«تأبط شـرا» يظهر في الأردن

إذا أردنا أن نتابع تاريخ تدهور العلاقة السياسية بل حتى الشخصية ما بين جماعة الإخوان المسلمين في الأردن وما بين القيادة السياسية أو بقية القوى الشعبية والنشطاء السياسيين فإن شخصا واحدا سيكون دائما في الصورة وهو من قيادات الإخوان بل أنه يقوم بدور الناطق الرسمي باسمها.

مشكلة هذا القيادي والذي ظهر على الساحة السياسية منذ بضع سنوات أنه شخص صدامي ومثير للاستفزاز في كافة التصريحات التي يطلقها. وما يزيد الأمور سوءا أنه الشخص المكلف من قبل الجماعة بالتعبير عن موقفها، وفي كل مرة “يعبّر” من المؤكد أنه قادر على خلق مشكلة سياسية في البلاد، ولكن قدراته تجاوزت ذلك في تصريحه الأخير.

في مقابلة بثت على إحدى الفضائيات العربية طالب القيادي الإخواني الأردني بحدوث حالات تمرد في صفوف الجيش المصري وتأسيس ما يسمى “الجيش المصري الحر” وذلك من أجل استعادة السلطة السياسية لمصلحة الإخوان المسلمين وشق صفوف الجيش المصري وبالتالي التسبب في مواجهة وصراع وحرب أهلية تشبه ما يحدث في سوريا. تصريح يفتقر تماما إلى أبسط قيم المسؤولية ويشكل تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية لدولة شقيقة لا يمكن قبوله أردنيا ولا يمكن ايضا تحمله من قبل الإخوة المصريين.

منذ اليوم الأول لإزاحة الرئيس السابق محمد مرسي راهن الإخوان على حدوث انشقاق في الجيش المصري وهذا لم يحدث وبالتالي زاد مستوى الانفعال إلى الدرجة التي تجعل القيادي الإخواني الأردني يطالب مباشرة بوصفة من الخراب لمصر الشقيقة فقط بهدف استعادة سلطة خرج 20 مليون مصري للتخلص منها.

مثل هذا التصريح وهذا الكلام غير المسؤول ليس غريبا عن هذا القيادي والذي له تاريخ طويل في التصريحات المسيئة للنظام وللقوى السياسية ولكافة النشطاء في العمل العام من غير الإخوان في الأردن إلى درجة اصبح الكل يستعيذ بالله من اية مناسبة يظهر فيها هذا القيادي. لقد أنتجت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن خلال تاريخها العديد من القياديين الكبار الذين كانوا من رموز الدولة حتى لو لم يشاركوا في المؤسسات الرسمية لكنهم كانوا دائما يتمتعون باحترام كبير وتبجيل من قبل كافة القوى السياسية والمجتمع بشكل عام وكان ذلك نتيجة فهمهم السليم لأخلاقيات الإسلام الحقيقي والتي تظهر في سلوكهم وكلامهم ومواقفهم السياسية التي تجمع ولا تفرق بين الأردنيين.

نتمنى من عقلاء الحركة الإسلامية العودة إلى هذه القيم العظيمة، واتخاذ قرار بكف لسان هذا القيادي عن الحديث باسم الجماعة لأنه بالفعل قادر على تشويه سمعتها وخلق مشاكل لا داعي لها في كل مرة يتحدث فيها. في الحركة الإسلامية الكثير من القيادات التي يمكن أن تقوم بدور الناطق الرسمي بطريقة ايجابية وبنائة وتفهم معنى المسؤولية والتفكير السليم قبل النطق. إذا أرادت الحركة الإسلامية أن يكونوا جزءا رئيسا في الإصلاح السياسي في الأردن من المهم “إصلاح” خطابهم السياسي أولا والتوقف عن لغة التصعيد والتهديد والتي وصلت إلى الدعوة الصريحة لتهديد الأمن القومي لدولة شقيقة تنفيذا لمصالح حزبية.

في القرن الحادي والعشرين ظهرت شخصية تأبط شرا من جديد في الأردن وحان الوقت لأن تعود إلى التاريخ.


المراجع

www.ammonnews.net

التصانيف

صحافة  باتر محمد علي وردم   جريدة الدستور   العلوم الاجتماعية