لا شك أن جميعنا شعر بالصدمة نتيجة الجريمة البشعة التي تم ارتكابها في “الصباح الدامس” في الزرقاء قبل ايام وراحت ضحيتها الفتاة الجامعية المرحومة نور العوضات. مثل هذه الأحداث تشكل تذكيرا بمدى الانحدار الذي بات يتسرب إلى أخلاقياتنا وسلوكياتنا في الآونة الأخيرة، كما أنه يمثل حالة لا بد من التصدي لكافة العناصر التي أدت لها ومن ضمنها بلا شك إيقاع أقصى العقاب بمرتكب الجريمة عند إثبات ارتكابه لها.

نمر حاليا بقضيتين مؤسفتين في هذه الحالة يجب أن نتحدث عنهما بهدوء وصراحة. القضية الأولى هي التداخل بين “القضاء العشائري والمدني”. أهالي الضحية ومعهم الغالبية العظمى من الأردنيين يطالبون بعقوبة الإعدام للقاتل نتيجة فداحة الجريمة، ولكن عقوبة الإعدام لم تنفذ في الأردن منذ العام 2006. قرار تجميد عقوبات الإعدام اتخذ تلبية لالتزامات دولية في مجال حقوق الإنسان ومطالبات من الأمم المتحدة ومؤسسات دولية أخرى. هذا القرار الذي يبدو أنه يحمل الكثير من الإشكاليات الثقافية والأمنية يسبب تشنجا في الشارع لأن أهل الضحية يدركون بأن الإعدام لن ينفذ وأحيانا يتم اللجوء إلى “الثأر العشائري” من أهالي القاتل وهذا بحد ذاته نوع من الجريمة التي لا تحقق العدالة في أي حال. لا بد من حوار وطني منظم حول قضية الإعدام، وإذا كان ثمة أغلبية شعبية تؤيد تنفيذ الإعدام فمن الضروري العودة إلى التنفيذ لأن الحفاظ على السلم الداخلي أهم من المتطلبات الدولية أحيانا.

القضية الثانية هي المستوى المؤسف الذي وصلت إليه بعض المواقع الإلكترونية بالذات في تغطية أخبار الجريمة. بالطبع حدث كهذا سوف يسترعي الكثير من الاهتمام الإعلامي وسوف تتنافس المواقع على نشر التفاصيل ومعظمها مختلق ولا يمكن أن يمت للواقع بصلة إلا إذا كان من كتبها هو القاتل نفسه أو محاضر التحقيق وهذا مستحيل. تفاصيل أخرى تخترق بشكل كبير خصوصيات العائلات التي أصبحت مرتبطة بالحدث من كلا الطرفين وكل ذلك باسلوب فج بعيد كل البعد عن المهنية الإعلامية أو اللباقة الإنسانية.

من واجب نقابة الصحافيين والمؤسسات الإعلامية الأخرى في البلاد ضبط هذا الإنحدار في الأداء الإعلامي. في كل مرة تحاول الحكومة التدخل بحجة المهنية الإعلامية للتضييق على حرية التعبير نغضب ونحتج ولكن من الضروري عدم التهرب من المسؤوليات.لا يمكن أن تبقى خصوصيات الناس مستباحة بهذه الطريقة في وسائل الإعلام بهدف نشر الأخبار المختلقة أو الصحيحة وللناس الحق في الحفاظ على حرياتهم وخصوصياتهم في الظروف الحرجة والمؤسفة التي يمرون بها.

فلتتحرك نقابة الصحافيين لتنظيف الإعلام الأردني من “سوء الاستخدام” قبل أن تغضب لتدخل الحكومة.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  باتر محمد علي وردم   جريدة الدستور