى أو ولي أمر في مدرسة خاصة. يعتصم موظفو سلطة المياه دفاعا عن حقوقهم الإدارية والمالية فيتم اللجوء إلى قطع المياه عن المواطنين.

العداء للدولة أو المؤسسات العامة والخاصة واستخدام كافة الأسلحة المتاحة في اعتصامات ومطالبات مالية وإدارية يتحول فورا إلى تهديد لحقوق المواطن في الخدمات والسلع التي يستحقها بناء على ما يدفع من ضرائب أو رسوم أو اشتراكات، وفي كل مرة يتم التوصل إلى حلول وصفقات تضع المواطن في موقع الضحية الوحيد.

في غياب قانون لحماية المستهلك وغياب ثقافة مدنية اجتماعية تحترم الحقوق الجماعية للمواطنين يبدو أنه لا مناص للمواطنين المتضررين إلا القيام بحملاتهم واعتصاماتهم الخاصة لحماية حقوقهم المكفولة دستوريا في مواجهة صفقات المصالح العامة والخاصة ومع الفئات الأعلى صوتا. في جامعة جرش الأهلية اتخذ الطلبة وأعضاء الهيئة التدريسية الخطوة المطلوبة في القيام باعتصام يطالب بعدم إلغاء عقوبات الفصل المتخذة بحق الطلبة المشاركين في المشاجرات الجامعية وبالتالي رفض أية صفقات ممكنة بين إدارة الجامعة وأصحاب النفوذ من وزراء ونواب وشخصيات عامة تعمل على حماية الطلبة المعتدين من حتمية تحمل مسؤولية أعمالهم.

تمكين الفئات الاجتماعية من تأسيس جمعيات وتجمعات وتيارات شعبية قادرة على حماية مصالحها هو أمر أساسي في الديمقراطية ولكن ينبغي أن يكون ضمن أطر سليمة وتحافظ على الحقوق العامة حتى لا تتغول فئات الدفاع عن المصالح على حقوق المواطنين العاديين. الأردن بحاجة ماسة إلى قانون شمولي لحماية المستهلك لا يغطي فقط حق الحصول على السلع والخدمات بالجودة المطلوبة بل أيضا استمرارية الحصول عليها دون انقطاع وعدم تحميل المواطن الكلفة النهائية لصفقات تبادل المصالح بين البيروقراطية الحكومية والقطاع الخاص.

جمعية حماية المستهلك تقوم بدور جيد ولكن غير كاف وحده حتى في سياق حماية الحقوق الأساسية، ولكن في زمن ما يسمى “الربيع العربي” وعشوائية الحراكات السياسية والاقتصادية والسياسات العامة المتخبطة، بات على المواطنين أن يجدوا وسائل أخرى ليحموا أنفسهم من أن يصبحوا الضحية الوحيدة لصراعات أصحاب المصالح مع أصحاب الصوت العالي


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  باتر محمد علي وردم   جريدة الدستور