الأوالي Protista مجموعة متباينة من الكائنات الحية، الوحيدة الخلية المجهرية الأبعاد تضم أنماطاً مختلفة الشكل والحجم والتعضي والوظيفة، لا تتجاوز أبعادها بضعة مكرونات، تعيش منفردة أو في مستعمرات، في جميع الأوساط الرطبة. وتكون نشيطة حين تكون الشروط مناسبة، وإذا ساءت هذه من حولها تحولت إلى أكياس تضمن حمايتها وانتشارها.
تضم الأوالي، حسبما حددها البيولوجي الألماني هيكل Haeckel عام 1886، النباتات الأوالي Protophyta والحيوانات الأوالي Protozoa. أما اليوم فتميز فيها الطحالب Algae الوحيدة الخلية الذاتية التغذي التي تقوم بالتركيب الضوئي. والتي تحوي صانعاتٍ خضراً وفجوات خلوية كبيرة، وتشبه أسلاف النباتات والحيوانات الأوالي التي ليس لها صانعات خضر، ومن ثم لا تقوم بالتركيب الضوئي فتستمد غذاءها من الوسط المحيط بها، وليس لها جدار خلوي. وقد تخصص الكثير من الأوالي وتميز بعضيات معقدة جداً.
توجد الأوالي حيث يتوافر الماء، فهي تكثر في البحار والمياه العذبة، وفي التربة الرطبة أو في أجسام الحيوانات. وتطفو الأشكال الذاتية التغذي التي تقوم بالتركيب الضوئي، على سطح البرك أو المحيطات، أو تسبح فيها، أما الأميبات فإنها تزحف على القاع، في حين تنمو أشكال لاطئة متنوعة متثبتةً على بعض الأجسام كالصخور وأعشاب البرك.
يعكس تصنيف المتعضيات عادة علاقاتها التطورية. لكن تطور الأوالي ما يزال غامضاً غير واضح. ويحتمل أن تكون الأوالي الحديثة قد انحدرت من المتعضيات الحقيقيات النوى Eucaryota الأولى. وقد لا يستطاع تعرف ارتباطات مجموعاتها بعضها ببعض، مع أن بعض الدراسات الكيمياوية الحيوية والوراثية توحي إلى بعض المؤشرات.
يمكن أن تقسم الأوالي إلى مجموعتين رئيسيتين: ذاتيات التغذي وغيريات التغذي. ولما كان التطور لا يحترم حدود نظم التصنيف التي يضعها الإنسان، كان لابد من وجود أنواع تقع على الحدود ولا يمكن تصنيفها. لذا فإن الحدود بين الأوالي الذاتية التغذي والأوالي الغيرية التغذي هي حدود غير واضحة تشبه التي تفصل بين الأوالي والنباتات والحيوانات. وقبل أن تُفْصَل الأوالي في مجموعة قائمة بذاتها كان علماء النبات يعدون الأوالي الذاتية التغذي نباتاتٍ (الطحالب الوحيدة الخلية). وكان علماء الحيوان يعدون غيريات التغذي حيواناتٍ (الحيوانات الأوالي). ويبقى هذا التقسيم مفيداً لأنه يبدو أن الحيوانات انحدرت من الأوالي الغيرية التغذي، ونشأت النباتات من الأوالي الذاتية التغذي. وهنالك أوالٍ لا تعرف لها امتدادات في كثيرات الخلايا.
ومع أن معظم حقيقيات النوى الوحيدات الخلية تصنف على أنها حيوانات أوالٍ، فيبدو أن لبعضها علاقة بخط تطوري محدد في الفطور أو في غيرها من النباتات لكن تصنف في الحيوانات أو في النباتات، مع ما يشابهها من كثيرات الخلايا.

