لماذا لا أحب الشعر والروايات والمسرح؟

بالرغم من أنني مدمن على قراءة الكتب والمجلات وكافة مصادر المعرفة الحديثة منها والتقليدية، فإنني لم استطع في أية مرحلة من حياتي أن استمتع بأنماط الثقافة “الإبداعية” مثل الشعر والروايات والقصة القصيرة والمسرح وكافة أنواع الفنون الجميلة، ومع محاولاتي العديدة لتفسير السبب فلم استطع حتى الآن

بالنسبة للشعر ربما تكون الأمور واضحة لأن الفضل في عدم تذوقي للشعر على الإطلاق يعود إلى مؤلفي مناهج اللغة العربية إذْ كان اسوأ ما فيها بالنسبة لي هو المحفوظات. بالرغم من حصولي الدائم على علامات شبه كاملة في كافة فروع اللغة العربية فإن الشعر كان مشكلة كبيرة. لم أكن أعرف لماذا ينبغي على طالب في الصف السادس أو السابع أن يحفظ شعرا للمتنبي والفرزدق وغيرهما من فحول الشعر العربي، وليس هذا فقط بل الوقوف في الصف وإلقاء الشعر أمام كافة الطلبة والتعرض لتأنيب المدرس وسخرية الطلبة الآخرين.

حتى عندما أنهيت معاناة المناهج الدراسية ودخلت إلى الجامعة وبدأ الوعي السياسي يزداد وتعرفت الشعرَ الحديثَ لم استطع أن أحبه ايضا. لم أفهم ابدا ما يقوله أدونيس، بينما شعرت بعاطفة محمود درويش ولكن ليس إلى حد متميز، وأفضل ما أستطعت أن أتمتع به من شعر كان لنزار قباني وأحمد مطر وهو شعر سهل وبسيط ويصل مباشرة إلى كافة الناس.

في الروايات كانت القضية اصعب فقد حاولت كثيرا أن اقرأ الروايات المشهورة عربيا وعالميا، ولكن وبعد محاولات عديدة كانت تنتهي بعد الصفحة العشرين كحد أقصى، تمكنت من الاستمتاع فقط بروايات جابرييل جارسيا ماركيز وعلاء الأسواني. ربما تكون ثنائية غريبة ولكن هذا ما وصلت إليه، وربما يكون السبب في أن الكثير من الروايات الأخرى كان فيها نوع من الإسراف في الاستعلاء من قبل الكاتب. في مقابل عدم استمتاعي بالروايات اشعر بالكثير من الاهتمام بقراءة كتب السيرة الذاتية والتاريخ إذْ تتضمن أفضل وأهم الروايات والتي عاشها اشخاص حقيقيون في سياقها السلبي والايجابي.

في المسرح كانت الأمور شبه منتهية، فلم أحب ابدا التواجد في المسارح، وحتى عندما كان لدي صديق في الجامعة يمارس التمثيل المسرحي ودعاني لمشاهدة أحد أعماله فقد انتهت صداقتنا تقريبا منذ تلك النقطة في المسرح كما في السينما أحب الوجبات الخفيفة مثل الكوميديا الراقية والذكية ولست معنيا بسبر أغوار النفس الإنسانية وأعماق الثقافة البشرية في الأعمال المسرحية والسينمائية

أما الفنون الجميلة مثل الرسم والنحت والتصوير والفن التشكيلي فلا توجد لي علاقة بها أبدأ ولا أذكر أنني ذهبت يوما ما إلى اي معرض أو جاليري فني ولو على سبيل المجاملة.

قرأت الكثير من الكتب وشاهدت الأفلام الوثائقية والعديد من مصادر المعرفة في العلوم والسياسة والفكر والفلسفة والتاريخ وعلم النفس وشاركت في عدة نشاطات في العمل العام؛ ولكنني لم أستطع ابدا أن أتذوق منتجات الثقافة فهل هذا يعني أنني شخص غير مثقف؟ ربما، ولكن لا شك أن للثقافة حدودا أوسع بكثير من تلك التي تغطيها الأنماط الثقافية التقليدية، وأكثر الناس حظا هو من يجمع بين عدة أنواع من الثقافة الإبداعية والثقافة العامة.


المراجع

www.ammonnews.net

التصانيف

صحافة  باتر محمد علي وردم   جريدة الدستور   العلوم الاجتماعية