نهاية الطريق لمشـروع قناة البحرين؟
قبل خمسة اشهر تقريبا كتبت في هذه الزاوية مقالا بعنوان “قناة البحرين: هل أصبح البديل حتميا؟” تتضمن وجهة نظر تتعلق بمستقبل مشروع قناة البحرين بعد الكشف عن نتائج دراسات الجدوى الاقتصادية وتقييم الأثر البيئي التي أعلن عنها البنك الدولي آنذاك. هذه الدراسات وضعت الكثير من علامات الاستفهام حول المشروع وجدواه الاقتصادية كما وضعت الحكومة أمام تحد في ضرورة التفكير بالبدائل وجاء في نهاية المقال “يمكن دائما التفكير بمنظومة من البدائل منها تنفيذ مرحلة أولى بكلفة 2-3 مليارات لتزويد كميات مياه معقولة واختبار الظروف البيئية المرافقة لها، كما يمكن التفكير ببناء محطة تحلية في العقبة لضخ مياه محلاة إلى حوض الديسي لترتبط فورا مع مشروع نقل مياه الديسي وتسهم بتخفيض تركيز المواد المشعة في نفس الوقت وبتكلفة أقل من قناة البحرين.”
قبل أسبوعين تقريبا وفي ورشة عمل نظمتها مؤسسة إدامة المختصة بقضايا الطاقة والمياه والبيئة كشف وزير المياه والري ووزير الزراعة حازم الناصر عن وجود توجه لدى الحكومة بالتخلي عن مشروع قناة البحرين وتنفيذ منظومة من المشاريع الأصغر حجما والأقل تمويلا والأقل ايضا من حيث التأثير البيئي ولذلك لتوفير كميات إضافية من مياه الشرب لمحافظات العقبة وعمان ومحافظات أخرى. إعلان الوزير الذي لم يحظ بما يستحقه من اهتمام إعلامي ربما بسبب طغيان موضوع مياه الديسي على الساحة في الأيام الماضية يعلن رسميا واستراتيجيا أن مشروع قناة البحرين ربما وصل إلى نهاية الطريق.
صحيح أن سنوات طويلة مضت في تنفيذ الدراسات والتجارب والخطط والتي استنزفت الوقت والجهد وأموال البنك الدولي، ولكن في نهاية الأمر تمكنت الوزارة من أن تصل إلى حالة نتمنى أن يصلها كافة المسؤولين في الأردن وهي الجلوس في غرفة والتفكير مليا في تبعات مسار من الواضح أنه لن يقود إلى النتيجة المطلوبة وبالتالي البحث عن البدائل الأخرى وعدم الاستمرار في خداع الذات والآخرين.
البدائل التي يقدمها وزير المياه تتمثل في إنشاء محطة تحلية في العقبة لتقوم بتحلية ما مجموعه 85 مليون متر مكعب من المياه وحفر مجموعة من الآبار الجوفية العميقة في المناطق الجنوبية لضخ المياه وغيرها من البدائل التي يمكن التفكير بها مع توفر الأموال وتقدم التكنولوجيا. هذه البدائل، يمكن تنفيذها بشكل تدريجي في السنوات العشر القادمة بعد أن منح نجاح مشروع الديسي فرصة لالتقاط الأنفاس لبضع سنوات.
من المهم التذكير بالأسباب الثلاثة الرئيسة التي تمنع المضي قدما في تنفيذ مشروع قناة البحرين وذلك حسب نتائج الدراسات. القضية الأولى هي تمويل المشروع والذي تصل قيمته إلى 10 بلايين دولار ويبدو من الصعب جدا الحصول على هذا التمويل في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية في العالم. القضية الثانية تتعلق بالآثار البيئية المحتملة من مزج مياه البحر الأحمر والبحر الميت. تشير دراسة الخبراء إلى أن إسالة كمية تقل عن 400 مليون متر مكعب من مياه البحر الأحمر إلى الميت سنويا لن تؤدي إلى أية تأثيرات بيئية ملحوظة ومهمة، ولكن بعد ذلك سيتم تكوين طبقة الجبس على المياه نتيجة اختلاط السلفات من البحر الأحمر مع الكالسيوم من البحر الميت. المشكلة هي أن الدراسة نفسها تشير بأن استعادة البحر الميت لتوازنه المائي ومن ثم ارتفاع منسوبه ( وهذا من أهم أهداف المشروع) لن يتحقق إلا في حال تم ضخ كمية 700 مليون متر مكعب وأكثر. القضية الثالثة هي كمية وكلفة الطاقة. يحتاج الكثير في حال اكتماله إلى مصدر للطاقة يزود 800 ميغاواط سنويا وهذه كمية كبيرة جدا ومن الصعب تخيل وجود مصدر ملائم لها وبكلفة معقولة.
كنت أتمنى لو جلست الحكومة لمناقشة الانتخابات البلدية وقانونها كما جلست وزارة المياه لمناقشة قناة البحرين، وذلك استباقا من التوجه الحتمي إلى حائط مسدود
المراجع
ainnews.net
التصانيف
صحافة باتر محمد علي وردم جريدة الدستور العلوم الاجتماعية
|