فيزيولوجية الأوالي

تمثل الأوالي مجموعة غير متجانسة، حتى ليصعب إجراء تعميم حول وظائفها، فبعضها له غلاف خلوي سليلوزي، ويحيط ببعضها الآخر غلاف هلامي أو قوقعة تضمن له الحماية وتمنع تفجر خلاياه بعملية الحلول لدى تشربه الماء من الوسط المنخفض الضغط الحلولي. وللكثير من الأوالي التي ليس لها جدار خلوي فجوات نابضة تجمع الماء الزائد وتطرحه خارج الخلية. وهي تكثر لدى أوالي المياه العذبة، لكنها توجد أيضاً لدى بعض الأشكال البحرية.
يدخل الأكسجين أجسام الأوالي ويخرج منها ثاني أكسيد الكربون، بالانتشار عبر الغشاء البلاسمي. ومع أن معظم الأوالي تستطيع التنفس هوائياً، فإن الكثير منها يستطيع الحياة بالتخمر طوال حياته عند فقدان الأكسجين.
ومن أهم أسباب نجاح الأوالي في البقاء أن الكثير منها يحيط نفسه، في الشروط السيئة، بكيس يقاوم التجفاف وتبدلات الحرارة، مما يتيح للمتعضية الحفاظ على حياتها حتى تعود الشروط المواتية. وتغادر بعض الأوالي الصحراوية أكياسها بضع ساعات كل سنة لدى توافر الماء لتتغذى وتتكاثر. وتساعد الأكياس الأوالي في الانتشار، إذ يمكن أن تُحمل الخلية المتكيسة من قارة إلى أخرى في الطين الجاف على رجل بطة مهاجرة أو في فرو جرذ أو في ملابس الإنسان.
 
 
 
 
تتحرك بعض الأوالي بوساطة السياط أو الأهداب أو بالأرجل الكاذبة. وليس لبعضها الآخر أعضاء محركة.
تتحرك بعض الأوالي بضربات سياطها التي تتم بشكل تموجات تجتاز السوط من إحدى نهايتيه إلى الأخرى. وتسحب الضربات الخلية في الماء إن كان السوط في المقدمة، وتدفعها إن كان في المؤخرة (الشكل 1).
وللأهداب البنية الوظيفية نفسها التي للسياط، لكنها أقصر وأكثر عدداً. ويمكن تشبيه الحركة الهدبية بمجاديف القوارب، وينثني الهدب لدى عودته إلى حاله الأولى مما يقلل المقاومة إلى أبعد حد (الشكل 1).
أما الحركة الأميبية بالأرجل الكاذبة فهي أكثر تعقيداً ففي هذا النوع من الحركات تمتد رجل كاذبة من الأميبة [ر. الأميبيات]، ثم ينسحب باقي الجسم في اتجاه الامتداد.
تتغذى الأوالي بطرائق متعددة. فالأنواع الغيرية التغذي تبتلع الغذاء بالبلعمة (الشكل 2) أو تمتص الجزيئات العضوية الصغيرة من الوسط المحيط بها. كما تستطيع بعض الأوالي التحول من العمل بالتركيب الضوئي إلى البلعمة أو الامتصاص بحسب الشروط المحيطة بها.

ويستطيع معظم الأوالي الإحساس بالمنبهات كالضوء واللمس والمواد الكيمياوية. فالإحساس بالضوء يتم عندها بوساطة بقع ضوئية تتألف من أصبغة حساسة بالضوء توجد في عَضيات صغيرة. كما تحُس غالبية الأوالي بالأجسام التي حولها بملامستها الأهداب أو السياط. ويمكنها الإحساس بالمواد الكيمياوية، وربما يتم ذلك بتأثير هذه المواد في جزيئات البروتين الموجودة في جدرانها السيتوبلاسمية. وتستجيب الأوالي للمنبهات بسلوكية مناسبة، غالباً ما تكون بتحركها نحو المنبهات أو بابتعادها عنها.
تتكاثر الأوالي عادة بانقسام السيتوبلاسما بعد انقسام النواة انقساماً عادياً. ويتكاثر معظمها بنوع من التكاثر الجنسي، وهي، مثل معظم المتعضيات، تتكاثر تكاثراً غير جنسي، عندما لا تساعد الأحوال على التغذي والنمو، وتكاثراً جنسياً عندما تكون الأحوال مناسبة.

