الاخوان أمام القضاء؟ ليست هذه هي الأولوية 

اهتمت الأوساط السياسية كافة يوم أمس بالخبر الذي نشرته “الدستور” من مصادر عالية المستوى في الدولة بأن هنالك توجها لتحويل ملف “الاخوان المسلمين” للقضاء وذلك نتيجة اسباب سياسية ومالية وغيرها. ردود الفعل اختلفت ما بين مؤيد ومعارض، وأعتقد بأن الواجب المهني والوطني يقتضي التعبير عن كافة الآراء بحرية وبدون تقييد طالما أنها تهدف إلى مصلحة الدولة والمجتمع.

ربما يستشعر البعض في الدولة حاليا بأن المرحلة التي نعيشها تشكل نقطة ضعف للاخوان المسلمين يمكن استثمارها وذلك بعد تراجع نفوذ وتأثير المحور الذي كان يدعم الاخوان المسلمين في الأردن (رئاسة مصر، الثورة السورية، الدعم التركي والقطري وإعلام قناة الجزيرة) ولكن السؤال الأهم هو حول النتائج الاستراتيجية لمثل هذا التوجه على العمل السياسي في الأردن.

في مرحلة ضعف الاخوان المسلمين يبدو التوجه الأفضل هو التسريع في مسار الإصلاح السياسي وخاصة تعديل قانون الانتخابات وبدء عملية تعديل جديدة للدستور والعمل الجدي على مواجهة الأسباب الجذرية للاحتجاجات التي تصاعدت وتيرتها في الأردن في السنوات الماضية وخاصة غياب العدالة في توزيع مكتسبات التنمية والخدمات العامة في المحافظات. استهداف الاخوان المسلمين بالذات في عملية تحقيق قضائي في هذه الفترة سوف تمنحهم الفرصة لممارسة الدور الذي يعشقونه وهو دور الضحية المظلومة، وبالتالي الحصول على مزيد من الشعبية التي بدأت تتراجع بشدة في الفترة الماضية.

ربما أكون آخر شخص في الأردن يدافع عن الاخوان المسلمين ولا أثق بهم ابدا ولكن الاعتراض على هذا التوجه لتحويلهم للقضاء حاليا يرتبط بحقيقة أن عملية الإصلاح في الأردن ليست مكتملة وليست مقنعة للأوساط السياسية ولا حتى للرأي العام. الأردن يحتاج إلى المزيد من الأحزاب والمزيد من الحريات السياسية وإلى قانون انتخابات يدعم العمل الحزبي وإلى تحول سريع ومنهجي من دولة ريعية إلى دولة ديمقراطية وطنية وتجفيف كافة منابع الغضب والاحتجاج التي تحرك الشارع الأردني وتهدد الأمن والاستقرار.

عندما يكتمل مسار الإصلاح السياسي في الأردن يمكن للدولة أن تخوض معاركها مع القوى السياسية السلبية بمنتهى الراحة والثقة وبالاستناد إلى قاعدة شعبية واسعة مؤيدة لها، ولكن دخول هذه المعركة حاليا سوف يؤدي إلى استقطاب جديد نحن في غنى عنه ويكون في مصلحة الاخوان على المدى البعيد.

إذا كانت جماعة الاخوان تتجاوز القانون وتهدد الأمن الوطني فلا أحد ينكر حق الدولة في التدخل ولكن من الضروري دراسة النتائج المترتبة على ذلك وأن تكون هنالك خطط بديلة ومساندة للتعامل مع كيفية تحول الظروف. لكن من المهم التأكيد بأن الأولويات الوطنية هي في تأسيس واستكمال النموذج الإصلاحي الذي يقوي الدولة ويضعف الأخوان عن طريق سحب ذريعة المظلومية والضحية منهم وتهيئة الظروف المناسبة لإنشاء أحزاب وطنية قادرة على التنافس السياسي مع الأخوان.

وجود جماعة الأخوان المسلمين في العلن وأمام الدولة وربما ضمن قيادة جديدة قادرة على التعامل الإيجابي مع الواقع أفضل بكثير من دفع الأخوان وقاعدتهم الجماهيرية إلى العمل السري والمزيد من التطرف. هذه وجهة نظر تلتزم لمصلحة الدولة والمجتمع الأردني لا بد من عرضها.


المراجع

www.ammonnews.net

التصانيف

صحافة  باتر محمد علي وردم   جريدة الدستور   العلوم الاجتماعية