الكلفة الحقيقية لاستضافة اللاجئين السوريين 

يفتح تصريح وزير الدولة لشؤون الإعلام قبل ايام حول كلفة استضافة اللاجئين السوريين في الأردن الكثير من التساؤلات حول ضرورة توضيح الأرقام الحقيقية والتفصيلية لهذه الكلفة. التصريح يشير بأن الكلفة هي 2.1 مليار دينار في العام الحالي بينما حصل الأردن على 800 مليون دينار فقط من الجهات المانحة. هل يعني هذا أن الخزينة الأردنية دفعت 1.3 مليار دينار في العام الماضي، اي حوالي 15-20% من النفقات العامة للدولة فهل هذا الرقم صحيح؟

في حال كانت النفقات المالية هي 1.3 مليار دينار في العام الحالي فماذا ستكون النفقات في العام 2014 وهل دخلت في الموازنة العامة؟ بالطبع لا يوجد في الموازنة العامة التي سيتم مناقشتها أية ارقام حول كلفة استضافة اللاجئين والتي تعدّ أرقاما تقديرية خاصة في قطاعات التعليم والمياه والطاقة والغذاء والدعم للخبز وغير ذلك من القضايا. رقم 1.3 مليار دينار هو أيضا نفس حجم النفقات الرأسمالية المقررة في الموازنة للعام 2014 وهذا يعكس الحجم الكبير لما تقول الحكومة بأنه قد تم إنفاقه.

هنا يدخل الشيطان في التفاصيل كالعادة. من الضروري أن تكون الحكومة واضحة في تفصيل الأرقام والكلفة المالية الحقيقية التي حصلت عليها؛ لأن الرسالة التي تصل للمواطنين بأن حكومتكم قد أنفقت 1.3 مليار دينار على استضافة اللاجئين تعني أن كل القيمة التي زادت من الإيرادات الآتية من رفع الدعم على المحروقات ونسبة كبيرة من الضرائب لا تستخدم كخدمات للمواطنين بل “استضافة” للاجئين وهذا قد يتسبب في مواقف عدائية وتحميل الإخوة السوريين عبئا كبيرا من اللوم.

في الاقتصاد هنالك أهمية كبيرة جدا للأرقام وخاصة المتعلقة بالإنفاق الحكومي الذي هو حق للشعب بشكل اساس، وواجب الحكومات هو الإنفاق الرشيد والمخطط له بأولوية تقديم الخدمات العامة. إذا كان هنالك خطاب يقدم للجهات المانحة لتوثيق الكلفة المالية للاستضافة فهو لن يتم بهذه الطريقة بل من خلال تفصيل دقيق للنفقات التي يتم تقدير وجهتها بأنها تصل للاجئين سواء في المخيمات القائمة أو في كامل مساحة الأردن وبشكل غير مباشر.

من دون تقديرات دقيقة وسليمة للكلفة الحقيقية لما أنفقته الحكومة في دعم استضافة اللاجئين السوريين سيصبح هذا البند بمثابة “ثقب أسود” يبتلع الكثير من نفقات الخزينة العامة دون توثيق، كما قد يصبح بمثابة حجة وشعار يتم استخدامه لتبرير الهدر في المال العام أو ضعف مستوى الخدمات العامة المقدمة للمواطنين. قبل أن نوصل الرأي العام إلى حالة لوم اللاجئين السوريين على تراجع الفرص الاقتصادية والخدمات العامة يجب أن نحدد بالضبط ما الذي تم انفاقه من قبل الحكومة.


المراجع

www.ammonnews.net

التصانيف

صحافة  باتر محمد علي وردم   جريدة الدستور   العلوم الاجتماعية