تصنيف الأوالي

تضم الأوالي الطحالب الوحيدة الخلية والحيوانات الأوالي.
1ـ الطحالب: مجموعة غير متجانسة تضم أشكالاً متنوعة، والطحالب الوحيدة الخلية منها هي التي تصنف في الأوالي. وهي ذاتية التغذي، تشتمل في بنيتها على اليخضور «آ» واليخضور «ب» واليخضور «جـ» إضافة إلى بعض الأصبغة الأخرى مثل الكاروتينيات. تؤلف هذه الطحالب جزءاً مهماً من العوالق plankton في المياه العذبة أو الملحة. يذكر منها:
أ ـ الطحالب النارية أو النباتات النارية Pyrophyta أو السوطيات المفزعة Dino-flagellata، وهي سوطيات بدائية لاشتمال صبغياتها (كروموزوماتها) على كمية قليلة من البروتينات، إضافة إلى التصاقها بالغشاء النووي. تتكاثر تكاثراً غير جنسي ونادراً ما تلجأ إلى التكاثر الجنسي. وهي تؤلف جزءاً من العوالق النباتية البحرية. وقد أسهمت المجموعات القديمة منها في تكوين الترسبات النفطية. بعضها عديم اللون لكن معظمها يحتوي في بنيته اليخضور «آ» واليخضور «ب» واليخضور «جـ»، ويقوم بالتركيب الضوئي.
لهذه السوطيات سوطان، يكوِّن أحدهما نطاقاً حول الخلية ويبرز الآخر من خلفها. بعضها عار، وتحيط ببعضها الآخر درعٌ سليلوزية. يتمتع بعض أجناسها، مثل Noctiluca، بالإضاءة الحيوية، أي قدرتها على إصدار الضوء. ويشتمل بعض أجناسها على صباغ أحمر، ويؤدي وجود أعداد كبيرة منها في الماء إلى تلوينه باللون الأحمر وحدوث ظاهرة تعرف باسم «المد الأحمر».

ب ـ النباتات الأُغلينية Euglenophyta: تسمى بهذا الاسم نسبة للجنس المعروف أُغلينا Euglena (الشكل 3). معظم أفرادها تعيش في المياه العذبة، وتغزر في المياه الملوثة. وهي مزودة بسوط واحد أو أكثر. وليس لها جدار خلوي، لكنها تحتوي على محفظة شفافة تحت غشائها السيتوبلاسمي. تحتوي صانعاتها الخضر على اليخضورين «أ» «ب» والكاروتينيات carotinoid. وتتكاثر تكاثراً غير جنسي بانقسامها طولياً إلى نصفين. أما التكاثر الجنسي فهو غير معروف عندها.
تُبين النباتات الأُغلينية صعوبة التفريق بين ذاتيات التغذي وغيريات التغذي. فإذا وُضعت الأُغلينة مثلاً في الظلام حيث لا تستطيع التركيب الضوئي فإنها تفقد لونها الأخضر وتصبح غيرية التغذي وتلتهم الغذاء من بلعوم لها.
وتعد النباتات الأُغلينية أكثر الأوالي شبهاً بأسلاف النباتات والحيوانات معاً. والسبب في ذلك أن أفراد معظم الأوالي الأخرى متخصصة جداً، ومن الواضح أنها تمثل النتيجة النهائية لتكيف تطوري استغرق زمناً طويلاً. وهناك سبب آخر هو أن لأشد الحيوانات والنباتات ابتدائيةً سياطاً، في نطافها على الأقل، مما يجعل التفتيش عن أصولها بين السوطيات غير المتخصصة نسبياً، مثل النباتات الأغلينية، أمراً معقولاً.
 
