عثمان (محمد ـ)
(1855ـ 1900)
محمد عثمان موسيقي مصري، أحد أعلام التلحين والغناء في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ولد في القاهرة وتوفي فيها. كان والده الشيخ عثمان حسن فقيهاً ومدرساً في جامع السلطان أبي العلاء، فتفتحت مدارك الطفل محمد في حلقات الذكر، ونمت ذائقته الموسيقية، وتمتع منذ صغره بجمال الصوت.
في مطلع صباه، دفعه والده إلى العمل في (ورشة) للحدادة، ولمّا أنس عنده جمال الصوت والميل إلى الغناء أخرجه من (الورشة)، وأدخله في تخت[ر. الفرقة الموسيقية] المنسي الكبير مردداً، ثم انتقل محمد عثمان إلى تخت علي الرشيدي، وساعده ذلك على تعلم أصول الغناء. وفي الوقت نفسه درس الموسيقى على يد عدد من أعلامها آنذاك مثل محمد عبد الرحيم المسلوب، والشيخ محمود خضر، فتمكن من المقامات[ر. الموسيقى العربية] الموسيقية والإيقاعات، وصار عازفاً مجيداً على آلة العود.
ولما اشتهر في الغناء، كوّن تختاً خاصاً به، وانتشرت شهرته في طول مصر وعرضها، وصار منافساً قوياً لعبده الحامولي، لكنه فقد صوته وهو في قمة شهرته مطرباً، فاتجه نحو التلحين، فأبدع فيه أيما إبداع.
برع محمد عثمان في تلحين الأدوار خاصة، فلحن أجمل الأدوار وأصعبها، وابتكر (الهنك) في الدور، الذي هو الأخذ والرد بين المطرب والجوقة الغنائية (الكورس) لأحد أغصان الدور.
وإذا كان غناؤه لم يصل إلينا ـ لأن التسجيل لم يكن قد عرف بعد في مصر، وإنما عرف عام 1905ـ فإن ألحانه من الأدوار وصلت إلينا عبر أصوات المطربين الذين سجلوها فيما بعد، ورددوها في حفلاتهم، أمثال: سلامة حجازي، وزكي مراد، وصالح عبد الحي. ومن أشهر الأدوار التي لحنها محمد عثمان «ياما انت واحشني»، و«أصل الغرام نظرة»، و«حظ الحياة»، و«عشنا وشفنا»، و«كادني الهوى» وغيرها.
ومثلما برع محمد عثمان في تلحين الدور، برع أيضاً في تلحين الموشح[ر. الأغنية]، ومن أشهر موشحاته موشحا «ملا الكاسات وسقاني»، و«اسقني الراح وامزج الأرواح»، والموشح الأول شدا به العديد من المطربين مثل سيد شطا، وأحمد صابر، ومحمد عبد الوهاب. كما برع عثمان أيضاً في تلحين الأناشيد.
ومن نشاطاته الفنية أنه زار الأستانة مع عبده الحامولي، واجتمع بأساطين فن الغناء الأتراك فاستفاد منهم وأفادهم.
يُعد محمد عثمان حقاً مؤسس فن الغناء العربي المعاصر، فقد خلّص الموسيقى العربية من الرطانة التركية والفارسية التي كانت مسيطرة عليها، وطوّر الدور فأبعده عن الرتابة المملة التي كان يعانيها، وجعله أكثر حيوية.
رحل محمد عثمان وهو في قمة شبابه وعطائه عن عمر يناهز الخامسة والأربعين، وترك رحيله في الحياة الفنية فراغاً كبيراً.
أحمد بوبس
المراجع
الموسوعة العربية
التصانيف
الأبحاث