جـ ـ النباتات الذهبية Chrysophyta: وهي تضم المشطورات Diatoms (الشكل 4) والطحالب الذهبية Golden Algae ومعظم هذه المتعضيات ذاتية التغذي تقوم بالتركيب الضوئي. وهي توجد في البحر والمياه العذبة والمواقع الرطبة على الصخور والنباتات والأخشاب. وتؤلف المشطورات والطحالب النارية المجموعتين الرئيسيتين من العوالق النباتية البحرية. وتؤلف المشطورات مع الطحالب الخضر أهم جزء من العوالق النباتية في المياه العذبة غير الملوثة.
 
 
للمشطورات جدار خلوي متشرب بالبكتين والسيليكا SiO2، ويبدو الجدار مزيناً بحفر أو حواف متعددة الأشكال. وهي تتكاثر بكلا النمطين: الجنسي واللاجنسي، والتكاثر الجنسي هو الأكثر حدوثاً.
يقاوم الجدار السيليسي التفسخ. ولذلك تتجمع في قاع البحار بأعداد كبيرة. فإذا ارتفعت هذه القيعان، في مرحلة لاحقة، بحركات جيولوجية فإن المشطورات تظهر فوق مستوى سطح البحر. وتستخدم «صخور المشطورات» لتنظيف السطوح الفضية وصقلها وفي صناعة معجونات الأسنان ومرشحات الهواء والماء.
 
وتحتوي النباتات الذهبية على اليخضورين «أ» و«ج» وعلى صباغ آخر هو الفيكوكسانتين phycoxantin، وهو من الكاروتينيات وتمنحها اللون البني المصفر المميز لها. وهي تختزن كثيراً من الزيت، وأسهمت، مع كثير من العوالق النباتية، في تشكيل الترسبات النفطية. من أمثلتها نوكتيلوكا Noctiluca وسيراتيوم Ceratium (الشكل 4).
2ـ الحيوانات الأوالي: هي متعضيات يتألف جسمها من خلية واحدة، غالباً ما تكون مجهرية الأبعاد، ويعدها بعض علماء الحياة حصيلة تطور عن الطحالب. وهي غيرية التغذي. يعيش بعضها حياة حرة، ويتطفل بعضها الآخر على متعضيات أخرى أو يتعايش معها. وهي تضم المجموعات التالية: جذريات الأرجل Rhizopoda والسوطيات Flagellata والحيوانات البوغية Sporozoa والهدبيات Ciliata .

علاقة الأوالي بالحيوانات التوالي

تنشأ بين الأوالي والحيوانات التوالي Metazoa روابط تتجلى في مظاهر مختلفة منها المؤاكلة والتعايش والتطفل.
فالمؤاكلة commensalism مشاركة بين متعضيتين يكون ريعها لمصلحتهما، إلا أنها ليست ضرورية لوجودهما واستمرارهما في الحياة.
أما التعايش symbiosis فهو مشاركة بين متعضيتين يكون ريعها لمصلحتهما، وهي ضرورية لوجودهما واستمرارهما في الحياة، كالعلاقة بين حشرات الأَرَضَة آكلة السليلوز ومفرطات السياط Hyperflagellata التي تعيش في أمعائها، إذ تعتمد حشرات الأرضة اعتماداً كلياً على هذه السوطيات لتوفير متطلباتها من السكاكر البسيطة، وتتغذى السوطيات مقابل ذلك ببقايا المواد البروتينية الموجودة في أمعاء الأرضة.
 ويؤلف التطفل parasitism مشاركة بين متعضيتين يكون ريعها لمصلحة أحدهما فحسب دون الطرف الآخر. ويدعى المستفيد متطفلاً، كتطفل المتحولة الحالة للنسج Entamaeba hystolytica على معي الإنسان والبلاسموديوم Plasmodium على دمه وسوى ذلك.
 

المراجع

الموسوعة العربية

التصانيف

الأبحاث